الأفكار السلبية تكاد تقتلني وفقدت رغبتي في الحياة
2012-04-25 10:08:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عندما كنت في سن 12 كنت خائفة من أن لا أبلغ أو أصبح ولد، وسبب خوفي هو أنني أفكر دائماً بما يحدث في المستقبل، فأصبحت أبكي دائماً وأدعو الله كثيراً، والذي زاد عليّ خوفي هو أنني أسمع البعض يتكلم عن مشيتي بأنني أشبه الولد أو شكل جسمي، وبعد سنوات بلغت في الـ 16 من عمري، وارتحت كثيراً، لكن ظهرت لي مشكلة جديدة وهي أنني عندما أردت الانتقال إلى مدرسة خاصة لتحقيق طموحي وأهدافي التي لا تعد ولا تحصى، قال لي الجميع الكثير من مساوئ تلك المدرسة من طالبات أو معلمات ...إلخ، خفت على نفسي كثيراً، ولكن عندما عدت إلى المنزل علمت أن والدي قد سجلني وانتهى، شعرت بالحزن.
في اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة، كنت خائفة أن أدخلها، لكنني دخلتها وذهبت إلى فصلي شعرت بالضيقة والخوف بنفس الوقت، وشعرت أنني أريد البكاء، لم أستطع المكوث أكثر فخرجت بعد أسابيع رأيت أنه على العكس تماماً الطالبات رائعات (اللاتي في فصلي)، وفي وقت الامتحانات اليوم الثاني من الأسبوع الأول، بينما كنت أدرس تذكرت شيئاً قد رأيته في جهاز الاب توب من لقطات خليعة بعد استعمال أخي لجهازي، ذهلت لما يراه، ولكن في نفس الوقت مللت من المذاكرة، وقمت ب (العادة السرية) ولم أعرف ماهي إلا بعد أن حدث ما حدث.
بعدها عدت إلى دراستي شعرت أن شيئاً يخرج مني، ذهبت إلى دورة المياه ورأيت ما رأيت ذهلت وخفت وارتعبت وكنت أقول معقول أنني فقدت ...؟ لا لا .. كنت أبكي، وأيضاً أفكر بما سيحصل في المستقبل، حاولت أن أنسى وأن ألهي نفسي بالمذاكرة، وبقيت على هذا الحال منذ أن حدثت تلك الحادث الشنيعة، أبكي وأفكر وأحاول أن ألهي نفسي بالمذاكرة، بعد انتهاء الامتحانات كان هناك إجازة أسبوع كامل لم أخرج فيها أبداً، كان نومي مضطرب، أنام النهار وأسهر الليل، ولم أكن أريد ذلك.
كنت أرغم نفسي على النوم في الليل مع أنني اكتفيت حتى لا أفكر أبداً، بدأت حالتي النفسية تزداد سوءا، أصبحت استخدم الحاسوب حتى أجد حلاً لي بعد الله فيه، وقرأت أحاديث عن عقوبة من فعل فعلتي يوم القيامة، بدأت أبكي وذهبت للنوم، وأتتني صوري وأنا أتخيل نفسي بتلك العقوبة، أصبحت أبكي وأبكي، شعرت أنني شخص مذنب ذنوباً لا تعد ولا تحصى، ومع أن الجميع أخبرني أن الله سيرحمني، لا أعلم لماذا لم أرتح! لم أخبر أحداً، شعرت فجأة أنه لن يساعدني أحد حتى أمي، حاولت أن أتجرأ، وأخذت أمي إلى الخارج، وعندما بدأت أخبرها لم أستطع بدأت أبكي وأبكي وأبكي.
ذهلت أمي وحاولت تهدئتي وقالت لي أنها ستأخذني إلى الطبيب، رفضت خوفاً من أن يكون ما في بالي قد حدث، تمنيت الموت كرهت الزواج، وكنت أرى أن نهايتي الأكيدة هي عند زواجي، وعلق ذلك في بالي، بعد يومين ذهبت إليها حتى أرتاح، أخبرتني أنني سليمة، وأنها كانت دورة متأخرة، ارتحت كثيراً، وحمدت الله، لكن أفكاري السابقة لا تلبث أن تعود إليّ، حتى أنني أصبحت أفكر بذات الله وأشعر وكأنني في الاخرة.
