أرفع صوتي أمام والدتي ، كيف أتخلص من هذا الخلق السيء؟

2011-12-25 09:57:48 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أحب أمي وأحترمها، وأعلم أنه لا طعم لحياتي بدونها، ولكنني سريعة الغضب معها، عندما تفعل شيئا غير صحيح بالنسبة لي أغضب وأبدأ بالصراخ، ثم أندم على الذي فعلته وأقول يا ليتني لم أفعله ولم أرفع صوتي عليها ولم أغضب، وأندم كثيرا لأنني جعلتها حزينة، ولكني لا أعرف كيف أتحكم بغضبي؟

مع أني لا أغضب على صديقاتي، وفي بعض الأحيان أغضب أختي أيضا، لا أعلم ماذا أفعل؟ أنا أحبها لكن لا أحترمها وأصرخ عليها، وهذا الشيء لا يعجبني أنا أيضا، أحيانا أقول: من الغد لن أصرخ عليها، ولكن يحدث شيء وأغضب وأصرخ عليها، لقد تعبت وأريد الهداية، لا أريد أن أصرخ عليها.

أنا أيضا خجولة، أخجل من أن أذهب وأقول لها آسفة لأنني أخجل من ذلك، لكني لا أريد الصراخ عليها.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حفظك الله ورعاك، أشكرك على تواصلك معنا.

يجب أن نعلم جميعا أن فضْلَ الأُمِّ عظيم، مصداق ذلك قول الحق سبحانه: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، مَن أحقُّ الناس بحُسن صحابتي؟ قال: أُمك، قال: ثم مَن؟ قال: ثم أُمك، قال: ثم مَن؟ قال:ثم أمك، قال: ثم مَن؟ قال: ثم أبوك) مُتفق عليه.

أما كيف تبرِّينَ والدتك؟! فمفتاح البرِّ تذكُّر فضْلها عليكِ، وتربيتها لكِ في صغرك؛ { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } وقد قيل: إن رجلاً شكا إلى نبيٍّ سوء خُلق أُمِّه، فقال: (لم تكنْ أُمُّك سيئة الخُلق حين أرضعتْك حَوْلَين، ولم تكنْ سيِّئة الخُلق حين أسهرْتَها الليل، ولم تكنْ سيِّئة الخُلق حين رعتْك؟ لقد جازيتَها بهذا!).

لذا؛ يجب عليك أن تراجعي نفسكِ قليلاً؛ فأُمُّكِ مرآة تُريكِ حقيقة نفسكِ، وهي تريد لكِ الخير، وتريد أن يقول الناس عنكِ: إنَّكِ أحسن وأفضل وأجمل الفتيات؛ فأنتِ ابنتها أولاً وأخيرا، وأنتِ صورتُها الأخرى أمام الناس؛ فلا تجعلي من هذه المقارنات سببًا للنفور من والدتكِ، بل اجعليها سببًا لمراجعة نفسكِ واستبطان داخلكِ؛ لمعرفة سيِّئاتكِ وعيوبكِ، ومِن ثَمَّ البَدء بإصلاحها، و مما لا شك فيه أن أمك تحب لك الخير، وإن صدر منها خطأ فيكون بدون قصد، واعلمي أنها تحب لك الخير والسعادة.

لو كنتِ تعملين في مدرسة أو في شركة، وكانتْ لكِ مديرة تملي عليكِ بعض القرارات والتعليمات الإدارية، أكنتِ ستُسمِّين تلك التعليمات أوامرَ؟! والله لو فكَّر كلُّ شخصٍ على هذا النحو ما عَمِل أحدٌ عند أحد؛ لأنه لا يوجد إطلاقًا شخصٌ يَرضى بأن يكون عبدًا لغير الله، أليس كذلك؟!

ثم إن هذه أمكِ وهذا بيتُها، ومن واجبكِ طاعتها دون تملمُل أو تذمُّر، والله يقول: { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } وغدًا - بمشيئة الله تعالى - إذا تزوَّجتِ وأصبح لكِ بيتكِ ومملكتكِ الخاصة، فسيكون لكِ الحقُّ في وضْع تعليماتكِ التي تفضلينَها لتسيير حياتكِ وحياة أبنائكِ وخدمكِ على النحو الذي يُرضي الله أولاً، ثم يرضيكِ ثانيًا.

ومَهْمَا بلغتْ والدتكِ من القسوة عليكِ، فليس في الشرع مسوِّغ لعدم طاعة الوالدين ما لم يأمرا بمعصية الخالق؛ قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}.

فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وجالسي والدتكِ، وتلمَّسي حاجاتها ورغباتها، اقتربي منها وكاشفيها عمَّا في قلبكِ نحوها، فهي أُمُّكِ، ولا يخدعنَّكِ الشيطان بغير ذلك! اقتربي من والدتكِ، واعرفي طريقة تفكيرِها، وافهمي نفسيَّتها، وفتِّشي عن مدخلها الذي يُرضيها أن تدخلي إليها منه، وإن قبلت رجلها فهذا قليل في حقها، وأنا متأكد بأنَّكِ ستنجحين في العثور على ضالتكِ، وستجاهدين كي تبرِّي والدتكِ، ودليلُ ذلك أنَّكِ تركتِ الكتابة عن مشكلاتك الخاصَّة، وصببتِ جُلَّ اهتمامكِ في كيفيَّة برِّ والدتك، وهذا والله من البرِّ.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net