زوجي وعدني بتحمل ظروف دراستي ثم خذلني ... فماذا أفعل؟
2012-04-02 11:46:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ 8 أشهر، وطالبة في كلية الطب، وقد وعدني زوجي أن يتحمل ظروف هذه السنة في كل شيء، وأن يبعد أمه عني بعد قوله لي إنها مريضة نفسية، وعلى هذا تم الزواج ولكن ما حدث عدم تحمله لدراستي، وعدم رغبته في أداء مصاريفي، مع أنه يعمل عملا مربحا.
بعد الزواج أصبحت أمه تتدخل في كل شيء، أصبحت تبيت عندنا 4 أيام في الأسبوع، مع العلم أن لديها أكثر من مسكن خاص، تدخلت في خصوصي تفتح غرفة النوم علي في أي وقت وتتجسس على أكلي وتليفوناتي، وتدمر الحلل بالاستخدام الخاطئ، وتغضب زوجي علي في كل شيء، فقدت حريتي في كل شيء، وأصبحت تقول علي كلاما سيئا سواء بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ووعدني بأن يشتري لي سيارة لبعد البيت عن الكلية، ولكن ما حدث قال لي عندما تعودين إلى المنزل عودي بالمواصلات بدل من أن أعود إلى أمي حتى ينتهي من عمله، أصبح كل ما وعدني به لم يحدث منه شيئا، فاتصلت بأبيه بخصوص أمه، قال لي: إنه لا يسيطر عليها، وأنها تريد خراب البيت، وأن زوجي هو المسئول، والكل يعلم أنني لا يمكنني تحملها، زوجها وابنته قالوا له هذا، لكنه يقول هذا بر.
لقد دمر منزلنا بعناده وأصبحت لا أتحمل أمه وحملي ولجوئي إلى أهلي لكي يصرفوا علي، وقلت له، قال لي: لماذا جالسة معي؟ مادام الوضع لا يعجبك فأنتي لا تطعينني وأنا غير موافق على ذهابك إلى أهلك، والله أعلم لكي أذهب ولا يصرف علي مطلقا، فذهبت إلى أهلي لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولم يسأل علي لمدة شهرين نهائيا على الرغم أني لم أسيء إليه ليفعل كل هذا
ماذا أفعل؟ فأنا حامل وفي أهم سنة دراسية، وقد خذلني زوجي في كل شيء، وهل ربنا راض عني؟؛ لأني ذهبت من منزل لم يكن منزلا في يوم من الأيام.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يسرا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يبارك لك فيه وأن يبارك له فيك، وأن يعينكما على التفاهم والتحاور والوصول إلى حلول طيبة مناسبة للمشاكل التي تعترض حياتكما الزوجية الجديدة والحديثة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعطف قلب حماتك عليك، وأن يجعل ما بينك وبينها كما بين الأم وابنتها، ونسأله تبارك وتعالى أن يمنّ عليك بذرية طيبة مباركة، وأن يوفقك في دراستك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن خُلف الوعد من النفاق، وأنه يؤدي يقينًا إلى إنهاء هذه العلاقة الزوجية القائمة، بل وقد يؤدي في آخر الأمر والعياذ بالله إلى الطلاق والفراق، ومثل هذه الحالات حقيقة لا تقتضي العجلة أبدًا، ولا التسرع في اتخاذ القرارات، لأن القرارات التي تكون عبارة عن ردود أفعال غالبًا ما تكون خاطئة وغير موفّقة، ولذلك لا أرى حقيقة وسيلة أفضل من الحوار بينك وبين زوجك بخصوص المشاكل الواردة في رسالتك، فأنا أتمنى أن تحاوري زوجك وأن تطلبي منه الجلوس معًا بعيدًا عن والدته وعن أي طرف آخر، وأن تحاولي أن تبيني له الأثر المترتب على تصرفاتها هذه والضرر الذي يلحقك بتدخلها في حياتك، وأن البر ليس معناه تدمير الأسرة القائمة، وإنما البر له ضوابطه الشرعية وله حدوده الربّانية، أما أن يكون البر على حساب أسرة في بداية حياتها وقد تتعرض للدمار والخراب وقد يحدث الفراق والطلاق، فأعتقد أن هذا البر قد تم فهمه فهمًا خاطئًا أو قاصرًا.
ومن هنا فإني أقترح عقد جلسة بينك وبين زوجك بعيدًا عن أي طرف آخر، ومحاولة تذكيره بالوعود التي قطعها على نفسه، وأن هذه الوعود من حقك، لأنه قد التزم بها في أول الحياة الزوجية، ولابد أن يواصل التزامه بها، لأن عدم التزامه يعرض الأسرة كلها للخطر، وحاولي معه لعل الله أن يشرح صدره، واستمعي إلى وجهة نظره، فقد يكون لديه بعض الحق وأنت لا تشعرين، وأتمنى أن نعطي مساحة كبيرة لمراعاة الطرف الآخر ومراعاة مشاعره وظروفه.
