أصبحت قلقاً بعد تأخر الإنجاب، فهل من حل؟
2011-11-20 08:03:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج منذ 11 سنة، ولكني لم أنجب، والسبب عند زوجتي من عدم اكتمال البويضة عندها، وكل التحاليل التي عملتها جيدة -والحمد لله- ولكن الأيام الأخيرة أنا قلق جدا، فعندي إحباط نفسي، وأعتقد أن العيب مني.
ماذا أفعل؟ هل أتزوج مرة ثانية؟ هل من حل؟ أفيدوني، وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُكرمك، وأن يرزقك من فضله، وأن يمنَّ عليك بذرية صالحة طيبة مباركة، وأن يجعل الأسباب كلها تعمل معك لتحقيق رغباتك ورغبات زوجتك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
إنه مما لا شك فيه أن من نعم الله تبارك وتعالى ومن هباته العظيمة وعطاياه الجليلة نعمة الأولاد، ولذلك سمّاها الله هبة بقوله -جل جلاله-: (يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور) وسماها نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام كذلك: (رب هب لي من الصالحين) وسماها نبيه زكريا عليه الصلاة والسلام كذلك: (رب هب لي من لدنك وليًّا * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) فهي من نعم الله تعالى وهبة من الله تعالى، وجعلها تبارك وتعالى على رأس المتع التي يتمتع بها الإنسان، كما قال: (زُين للناس حب الشهوات من النساء والبنين).
فالأبناء نعمة من أجل نعم الله تعالى علينا، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يعطيك ولا يحرمك وأن يزيدك ولا ينقصك، وأن يمنّ عليك بذرية صالحة عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.
لكن الله تبارك وتعالى كما تعلم جعل هذا الأمر من الأرزاق التي قدّرها جل جلاله قبل خلق السموات والأرض، وذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير الأولاد، فالله تبارك وتعالى خلق كل شيء بقدر، كما قال: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وقال أيضًا: (وخلق كل شيء فقدره تقديرًا) فلا يوجد شيء أبدًا خارج قدرة الله وتقديره مطلقًا، مهما كان صغيرًا أو كبيرًا، وشاء الله تبارك وتعالى أن يتأخر عنك الإنجاب أنت وزوجتك إلى وقت محدد حدده الله تعالى.
بما أن المشكلة مشكلة زوجتك في المقام الأول، وأعتقد أنك اجتهدت في علاجها، فأتمنى بارك الله فيك أن تتوجه إلى الرقية الشرعية، لأن الله تبارك وتعالى جعل في الرقية ما لم يجعله في غيره من أسباب التداوي، ومن هنا رقى جبريل - عليه السلام - النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان يرقي نفسه بنفسه، وكان يرقي أبناءه وأصحابه -صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم جميعًا-، إلى غير ذلك مما هو معلوم ومتواتر ومنتشر في كتب السنة.
لذلك أنصحك أخي الكريم الفاضل بالاستعانة بعد الله تعالى بالرقية الشرعية، وحاول أن تجتهد إما أن تقوم أنت وزوجتك برقية أنفسكما، بمعنى أن تقوم أنت برقيتها، لأنك أحرص على منفعة نفسك من أي أحد آخر، أو أن تقوم هي برقيتك على سبيل المثال، أو تقوم إحدى الأقارب كالوالدة أو الخالة أو إحدى الأخوات أو الإخوان برقيتك، وكذلك زوجتك أيضًا، لعل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بسبب الرقية، فتتحسن أحوالك، ويذهب عنك هذا الإحباط، ويمنّ الله تبارك وتعالى بذرية صالحة طيبة مباركة.
الأمر إن شاء الله تعالى سيكون سهلاً ميسورًا، وهو حلٌ بإذن الله تعالى فوق الحلول جميعًا، لأنك لجأت إلى الله واستعنت به سبحانه، وتوكلت عليه وفوضت الأمر إليه، وهو جل جلاله الذي في خزائنه كل شيء، كما قال سبحانه: (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم).
