أحتاج لزوجي وهو مسافر منذ 6 أشهر.
2011-12-13 12:44:57 | إسلام ويب
السؤال:
زوجي مسافر منذ 6 أشهر تقريبا، ونحن متزوجون حديثا، وبعد سفره عرفت أنني حامل، أنا حاصلة على مؤهل عال وزوجي مؤهل متوسط، وهو ابن عمي، طلبت منه أن يعود من السفر لأنني أحتاجه جنسيا ونفسيا، ولكنه رفض، وقال أنه يبني مستقبلنا.
أنا مدمرة نفسيا، وأشعر بضيق شديد، مع اقتناعي بكلامه، لكنني أحتاجه حتى لو لعدة أيام قليلة فقط، هل أنا بهذا الطلب مخطئة، أم أصبر كما يقول لي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وفي زوجك، وأن يجمع بينكما على خير.
إنه مما لا شك فيه أنك في سنٍّ تحتاجين إلى قدر كبير من العطف والحنان والدفء العاطفي؛ لأن هذه السن وتلك المرحلة هي المرحلة التي يشعر الإنسان فيها بحاجته إلى الاحتواء، خاصة وأنك قد تزوجت، ولعل زوجك لم يمكث معك فترة طويلة فلم تأخذي حظك منه كما ينبغي، لأن قضية السفر هذه مع الأسف الشديد من القضايا التي تسبب كثيرًا من الآلام لدى أطراف الأسرة.
ومما لا شك فيه أنك كما تعانين فإن زوجك يعاني أيضًا، لأن الشاب الذي يترك زوجته وهو في ريعان شبابه يضحي بتضحيات عظيمة جدًّا، حيث إنه يعيش أحيانًا حياة صعبة جدًّا، لأنه يقوم بإعداد الطعام لنفسه، وغسل ثيابه بنفسه، وأحيانًا قد ينام بغير طعام، وقد يأكل أي نوع من أنواع الطعام، وقد يسكن في غرفة تكون مختلطة فيها الحابل والنابل والصالح والطالح، وقد يكون فيها الكثير من المدخنين وغيرهم الذين يزعجونه في غرفته، وقد يتعامل مع نوعيات من الناس في غاية السوء، وجنسيات مختلفة.
فمعاناة الرجل في الغربة أضعاف أضعاف معاناة المرأة التي تعيش بين أهلها وفي بيئتها الطبيعية، وأنا أتكلم ذلك من الواقع، باعتبار أني أرى وأعرف المئات من إخواني الشباب الذين ضحوا بحياتهم وزهرة شبابهم لكي يؤسسوا فعلاً مستقبلاً طيبًا لأبنائهم، ولكي يعيشوا في المستقبل حياة كريمة، وزوجك ليس وحده هو الذي خرج، وإنما كما ذكرت لك هناك الآلاف من الشباب، بل إن مصر لها ملايين من أبنائها في مشارق الأرض ومغاربها.
إن كلامك حق، لأن المرأة لا تصبر على زوجها في الغالب أكثر من ستة أشهر، ولذلك كان من هدي سيدنا عمر -رضي الله عنه- أنه لا يسمح لأي مجاهد في سبيل الله تعالى أن يمكث بعيدًا عن أهله أكثر من ستة أشهر، أربعة أشهر في أرض القتال وشهر سفر ذهاب وشهر عودة، ستة أشهر، وكان يطلب من قادة الجيوش ضرورة رد هؤلاء الأفراد إلى أهليهم خلال هذه الفترة، لأنه عندما سأل ابنته حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: كم تصبر المرأة على زوجها؟ فبيّنت أن هذه المدة هي أقصى ما يمكن أن تصبر عليه المرأة.
