أشعر بفتور وضعف في الإيمان فكيف أعود إلى ما كنت عليه؟
2011-12-15 08:58:29 | إسلام ويب
السؤال:
أنا امرأة متزوجة قبل سنتين، وعندي طفلة عمرها 6 أشهر، قبل أن أتزوج كنت ملتزمة، وكنت أؤدي كل الطاعات بالتزام، وأقرأ القرآن كثيرا، وأقرأ جميع الأذكار، ولكن بعد أن تزوجت قلت هذه الطاعات التي كنت أقوم بها، وأصبح عندي قليل من الفتور، ولكني لست راضية عن هذا الأمر.
مع العلم أن عندي وقت فراغ كثير، ولكن لا أستغله بالعبادات، وأصبحت أتكاسل عن قراءة القران والأذكار حتى عن صلوات السنة، ولكن نفسيتي تعبانة من هذا الشيء، وأتمنى أن أرجع ملتزمة مثل قبل.
مع العلم أن زوجي غير ملتزم، فهو يصلي ويقطع الصلاة أحيانا، ولكن كلما أقول له صل وابتعد عن المسلسلات يغضب علي.
أريد منكم حلاً كي ألتزم في كل العبادات التي كنت أقوم بها، وما هي الطريقة التي أقنع بها زوجي كي يلتزم ويصلي بتواصل دون أن يقطع، وأن يبتعد عن المسلسلات؟
وأريد منكم جدولا يوميا للعبادات والطاعات كي أقوم بها، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم جود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً واستقامة، وأن يمنَّ عليك بالعودة إلى ما كنت عليه قبل الزواج، وأن يتفضل عليك بالمزيد من الإقبال على الطاعة ومحبته جل جلاله ومحبة النبي عليه صلوات ربي وسلامه، ومحبة العبادة التي تؤدي إلى رضاه عنك ورضوانه والجنة.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدر زوجك للمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وأن يمنّ الله تبارك وتعالى عليه بالابتعاد عن الأفلام والمسلسلات التي تقضي على الوقت وتذهب بالعمر إلى غير رجعة.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن هذه الحالة التي تعانين منها مع الأسف الشديد يعاني منها الكثير من أخواتك المسلمات، إذ أن الأخت قبل الزواج تكون متفرغة وليس لديها شواغل أو صوارف، وليست مطالبة بأشياء تجاه الآخرين إلا في حدود قليلة، فقد تكون مشغولة بنفسها أو تقوم ببعض الأدوار في خدمة والديها وإخوانها، ولكنها أحيانًا قد تستطيع أن تتحكم في ذلك على اعتبار وجود أكثر من أخت إلى غير ذلك.
أما عندما تُصبح الفتاة زوجة فإنها تشعر بأنها مطالبة شرعًا وعرفًا بالقيام بواجبات تجاه زوجها، ولذلك لن يقبل منها أحد أي عذر إذا قصّرت في ذلك، فهي مطالبة بتهيئة البيت وإعداده وتنظيفه وترتيبه، وكذلك مطالبة بإعداد الطعام وغير ذلك من الأمور الضرورية، وفوق ذلك مطالبة بتهيئة نفسها لزوجها في كل وقت وحين، حتى تكون كالوردة الجميلة الحسنة المنظر الطيبة الرائحة، خاصة إذا كانت تعرف دينها وتريد أن تلقى الله وهو عنها راضٍ.
إضافة إلى ذلك أيضًا عندما ترزق بولد أو بنت، فإن هذا أيضًا يشكل نوعًا من الالتزام والأعباء الجديدة على عاتقها، إذ أنها مطالبة برعايتها على مدار الساعة، فهي إما نائمة تنظر إليها، وإما أنها مستيقظة تريد أن تلاعبها، أو أن تطعمها وتسقيها، أو أن تغيّر لها ملابسها، وأن تميط عنها الأذى، فهذه أيضًا التزامات تأخذ من وقتها الكثير والكثير.
ولكن من رحمة الله تعالى أن الأخت الصالحة تخرج من عبادة إلى عبادة، فأنت الآن كنت تقرئين القرآن وتحافظين على الأذكار وتؤدين كثيرًا من الطاعات، الآن فتح الله لك بابًا آخر من العبادة ليس أقل أهمية من هذه الأشياء، فاهتمامك ببيتك وتهيئتك نفسك لزوجك وقيامك على خدمته وتربيتك لابنتك، هذه كلها عبادات أيضًا لها أجر، بشرط أن تكوني قد عقدت النية على ذلك، بمعنى أنك تفعلين ما تفعلين ابتغاء مرضاة الله تعالى، والتزامًا بشرع الله عز وجل، وإحياءً لسنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - .
