الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك كثيرًا على رسالتك المقتضبة والواضحة .
إن مشكلتك تتخلص في أنك تعانين من وساوس قهرية بمكوناتها المعروفة، وهي الوساوس الفكرية، والتي تقودك إلى الشك في الصلاة والوضوء، وفي نفس الوقت تثير فيك نوبات الغضب وكذلك التهرب من المواقف، والشق العملي هو بالطبع يظهر في الوساوس حول الوضوء وفي أداء الصلاة ذاتها، والوساوس بصفة عامة مرتبطة دائمًا بالتردد ومعاتبة الذات كثيرًا، والتهرب من المواقف..هذه دفاعات معروف أنها ترتبط كثيرًا بالوساوس القهرية.
الوساوس هي ظاهرة عصابية، بمعنى أنها ليست مرضًا عقليًا أو مرضاً ذهانيا، والوساوس في الماضي كان يصعب علاجها لدرجة كبيرة، لكن الآن وبفضل الله تعالى بعد أن اتضحت أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالشخصية وكذلك بكيمياء الدماغ، وبعد أن ظهرت الأدوية الممتازة والسليمة والفعالة أصبح علاج هذه الوساوس في متناول اليد.
من ذكر لك بأن تتجاهلي الوساوس فهو صادق، الوساوس يجب أن يتجاهلها الإنسان، لكن هذا قد يكون صعبًا بالطبع، لأن التجاهل يزيد من القلق، لكن بالإصرار عليه وبتحقير فكرة الوسواس نفسه سينتهي بإذن الله، بمعنى أن تكون هنالك مخاطبة للنفس (لماذا أشك في صلاتي؟ لماذا أبطئ في وضوئي؟ لماذا أتهرب من المواقف؟) هذه الأسئلة لا بد أن يسألها الإنسان نفسه، ويحاول أن يقارن مع الآخرين، وبعد ذلك يصل إلى قناعة التحقير للفكر الوسواسي، ويقوم بضده بأفعال مخالفة تمامًا للوساوس، فهذا يساعد كثيرًا.
إذن: التجاهل والتحقير والفعل البديل هي العلاجات السلوكية المطلوبة لعلاج الوساوس القهرية، وقد وجد أيضًا أن تمارين الاسترخاء مطلوبة جدًّا للتخفيف من وطأة الوسواس، وهذا أمر منطقي؛ لأن الوساوس في الأصل فيها جانب القلق قوي جدًّا، والقلق يُعالج عن طريق الاسترخاء.
صاحب الوساوس يجب أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان - هذا مهم – وإذا كانت الوساوس وساوس وشيطانية فسوف يخنس الشيطان بذكر الله تعالى وسوف يزول أثره بإذن الله تعالى، فكيده ضعيف {إن كيد الشيطان كان ضعيفًا}.
الوسيلة العلاجية الأخيرة والأهم والمفيدة والسهلة في نفس الوقت هي العلاج الدوائي، وهنالك أدوية كثيرة، لكن في مثل عمرك نقول: إن البروزاك والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) هو الدواء الأمثل، حيث أن دراسات كثيرة أشارت لذلك.
شروط نجاح العلاج الدوائي تتمثل في:
1) الالتزام بالجرعة الدوائية.
2) الالتزام بمدة العلاج.
جرعة البروزاك هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
البروزاك ربما يكون متواجدًا في ليبيا تحت مسميات تجارية أخرى، اسألي عنه تحت مسماه العلمي، وإذا استطعت أن تقابلي طبيباً نفسياً فهذا أفضل كثيرًا، وأنا على ثقة تامة بأنك إذا شرحت هذا الأمر لذويك لن يمانعوا أبدًا، فهذه حالة يمكن أن تعالج ويجب أن تعالج.
بالنسبة للشكوك حول الوضوء:
• يجب أن تحددي كمية الماء،
• لا تتوضئي من ماء الصنبور،
• ضعي الماء في إناء وتذكري أن الإسراف مذموم.
• وحين تقومين ببداية الوضوء، بعد أن تعقدي النية حين تغسلي يديك قولي لنفسك (الآن غسلتُ يديَّ) ثم تنتقلي للمضمضة فتقولي (الآن قد انتهيتُ من المضمضة) وهكذا: الاستنشاق والاستثنار وغسل الوجه واليدين والمسح وغسل الرجلين، إلى أن تنتهي من الوضوء، وخذي اليقين كوسيلة للقضاء على التردد.
وهذا أيضًا بالنسبة للصلاة، فمثلاً صلاة الظهر، قولي لنفسك (لن تستغرق الصلاة أكثر من سبع دقائق معي) حتّمي على هذا الأمر، ولا تضعي الشك في نفسك، اطرديه، ولا تلجئي إلى سجود السهو كما أفاد العلماء الأفاضل بذلك.
إذن في الختام أقول لك: أبشري إن شاء الله تعالى فهذه الوساوس سوف يُقضى عليها تمامًا، والعلاج بشقيه السلوكي والدوائي مفيد، وقد أثبت جدارته تمامًا، يبقى عليك تنفيذ الإرشادات الطبية النفسية، ولا أريد أن أسميها تعليمات وإن كانت تصل فعلاً لدرجة التعليمات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
للفائدة حول موضوعك أكثر راجعي هذه الاستشارات عن:
علاج وساوس الطهارة والصلاة سلوكيا
274477-
275960 -
19564 -
1815
وعلاج الوساوس في الإخلاص سلوكيا:
199336 -
2112158