أوصيك أخي الكريم مع مواصلة عملية العلاج والفحوصات والتحاليل بضرورة عمل الرقية الشرعية وتكرارها أكثر من مرة، ولا مانع من أن تستعين بعد الله تعالى بأكثر من راقٍ، لعل الله أن يمنَّ عليك بعبد صالح يكون في رقيته الأثر والبركة، ويرزقك الله تعالى من فضله.
تستطيع كما ذكرت أن تقوم أنت بذلك بنفسك، لأن الأمر الآن سهل ميسور، فهناك كتب وكتيبات ومطويات وأشرطة وسيديهات، كلها بفضل الله تعالى تحوي الرقية سواء كان للمس أو العين أو الحسد أو كان للسحر، وكذلك أيضًا هناك مواقع على الإنترنت فيها أيضًا كلام عن الرقية، كلام رائع، ووسائل وكيفيات وآيات وأحاديث، إلى غير ذلك، فالرقية كما تعلم هي من كلام الله تعالى وكلام نبيه عليه الصلاة والسلام، ويقينًا أنها إذا لم تنفع فقطعًا لن تضر -بإذن الله تعالى-.
كذلك أوصيك أيضًا بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء خاصة التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومائة مرة مساء، كذلك أيضًا (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك أيضًا (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) أيضًا ثلاث مرات صباحًا وأخرى مساءً، مع بقية الأذكار،
اجتهد في الدعاء والإلحاح على الله تعالى فإن الله يحب الملحين في الدعاء، وعليك بتكرار دعاء سيدنا زكريا عليه الصلاة والسلام حين قال: (رب هب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) وأيضًا دعائه (رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين) ودعاء: (وارزقنا وأنت خير الرازقين) ودعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال: (رب هب لي من الصالحين)، وسوف يستجيب الله لك، وثق وتأكد من أن الله تعالى سوف يستجيب لك، كما استجاب لسيدنا زكريا بعد دعائه (رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين) قال تعالى: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى) وقال بعد دعائه (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) قال الله تعالى: (فنادته الملائكة وهو يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى) وقال الله تعالى بعد دعاء نبيه زكريا أيضًا: (رب هب لي من لدنك وليًّا * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيًا) قال الله تعالى عقب هذا الدعاء: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى).
واستجاب بعد دعاء سيدنا إبراهيم له بقوله: (رب هب لي من الصالحين) قال الله تعالى: (فبشرناه بغلام عليم). وقال الله تعالى: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبيا)، لدرجة أن امرأته العجوز العقيم (سارة) صكت وجهها وتعجبت وقالت: (عجوز عقيم) فرد عليها رسل الله: (قالوا كذلكِ قال ربكِ إنه هو الحكيم العليم).
ذلك كله يجعلك لا تيأس ولا تقنط ولا تستحسر في الدعاء، وعليك أخي الكريم بالأخذ بالأسباب، فأنت تعلم أن الله تبارك وتعالى بيّن لنا أن زكريا عليه السلام ظل فترة طويلة من الزمن لم يُرزق بأولاد، حتى إن زكريا عليه السلام تعجب من هذا الأمر خاصة وأنه قد بلغ من العمر عتيًا، وأصبح فوق التسعين وامرأته كذلك كانت عاقرا، ولكن شاء الله أن يرزقهما فرزقهما بفضله ورحمته، وكذلك الأمر مع سيدنا إبراهيم كما ذكرت لك.
فثق وتأكد من أن الله تبارك وتعالى لن ولن يتخلى عنك، وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله تعالى، وأكثر من الاستغفار فإن في الاستغفار مفاتيح فرج وقضاء ما يريده الإنسان، قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم) ما النتيجة؟
1) إنه كان غفارًا.
2) يرسل السماء عليكم مدرارًا.
3) ويمددكم بأموال.
4) وبنين.
5) ويجعل لكم جنات.
6) ويجعل لكم أنهارًا.
هذه كلها وغيرها ببركة الاستغفار، فأكثر من الاستغفار وأبشر بفرج من الله قريب، ولا مانع أن تستعين أيضًا ببعض الصدقات، لعل الله تبارك وتعالى أن يجعل فيها نفعًا، وكذلك شرب ماء زمزم ودعاء الوالدين.
هذا وبالله التوفيق.