لأن معظم الأخوات يفعلون هذه الأشياء ولكن لا ينوون بها القرب إلى الله تعالى، فتصبح أشياء عادية ليس لها أي قيمة، أما لو أنك ركزت على نية العبادة وأنك تفعلين ذلك ابتغاء الأجر والمثوبة من الله تعالى، سواء كان في حق زوجك عليك أو في حق ابنتك وتربيتها فإنك بذلك ستحصلين على ثواب أعظم وأعظم من الثواب الذي كنت تحصلين عليه قبل الزواج، لأنك الآن انتقلت من مجال عبادة إلى مجال عبادة آخر.
ولكن هذا ليس معناه أنك لا تهتمين أيضًا بالجوانب الأخرى التي كنت تفعلينها لأنها في غاية الأهمية، ولذلك لن يستطيع أحد حقيقة أن يعيدك إلى ما كنت عليه إلا أنت شخصيًا، فلابد من أخذ قرار قوي وشجاع بأن تعودي مرة أخرى إلى ما كنت، وثقي وتأكدي أنك ستجدين الوقت الكافي لمثل هذه الأعمال الرائعة التي كنت تقومين بها.
الشيطان الآن يقول (ما في وقت، ما في وقت، ما في وقت)، ويحاول أن يُشعرك بأنك كما لو كنت في مصنع لصناعة الطائرات أو كما لو كنت على جهاز مراقبة الأعداء، بمعنى أنك مشغولة على مدار الساعة ويقول أنت أفضل من غيرك بكثير، ويحاول أن يثبط همتك، وأن يُضعف عزيمتك حتى لا ترتبي وقتك ترتيبًا جيدًا.
ولذلك أقول: ثقي وتأكدي من أنك قادرة على ذلك، ولكن الأمر يحتاج إلى قرار، واعلمي أنك إن قررت فسوف تجدين الوقت الكافي لجميع العبادات التي كنت تقومين بها، ومن هنا فإني أنصحك بداية أن تبدئي بصلاة الفجر في وقتها، وأن تضعي لنفسك سبيلاً لذلك، إما أن تكون عن طريق المنبه، أو عن طريق مثلاً جرس الجوال، أو عن طريق اتصال إحدى الأخوات أو قريباتك أو أقربائك مثلاً لإيقاظك لصلاة الفجر، وأن تصلي الفجر في وقتها، ثم بعد ذلك بعد صلاة الفجر عادة ما يكون الزوج نائمًا والبنت كذلك، تبدئي في قراءة وردك من أذكار الصباح وكذلك قراءة وردك القرآني، فتبدئين يومك بشحنة إيمانية عالية، وتحرصي في خلال وقتك أن تكوني مثلاً مستمعة للقرآن الكريم ما دمت تقرئين الورد صباحًا، وتدخلين بعد ذلك في أعمال الدنيا لأن زوجك يحتاج إلى إعداد الإفطار وابنتك، إلى غير ذلك، فاستعيضي عن ذلك بالاستماع.
اجعلي إذاعة القرآن تعمل على مدار الساعة، وحاولي أن تستغلي وقتك في التركيز عليها، وإذا كنت بعيدة عن المذياع فحاولي أن تكثري من ذكر الله تعالى والصلاة على النبي محمد عليه صلوات ربي وسلامه بنية العبادة والقربة، املئي فراغك بذكر الله، لأن الذكر عبادة سهلة ميسورة لا يحتاج منك إلى شيء.
إذن إما ملء الفراغ بالاستماع إلى شيء من إذاعة القرآن الكريم، وإما أن يُملأ بالاستماع إلى المحاضرات التي من الممكن اقتناؤها في موضوعات معينة عن طريق المسجلات والإنترنت، وإما بالأذكار المتصلة التي لا تتوقف أبدًا، كذلك أيضًا بالدعاء لزوجك، واستغلال الفرصة المناسبة لدعوته، لأن زوجك ما دام يصلي ويقطع فهو فيه خير، لكنه يحتاج إلى زيادة جرعة الخير هذه، ولن تزيد هذه الجرعة إلا بالدعوة والدعاء، فاستغلي الوقت المناسب للكلام معه حول موضوع الصلاة وفضلهاوثمارها الدنيوية والآخروية وأهميتها .......، ولا تتكلمي عن موضوع الصلاة في أي وقت يكون فيه مغضبا أو في حالة من التعب والإرهاق، واحرصي أن يكون أسلوبك أسلوب الحريصة والمحبة لزوجها الخائفة عليه.
والله الموفق.