أريد دواء لعلاج الرهاب الاجتماعي لا يؤثر على الذاكرة
2011-11-21 10:29:06 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب عمري 24 سنة، أعاني من الرهاب منذ 8 سنوات، كان في البداية بشكل بسيط، ولكن تفاقمت المشكلة في السنوات الأخيرة حتى صرت لا أحضر المناسبات الاجتماعية إلا قليلا، والأعراض التي تحدث عندي ارتجاف اليدين، تشتت، لا أستطيع النظر لمن يتحدث معي، التلعثم، أريد علاجا لحالتي، هل بإمكاني أخذ علاج من الصيدلية دون الحاجة لمراجعة طبيب، أم زيارة الطبيب لا بد منها؟
بالنسبة للأدوية فقد قرأت في المنتديات أن هناك أناسا استعملوا أدوية مجموعة (ssri)، وسببت لهم آثارا جانبية كثيرة، وأنها تسبب على المدى الطويل ضعف الذاكرة، ومشاكل في الذاكرة، ما هو العلاج المفيد لحالتي، والذي تعتبر آثاره الجانبية قليلة، ولا يؤثر على الذاكرة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الوليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الخوف الاجتماعي هو نوع من القلق النفسي الذي أصبح منتشرًا جدًّا في هذه الأيام، وإذا استطعت أن تقابل الطبيب النفسي فهذا هو الأفضل بالطبع؛ لأن العلاج لمثل هذه الحالات ليس علاجًا دوائيًا فقط، إنما هنالك توجيهات سلوكية مهمة جدًّا وجد أن الالتزام بها يفيد كثيرًا، كما أنه يمنع الانتكاسات المرضية المستقبلية التي قد تحدث بعد أن يتوقف الإنسان من العلاج الدوائي.
العلاج الدوائي لا شك أنه مفيد، ومفيد جدًّا، لكنه لا يعطينا منفردا الصورة المتكاملة للعلاج الناجع، فلابد أن يُصحَب بالعلاج السلوكي، والعلاج السلوكي بسيط، لكنه يتطلب الالتزام في التطبيق، وبكل أسف معظم الناس لا يلتزمون.
أولاً: الخطوة الأولى هي: أن يفهم الإنسان أن الرهاب الاجتماعي هو أمر مكتسب، وليس دليلاً على ضعف الشخصية، أو ضعف في الإيمان، هذا مهم جدًّا.
ثانيًا: أن ما يتصوره الإنسان ويلاحظه من تغيرات تحدث له كالتعلثم، والارتجاف، والخوف من السيطرة على الموقف، والدوخة، والتعرق أمام الآخرين، هذه المشاعر مبالغ فيها، نعم هنالك تغيرات فسيولوجية تحدث للإنسان، لكنّ الآخرين لا يراقبون هذا، لا يشاهدونها، لا يطلعون عليها، هذه حقيقة مهمة جدًّا متى ما استوعبها الإنسان الذي يعاني من الرهاب الاجتماعي فسوف تتبدل أحواله تمامًا.
ثالثًا: العلاج يجب أن يشمل المواجهة؛ لأن التجنب يزيد من الرهاب، واستنادًا على النقطة السابقة التي ذكرناها - وهي تصحيح المفاهيم - يمكن للإنسان أن يواجه، وعند المواجهة يتذكر الشخص الذي يعاني من الرهاب الاجتماعي دائمًا أن الذين يقابلهم هم بشر مثله، ليسوا أحسن منه بأي شيء، حتى وإن كانت لهم مناصب، أو كانت لهم مواقع، أو من أصحاب المال، هذا لا يجرده من إنسانيته، فهم بشر في نهاية الأمر، هذا التصور -أخي الكريم- مهم جدًّا.
رابعًا: تمارين الاسترخاء، هذه مفيدة لأن الرهاب الاجتماعي يؤدي إلى التوتر الداخلي، والتوتر لا يعالج إلا من خلال الاسترخاء، هنالك علاجات سلوكية وجدناها مفيدة جدًّا، وهي ممارسة الرياضة الجماعية، وحضور حلقات التلاوة، والصلاة في جماعة في الصف الأول، هنا قمة التعرض لموقف اجتماعي، لكنه في محيطٍ تحفُّه الرحمة، ويشوبه السكينة، وهذا يجعل الإنسان مطمئنًا.
هذه التطبيقات مهمة، وأنا دائمًا أحب أن أؤكد عليها وهي ذات فائدة.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي فأقول لك: مجموعة الأدوية مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية لا شك أنها أفادت وغيرت حياة الناس، وهي مقارنة بالأدوية القديمة مثل: الأنفرانيل سليمة، وسليمة جدًّا، وفعالة جدًّا، وما يقال أنها تضعف الذاكرة فهذا ليس صحيحًا، هذا أمر خاطئ ليس صحيحًا، هذه الأدوية ربما تؤدي إلى آثار جانبية بسيطة تتمثل في زيادة في الوزن، والبعض من الرجال قد يشتكي من تأخر في القذف المنوي، وهنالك أيضًا من ذكر أنه حدث له ضعف بسيط في الرغبة الجنسية، لكن هنالك من قال أن أداءه الجنسي قد تحسن بعد أن تناول هذه الأدوية، فهي عمومًا أدوية سليمة، لا تضر خلايا الدماغ، لا تؤثر على الكبد، لا تؤثر على القلب، أو الكلى، أو الأعصاب، وهي حقيقة كما ذكرت لك غيرت حياة الناس كثيرًا.
من أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات)، ويعرف علميًا باسم (باروكستين)، والعقار الثاني الذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت)، ويعرف أيضًا تجاريًا باسم (لسترال)، ويعرف علميًا باسم (سيرترالين)، وهي أدوية ممتازة، فعالة، لكن من الضروري جدًّا الالتزام بالجرعة، والمدة العلاجية.
إن شئت أن تتناول الزيروكسات مثلاً فتبدأ بجرعة نصف حبة - أي عشرة مليجرامات - تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم - وهذه الجرعة كافية من وجهة نظري - استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى حبة ونصف يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أود أن ألفت نظرك إلى موضوع مهم، وهو موضوع العمل، فلابد أن تبحث عن عمل، العمل مهم جدًّا، وقيمة الرجل في العمل، العمل يرفع من المهارات الاجتماعية، والمهارات النفسية، ويساعدك على التمازج، وعلى التفاعل مع الآخرين، وتكتسب الخبرات والمهارات، ولا شك أنه وسيلة مهمة جدًّا للتخلص من الرهاب الاجتماعي.
أكثر أيضًا من التواصل الاجتماعي، وقم بواجباتك الاجتماعية، وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، واحضر المناسبات، هذا كله ذو فائدة كبيرة جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.