الحكم دائمًا من طرف واحد يكون خطئًا في الغالب، ولكن عندما نضع أنفسنا في مقام الآخر وننظر إلى الآخر من موقعنا في مكانه قطًعًا ستتغير الرؤية تمامًا.
فأنصح بداية بقول الله تبارك وتعالى: {وشاورهم في الأمر} وقوله جل جلاله: {وأمرهم شورى بينهم} وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم – الذي كان يشاور أصحابه رغم أنه مؤيد بالوحي والنبوة والرسالة والعصمة والمعجزات، فهنا أقول: أتمنى عقد هذه الجلسة في القريب العاجل قبل أن تتفاقم الأمور.
ثانيًا: إذا لم تفلح هذه الجلسة في حل المشكلات القائمة أو العائقة فأتمنى أن تُدخلا بينكما رجلاً عادلاً منصفًا لديه القدرة على حل مثل هذه المشكلات الأسرية، ليبحث المشكلة بجميع جوانبها بعدل وإنصاف ودون تحيز لطرف على حساب الآخر، بذلك نكون قد التزمنا قول الله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}.
لا يلزم أن يكون الحكم قريبًا لك أو قريبًا له، وإنما على الأقل من طرفك أو من طرفه، لكني أقترح الآن حكمًا محايدًا، لأننا لم نصل بعد إلى مسألة التحكيم الشرعي، وإنما نحن الآن في تحكيم لتصحيح مسار الأسرة، وهذا يقوم به فرد أو أكثر من ذوي العقول الراجحة وذوي الخبرات التراكمية في حل المشكلات الزوجية، ومعرفة أيضًا حدود وآثار الخلافات على استقرار الأسرة.
ومن هنا فإني أرى بارك الله فيك ضرورة الاستعانة بأحد محايد، يعني لا يلزم أن يكون من أهلك أو من أهله، وإنما رجل من العلماء أو الدعاة المتميزين، أو الرجال الثقات المعروفين لدى الأسرة، ليتدخل بينكما، ويجلس معكما أنتما على انفراد ليستمع منك وليستمع من زوجك، ثم بعد ذلك يتخذ ببيان ما ينبغي أن يكون، والطريق الصواب الذي ينبغي أن تكون عليه التصرفات في داخل الأسرة، ويُبين لكل طرف آخر قصوره أو أخطائه التي أدت إلى حدوث مثل هذه الأشياء.
وعلينا بداية أن نتقبل قرار هذا المحكم، وأن نلتزم به، ما دام حقًّا يُرضي الله تعالى، ومما لا شك فيه أن خروجك من المنزل دون إذن زوجك يعتبر مخالفة شرعية، وكان الأولى بك أن تظلي في البيت وأن تقاومي قدر الاستطاعة حتى تتمكني من حل مشكلتك في داخل البيت، لأن الله تبارك وتعالى قال: {لا تخرجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يخرجن} فالأصل في الحياة الزوجية عند حدوث المشاكل أن الزوجة المسلمة لا تترك بيتها ولا يُخرجها زوجها، لأن بُعد الزوجة عن زوجها يؤدي إلى مزيد من النفرة ومزيد من تباعد القلوب، أما وجود الزوجة مع زوجها وتحت عينه بانتظام فإن هذا مما لا شك فيه يؤدي إلى حل المشكلات أولاً بأول.
ومن هنا فإني أقترح إذا كان من الممكن أن تعودي إلى بيتك دون أن يأتي لأخذك من بيتك ووالدك فهذا يكون حسنًا، إذا كان ذلك من المتعذر الآن إذن اطلبي منه الجلوس كما ذكرت في جلسة مصارحة وجلسة حوار هادئ بينكما، وبيني له ما تم الالتزام عليه، وانظري ماذا سيقول، إن استطعتما إيجاد حل لمشكلتكما بعيدًا عن تدخل أي أحد فأرى أن ذلك مناسبًا. إن لم تتمكنا من ذلك فاستعينا بحكم محايد، وأتمنى أن لا يتدخل أحد في المشكلة لا من قبلك ولا من قبله، أي لا من طرفك ولا من طرفه حتى لا تدار الأسرة بالرموت كنترول من خارج إطارها، لأن تدخل طرفين في الغالب يؤدي إلى تفاقم المشاكل وإلى تعميق هوة الخلاف بين الزوجين.
والله الموفق.