وكان يضيق صدري إذا رأيت شيئاً من نعيم الدنيا كالفنادق الفاخرة، وحتى إنني أصبحت أرى أن الدنيا جميلة لا بأس بها، وكنت أحاول أن أقنع نفسي أنها لا تقارن بما في الجنة، وكنت لا أريد أن أموت، ولا أريد أن أعيش، أريد أن أكون في الفراغ من حالتي تلك التي أهلكتني، وكنت أرى أن المرأة التي تتزوج حمقاء؛ لأن الرجل الذي يتزوجها لا يريد سوى إشباع شهوته وهي كالحائط بعد ذلك، أصبحت أشعر وكأنني في حياة أخرى ليست بدنيا ولا آخرة، مللت من التفكير وأصبحت أكره جسمي وشكلة؛ لأنه تغير ظناً مني أنه بسبب ما حدث سابقاً.
أصبحت عندما أصلي أشعر وكأنه غير متقبل، وأحياناً أشعر أنه يجب أن أصلي أفضل وإلا لن تقبل، كرهت حياتي كثيراً كثيراً كثيراً، وأيضاً كنت أقول الناس ما بالهم هل هم راضون بحياتهم يأكلون ويشربون ويتعلمون وثم ماذا؟! أصبحت أبكي لا شعورياً أمام إخوتي في استغرابهم، أخذتني والدتي إلى عطار لأشتري منه ماء مقروء فيه، والعطار كان موجود في مجمع أحب الذهاب إليه، لكنني ما عدت أهتم، وكنت أمشى ولا يلفت نظري شيء، أصبحت شخصاً اخر لا أريده، وفي الختام مع ظهور الكثير من الملحدين أصبحت أفكر بما يقولون، وأن بعضه صحيح - والعياذ بالله -.
أصبحت أيضاً أفكر في بعض الصور والأحاديث وأقول ما فائدة إيماننا وحرصنا إن كان الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء - والعياذ بالله -، والكثير والكثير من الأسئلة، أريد أن أعود كما كنت، أريد أن تعود رغبتي في الحياة كما كنت سابقاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ،،،
فمرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يُذهب عنك ما تجدين وتعانين.
وقد أحسنت -أيتها البنت العزيزة- حين صارحت أمك بما تعانينه، وكان لذلك الأثر الظاهر في مساعدتها لك للتغلب على هذه المشكلة، ولذلك نصيحتنا لك أن جسور الثقة بينك وبين أمك وإخوانك في البيت، فإنهم بلا شك ستجدين لديهم من الخبرات ما ليس عندك، وسيعينونك كثيرًا في حل مشكلتك.
أما في شأن ما وقعت فيه من المعصية فاعلمي جيدًا أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوابين من عباده، وإذا تابوا قبل توبتهم وغفر لهم ذنوبهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فالتوبة تمسح ما كان قبلها، فاندمي على معصيتك، واعزمي على أن لا ترجعي إليها في المستقبل واتركيها في الحال، فإذا فعلت ذلك فإن الله عز وجل لن يردك خائبة، فقد قال جل شأنه في كتابه الكريم: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}. وأخبر سبحانه وتعالى بأنه يبدل سيئات التائبين حسنات كما في سورة الفرقان، ففضل الله عز وجل عظيم، ورحمته وسعت كل شيء، فلا ينبغي أبدًا أن يسيطر عليك اليأس والقنوط من رحمة الله، فأحسني الظن بالله تعالى، واعلمي أنه غفور رحيم، جواد كريم، وتعاملي معه على هذا، وظني به خيرًا أنه سيغفر لك ويرحمك وسيكون الأمر كذلك.
