أبنائي تركوا الصلاة بعد وفاة أبيهم، فكيف أتصرف معهم؟
2012-04-05 07:38:36 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
كنت قد أرسلت لكم مشكلتي مع أولادي الذين تركوا الصلاة بعد وفاة والدهم، وقد نصحتموني بالاطلاع على فتاوى أخرى مشابهة لمشكلتي، ولكني لم أجد ما يناسب حالتي، فقد استعنت ببعض الأقارب ممن يحبهم أولادي بعضهم بنفس عمرهم، والبعض أكبر منهم (متزوجين، ولهم أولاد)، ولكن بدون نتيجة.
جربت مخاصمتهم، وعدم الحديث معهم، وإبداء حزني أمامهم، وأحياناً البكاء حزنا تارةً عليهم، وتارةً منهم، وهم يتأثرون، ولكن بدون نتيجة فعلية، فماذا أفعل؟ (مع العلم أن أهلي ليس معي في الدوحة، ولا أهل والدهم أيضاً).
فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:
فإننا بداية نسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم زوجك، وأن يقر عينك بصلاح هؤلاء الأولاد، وبمحافظتهم على صلاتهم، وسائر الطاعات التي تقربهم إلى الله تبارك وتعالى، وأرجو أن يعلموا أن الصلاة والتلاوة والطاعات تنفع هذا الوالد الذي ينتفع في قبره بصلاح ولده وقربهم إلى الله تعالى، وأنت تشكرين على هذا الحرص، على هذا الخير، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ومرحبًا بك في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمنا جميعًا فيما يُرضيه، وأن يرزقنا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وكم نحن سعداء حقيقة بهذا الحرص على التواصل مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا في مستوى هذا التعاون والتفاعل مع مثل هذه الأمور، فكلنا يهتم بأن يكون الأبناء على صلاحٍ وطاعة وتقربٍ إلى الله تبارك وتعالى.
أسعدني جدًّا أنك حاولت عددًا من المحاولات وأفرحني جدًّا أنهم تأثروا، ولكن لا تقولي بدون نتيجة، فإن هذا التأثر له ما بعده، وينبغي والأبناء في هذه السن أن تعرفي الوسائل التي يمكن أن تؤثري بها عليهم، حتى ينتظموا في صلاتهم وفي طاعتهم لله تبارك وتعالى، وقطعًا ستجدين من الوسائل النافعة المجدية التي تصلح معهم بحول الله وقوته.
وأرجو أن تستمري أيضًا في طلب المساعدة من أقرانهم، أو من الأقرباء، أو من الصالحين مع الأولاد، والصالحات إذا كان هؤلاء الأولاد بنات، وأرجو كذلك أن تبيني لهم خطورة ترك الصلاة، وتحاولي أن تربطيهم بإمام المسجد، وبعض الدعاة الموجودين حولكم في المكان، وتحاولي أن تجلبي إلى البيت الأشرطة التي تتحدث عن أهمية الصلاة وأهمية الطاعة لله تبارك وتعالى.
وكم تمنينا أن تتواصلي مع أي مركز من المراكز الكبرى والتي ترجع لوزارة الأوقاف كمركز موزة أو مركز روضة، وتطلبي مساعدة الداعيات على الأقل في توفير بعض المواد التي تخدم وتعينك على صلاح هؤلاء الأولاد، وعودتهم إلى الانتظام في الصلاة.
وأعجبني أيضًا أنك بكيت عليهم، وهذا البكاء فعلاً يؤثر فيهم، وحُق للإنسان أن يبكي على تارك الصلاة، وأن يبكي من تركهم للصلاة أيضًا، وأرجو أن تكون هذه الدمعات خالصة لوجه الله تبارك وتعالى.
كما أرجو أن تقبلي على نصحهم بصدق وإخلاص، فإن الله إذا علم منا الإخلاص، وعلم منك الصدق ورفعت أكفَّ الضراعة، وأنت والدة ودعوتك أقرب للإجابة، يستجيب العظيم الرحيم بفضله ومنّه وكرمه سبحانه وتعالى.