ولكن حقيقة لو نظرنا إلى الواقع لوجدنا أن كلامه فيه شيء من الإقناع، لأن ستة أشهر بالاعتبار أن زوجك يحمل مؤهلا متوسطا، فقد يكون يعمل في عمل بسيط، ولعله إلى الآن لم يستطع أن يدخر شيئًا، فإن جاءك الآن فكأن الرحلة فاشلة، لأنه طبعًا معظم هؤلاء الذين يعملون بمؤهلات متوسطة رواتبهم متواضعة للغاية، وقد تكون التذكرة في حد ذاتها مازالت تشكل عبئًا، وقد تكون عليه ديون حيث اقترض مثلاً للسفر مبلغًا من المال، أو عليه ديون من الزواج، فنجد أنه لم يوفر القدر المطلوب الذي به يستطيع أن يرجع.
ومن هنا أرى -بارك الله فيك- فعلاً أن تصبري حتى ولو على الأقل يمر العام وفي نهاية العام تطلبي مرة أخرى ليكون بمقدوره أن يرجع، لأنه كما ذكرت لك أن معظم الشباب الذين يحملون مؤهلات متوسطة رواتبهم قليلة، وأعمالهم صعبة وشاقة، لو أن زوجك كان مهندسًا أو طبيبًا أو مدرسًا أو غير ذلك لكان من الممكن فعلاً أن يوفر قدر من المال وأن يستطيع أن يأتيك مثلاً في عطلة الربيع، في إجازة نصف العام ولمدة عشرة أيام ويرجع.
أما هذه الفئة فأنا أعلم أنها الفئة قليلة الدخل، وهي الفئة التي تعاني معاناة مضاعفة، ولذلك نجد أن الثمرة قليلة بمقابل هذه الغربة، إلا أنه ما دام قد خرج فأرى أن تصبري عليه وأن تحتسبي الأجر عند الله تعالى، وأن تتضرعي إلى الله تعالى أن يخفف عنك حدة هذه الرغبة الآن، وحاولي أن تجتهدي في مسألة التغلب عليها بإقامة أي مشروع آخر.
أنت -الحمد لله- معلمة، ومما لا شك فيه تقضين وقتًا في المدرسة تعلمين أبناء المسلمين، وتتعاملين مع زميلاتك في المدرسة، فهذا نوع من التنفيس، ولكن إذا رجعت إلى البيت من الممكن أن تبدئي في مشروع حفظ القرآن الكريم، أو قراءة بعض كتب العلم الشرعي التي لم تقرئيها، كقراءة التاريخ الإسلامي أو السيرة النبوية أو الفقه أو العقيدة، المهم أن تحاولي أن تملئي الفراغ بأي شيء نافع؛ لأن ملء الفراغ يجعل التفكير في هذا الأمر يقل، أنا لا أقول ينعدم أو ينتهي، لأنها غريزة طبيعية، وهي رغبة جسدية فطرية أودعها الله تبارك وتعالى، وأنت الآن في ذروتها وفي قمتها، وكذلك زوجك، لأني أعتقد أنه لن يكون أكبر منك كثيرًا.
املئي هذا الفراغ بشيء مفيد، حفظ شيء من القرآن الكريم كأن تكون هناك مراكز تحفيظ مثلاً ترتبطي بها مثلاً، أو حلقات تعليم مثلاً في بلدتكم التي أنت بها، أو مثلاً تتعاوني مع بعض الأخوات الملتزمات على إقامة حلقة تعليم في بيتك، وتحاولي أن تملئي وقت فراغك بشيء مفيد ونافع.
وفي الليل لا مانع أن تتكلمي مع زوجك مثلا عبر النت، ومن الممكن أن يحدث بينكما شيء من الكلام الذي قد يريح العواطف والمشاعر، وبذلك تسكن هذه الرغبة شيء ما وإلى حد ما.
فعليك بالدعاء وأرى أن تصبري، وأن تحتسبي الأجر عند الله، وأبشري بفرج من الله قريب، وأسأل الله أن يوسع أرزاقكم وأن يجمعك بزوجك عن قريب.
هذا وبالله التفويق.