ثالثًا: ندعوك -أيتها البنت الكريمة- إلى الوقوف عند حدود الله تعالى والتزام فرائضه، فإن هذا هو القصد والحكمة من خلقك في هذه الدنيا، فبادري إلى امتثال أوامر الله تعالى، وكوني على ثقة تامة بأن فيها السعادة العاجلة والآجلة. فسعادة الدنيا لا ينالها الإنسان إلا إذا كان طائعًا لله تعالى، وسعادة الآخرة لن ينالها الإنسان إلا من الله، فمن كان يريد الدنيا فعليه بطاعة الله، ومن كان يريد الآخرة فعليه بطاعة الله.
ومن طاعة الله تعالى -أيتها البنت الكريمة- تعمير هذه الأرض والسعي فيها بإصلاح الآخرة، فإن الدنيا خلقها الله عز وجل ليبتلينا بإحسان العمل فيها، كما قال سبحانه وتعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً}. وقد طلب منا سبحانه وتعالى أن نعمّر هذه الأرض وأن نسعى في إصلاحها بعد أن أصلحها الله وخلقها على أتم الوجوه وأحسنها، وجعلها مسخرة لنا في خدمتنا لنستعين بها على القيام بدين الله تعالى، فهذا لا يتنافى مع الدين، ولا يُبعد الناس عن الآخرة، ولا يُبعدهم عن ربهم سبحانه وتعالى، فإنهم إذا عمّروا الدنيا يقصدون بذلك إصلاح الآخرة، فإنهم مأجورون على كل سعي يسعونه في ذلك.
فلا تستغربي أبدًا من حركة الناس في دنياهم، فإن الله سبحانه وتعالى جبلهم وفطرهم على ذلك، ولكن يختلف الناس في نياتهم، فكوني ممن يعمّر الدنيا ويسعى في تطوير ذاته ونفسه وتعلم ما ينفعه وتعليمه للناس، وخير الناس عند الله تعالى أنفعهم للناس، ومنفعة الخلق من أعظم القربات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى.
فكوني جادة في حياتك، واحرصي على أن تتميزي في كل شيء تتقدمين إليه وتبدئينه، وما دمت في مجال من مجالات الدراسة والنفع فاحرصي على التفوق والنجاح، وأنت مأجورة على ذلك إن فعلته ابتغاء وجه الله وقصد النفع للمسلمين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هذه الدراسة غير مشتملة على ما حرمه الله تعالى عليك حتى تكون طاعة لله تعالى.
لا تسمحي -أيتها البنت الكريمة- لليأس أن يسيطر عليك ولا القنوط أن يتسلل إلى قلبك، فإن الله عز وجل رحيم ودود، وكوني على ثقة تامة بأنه سبحانه وتعالى سيوفقك ويعينك، ولا تجعلي خوفك من الموت سببًا للإحباط والقعود عن العمل، بل ينبغي أن يكون الشعور بالموت وقرب الأجل دافعًا للإنسان بالإكثار من العمل الصالح الذي ينفعه بعد الموت، فالحياة الدنيا كلها مرحلة من مراحل العمر، ووراء هذا العمر حياة أطول وبقاء دائم، فإما في النعيم وإما في الجحيم – نسأل الله العافية – والعاقل هو الذي يسعى إلى استغلال ساعات عمره ووقته في هذه الدنيا بما ينفعه في الحياة وبعد الممات.
ننصحك -أيتها البنت الكريمة- بأنه إذا تقدم لك من الخطاب من يصلح لك وترضين دينه وخلقه أن تبادري بالزواج، فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى، وهو كذلك تحقيق لمصالح عليا من إعفاف النفس، وتحصيل الذرية الصالحة، وتكوين البيت المسلم، والمحافظة على النسل البشري، وتكثير أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، إلى غير ذلك من المقاصد الحسنة، وليس كما تتوهمين بأنه مجرد قضاء شهوة.
ومن ثم فنصيحتنا لك أن تبادري بالزواج إذا تيسر لك ذلك، وستجنين من ورائه الخيرات الكثيرة.
نسأل الله تعالى أن يكون عونًا لك في كل خير، ولا ننسى أن ننصحك بتقوى الله تعالى وملازمتها على الدوام، والإكثار من مجالسة النساء الصالحات والتعرف إليهنَّ، فهنَّ خير عون لك على ما ترومين تحقيقه من المنافع والمصالح.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.