الدعاء للارتباط بشخص معين... هل هو أمر صحيح؟
2012-05-02 19:45:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يصح الدعاء للارتباط بشخص معين؟
علما أن هذا الشخص تقدم لخطبتي ولم يوافق أهلي لأسباب غير مقنعة تماما، وتعاملوا معه بطريقة جارحة، وحاليا تغيرت آراء أهلي بخصوص موافقتهم على الشخص الذي يتقدم لي، لكن هو لا يعلم بالتغيير.
علما أنني أجده كفؤا لي، وأنا في بداية الأمر اقتنعت برأي أهلي، وقلت أنهم أدرى بالرجل؛ لأني كنت لا أعرفه، لكن حاليا أعمل في المكان الذي يعمل فيه، ووجدت أنه شخص جيد وملتزم، ويؤدي الصلاة في وقتها في مكان العمل، وغاض لبصره، ومتفوق جدا في اختصاصه العلمي.
أفيدوني وفقكم الله ما هو التصرف السليم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وسناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
فنرحب بابنتنا الكريمة، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يغفر ذنبها، وأن يلهمها السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.
نريد أن نقول لأبتنا الفاضلة كان السلف عليهم من الله رضوانه يسألون الله ملح الطعام إذا فقده، وشسع النعل إذا انقطع؛ لأن الدعاء هو العبادة، والإنسان الذي يتوجه إلى الله تعالى لابد أن يكسب خيراً، إما أن يستجيب الله له، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء والشرور النازلة مثلها، وما من مسلم يدعوا الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث كما مضى معنا في هذا الحديث، ويقول عليه الصلاة والسلام: ( يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، وقيل: ما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: يقول قد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).
ومن هنا فلا مانع من أن تسألي الله تعالى أن يؤلف قلب ذلك الرجل، وأن يرده إليك ليطلب يديك مرة أخرى، وأتمنى دائماً أن لا تستعجلي في الحكم على الشباب، وأن لا تردي الخطاب؛ لأن هذا أمر من الخطورة بمكان، والعبرة من الناحية الشرعية هو رأي الفتاة، وأما إذا كان رأي الفتاة من رأي أهلها في مشاركتهم في الرفض، ثم تغير الحال بعد ذلك، فهذا هو الأمر الذي لا نريده، ولا نريد الفتاة أن تستعجل في الحكم على الآخرين، ولا نريد لها أن تجامل في هذا الأمر إذا كان في نفسها ميل إلى الشاب، وميل إلى هذا الخاطب الذي تقدم إليها، وهو أيضا عنده ميل إليها، فلم ير للمتحابين مثل النكاح، وأرجو أن تعلم كل فتاة أنها هي التي سوف تتزوج، وليس أهل الفتاة، وأنها صاحبة المصلحة الكبرى والأولى والأخيرة في ذلك الزواج.
وينبغي أن تدرك أن أهلها ربما جاملوها في بعض الأمور، ولكن إن عرضت رأيها بوضوح فإن وجهة نظر الكثيرين منهم سوف تتغير بالنسبة لهذا الرجل الذي رد بعد أن طرق الباب، وآلمنا أنك قلت أنه رد بطريقة غير طيبة، وهذا لا يقبله الشرع، من حق أي إنسان يرفض أو يقبل، ولكن ليس من حقه الإساءة بالظن، وليس من حقه أن يجرح الآخرين، هذا أمر ينبغي أن يكون واضحا، وننصح -ابنتنا الفاضلة- إذا جاءها خاطب أن تستشير وتستخير قبل أن تدلي برأيها، وقبل أن ترد ينبغي أن تأخذ الأمر بكافة جوانبه، فتنظر إلى حالها وحاله، والفرص المتاحة، وعمرها، وطبيعة الأسرة، والخيارات الموجودة، وهذا أمر نحتاج إليه جداً، وأحوج الناس إلى مثل هذه النظرات الشاملة للأمور هم المرأة؛ لأن المرأة دائماً لا تنظر إلى المستقبل، وإنما تنظر في تحت قدميها أو تنظر وتستغرق في الأنية، والحالة التي تعيش فيها، ولكن الصواب أن ننظر نظرة عمق، وأن نضع إيجابيات أي شخص يقف إلى جوار سلبياته، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته.
وأرجو أن تعلم كل فتاة أنها لا تجد شابا بلا عيوب، وأن يعلم كل شاب أنه لا يمكن أن يجد فتاة بلا عيوب، وإذا كان الرجل جيدا وملتزما ويؤدي الصلاة في وقتها وفي مكان العمل، وهو غاض لبصره، ومتفوق في تخصصه العلمي، فإن هذا رجل يجمع أطراف المجد، يأخذ المجد من أطرافه.
وإذا كان عندك من أهلك الفضلاء العقلاء من يستطيع أن يكلم هذا الشاب -وليس من الضروري أن يطلب منه العودة- ولكن يعتذر إليه فيما بدر من الأهل، بعد ذلك سيرى اتجاهه والطريق التي يفكر بها، فيمكن أن يعرض عليه أن يكرر المحاولة بأن يضمن له نجاح الفكرة، ونجاح الخطة هذه المرة، وهذه الأدوار التي يمكن أن يقوم بها محرم من محارمك هي من الأمور المشروعة، والناس يحتاجون إلى من يقدم له المساعدات، وإلى من يزيل المفاهيم الخاطئة.
فنحن بلا شك بحاجة إلى أن نصحح الفكر عند هذا الشاب، وأن نعتذر له مما بدر من الأهل، من خلال ذلك الاعتذار سوف يتبين إن كان للشاب رغبة في المواصلة، ورغبة في العودة مرة ثانية أو لا، وعندها يمكن أن يتخذ القرار المناسب إذا تقدم مرة ثانية، وطرق الباب من قِبل أهلك الأحباب، يعتذرون له، ثم لا مانع من أن يتيحوا له أن يتقدم رسمياً لإكمال هذا المشوار، وعلى كل حال فإن الفتاة التي تحافظ على دينها وحشمتها وطاعتها لله لا ينبغي أن تبالي وتهتم لهذه الأمور فإن الأمور تجري بقضاء وقدره، ونسأل الله يقدر لك وله الخير ثم يرضيكما به.
وبالله التوفيق والسداد.