المهم هو أن لا تصلي إلى اليأس، أن تكثري لهم من الدعاء، أن تتواصلي مع هذا الموقع، وأن تتواصلي أيضًا مع الدعاة الموجودين على أرض هذه البلدة الطيبة، أن تجتهدي في البحث عن الوسائل التي تؤثر عليهم، أن تتعرفي كذلك على أسباب تركهم للصلاة، فهل تركهم للصلاة تهاون؟ تركهم للصلاة هل هو لوجود أصدقاء آخرين؟ تركهم للصلاة هل هو أنهم يسهروا طويلاً فبالتالي يصعب عليهم النهوض للصلوات، أم أن هذا الترك للصلاة لأن الوالد كان مثلاً يشتد عليهم، وكان يجبرهم على الصلاة، ثم بعد ذلك لما توفي تركوا الصلاة؛ لأن الذي كان يتابعهم قد مضى إلى الله تبارك وتعالى.
لأن معرفة السبب تعيننا بحول الله وقوته على إصلاح الخلل والعطب، وإذا كان أهلك ليسوا معك في الدوحة فكل الصالحات أهل لك، وكل أهل الخير آباء لأبنائك يهمهم صلاح هؤلاء الأولاد، وأرجو أن تجدي في الصالحات ويجد الأبناء في الصالحين من يأخذ بأيديهم، إلى الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى.
وكم تمنينا أيضًا أن نعرف ما هي طبيعة المحاولات التي بذلها أولئك الأقارب معهم، وما هو السر في هذه المسألة، وهل هؤلاء الأبناء يصلوا أحيانًا، ويتركوا أحيانًا، هل يا ترى يتركوها بالكلية؟ ثم عندما تطلبي منهم الصلاة ما هي الردود التي تسمعينها منهم، هل يقولوا الله يهدينا، ادعي لنا يا والدة؟ أم بماذا يعتذروا؟
وكم تمنينا كذلك أن تصل لنا أعمارهم بالتفصيل، فنتمنى أن تصل منك استشارة مفصلة تشتمل على تاريخ تركهم للصلاة، أسباب تركهم للصلاة من وجهة نظرك أنت، ومن وجهة نظرهم هم أيضًا، هل هناك مؤثرات خارجية تؤثر عليهم، حبذا لو عرفنا أيضًا ما هي الطريقة التي كانوا يحافظون بها على الصلاة، هل كانت طريقة بوليسية فيها شدة وفي عنف، أم كانوا يحافظون على الصلاة؛ لأنهم كان وجود الوالد – الله يرحمه – كان مشجعًا لهم.
على كل حال هذه الأسئلة ستعيننا وتعينك إن شاء الله على الوصول إلى حلول مرضية، ونحن في انتظار تواصلك مع موقعك حتى نقدم لك المساعدة في هذا الأمر الذي يهمنا جميعًا، فكلنا يريد لأبنائك الخير، وكلنا يريد أن ينال حسنات من هداية هؤلاء الأبناء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم) أعظم بها من مهمة، وأعظم بها من كرامة أن يسعى الإنسان في صلاح هؤلاء الشباب وأمثالهم ممن يحتاج إلى بذل الهداية.
فواصلي هذا السير، ولا تتوقفي؛ لأن بعض الأمهات؛ وبعض الآباء قد يتكلم عن الصلاة يومًا ثم يسكت أسبوعًا، نحن نريد أن يكون الوعظ منك متنوعًا ومستمرًا، تختارين الألفاظ الجميلة، والأوقات المناسبة، تدعي الله لهم في الليل، ثم تدعوهم إلى الصلاة في النهار، تتقربي إلى الله تبارك وتعالى بصنوف الطاعات، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاحهم، ونحن في انتظار تواصلك مع الموقع، ونسأل الله الهداية للجميع، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
والله الموفق.