كيف أتعرف على خطيبي أكثر؟
2012-05-09 18:01:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم حسن اهتمامكم باستشارات السائلين، وأسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
خُطبْتُ قبل سنة، وقد سمعتُ من أهلي أن خطيبي شخص خلوق فوافقت عليه، في البداية كان يراسلني بالهاتف ولا يتصل كثيرًا، ولم يكن ذلك مشكلة بالنسبة لي، لكن أهلي وصديقاتي كثيرًا ما يسألون إذا ما كان عليَّ الاتصال به.
شرحت له شعوري، ووضَّح أنه علي أن أتصل أنا، أحيانا وفي العادة لا تستمر المكالمة بيننا إلا بضع دقائق، ويكون الحديث فيها سطحياً، واستمر هذا الحال وانقطعت مكالماته.
في بعض الأحيان يتصل بي، ولا استطيع أن أرد عليه، حتى انعزل عن الناس فيغضب جدا. وقال لن أتصل مجددا إلا إذا كان أمرًا ضروريًا جدًّا.
صارحته أن به نوع من الشدة فغضب، وقال إما أقبله هكذا أو أتركه .لا أعرف إذا ما كان لديه سلبيات أكثر، ولا أعرف كيف أحفزه لكي أتعرف على طبائعه من خلال المحادثة.
زارنا مرة واحدة منذ الخطبة، وفي المرة الثانية حدد موعدا ثم اعتذر منه. بالرغم من أنه يرسل رسائل يوضح فيها أنه يحبني، ونيته أولاً وأخيرًا أن يتزوجني. لكني عرفت بطريقة ما أنه يحادث فتاة بالرسائل عندما لا أريد الرد على مكالماته ولا أراسله. كيف اتصرف معه؟
أفيدوني، وجزاكم إلهي خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لابنتنا الفاضلة تواصلها مع موقعها، ونسأل الله أن يلهمها السداد والرشاد، وأن يستخدمنا جميعًا فيما يُرضيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم، ونشكر لها كذلك هذا الحرص على الخير والتواصل مع موقعها، واختيارها لهذا الموقع، ونبشرها بأننا في خدمة أبنائنا والبنات، الذين ننتظر منهم الخير الكثير لأمتهم ولبلدانهم، ونسأل الله أن يعينك على إكمال المشوار مع هذا الخاطب صاحب الأخلاق الذي جاء من الباب، ونسأله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لك وله الخير ثم يرضيكما به.
نحن في مثل هذه المسائل ننظر إلى طبيعة البيئة، إلى ما اعتاده الناس، إلى ما تعارفوا عليه فيما بينهم، قبل أن نقيّم أي شخص بهذه الطريقة، فدائمًا المجتمعات المحافظة لا تفضل التوسع في العلاقة في هذه الفترة، وهذا هو الذي يريده الشرع الحنيف، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح الخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها ولا التوسع معها في المكالمات.
أما بالنسبة المعرفة بالرجل، فهذا دور الأسرة ينبغي أن يتعرفوا عليه، والرجال أعرف بالرجال، والمعرفة بهم بأن تكون أولاً عن دينه وأخلاقه، ثم علاقاته مع الناس، ثم قدرته على تحمل المسؤولية، ثم الوضع الذي يعيش فيه، ثم الصفات التي عنده إيجابية أو سلبية... إلخ، هذه الأمور أمور أساسية ينبغي أن يتعرف عليها الأهل، لأن الرجال أعرف بالرجال.
وأرجو أن تدركي ويدرك كل خاطب ومخطوبة أن مسألة الكلام والزيارات لا تعطي إلا جزءًا يسيرًا من الحقيقة، فإن هذه الفترة فيها تمثيل، وغالبًا يُظهر كل إنسان أفضل ما عنده ويُخفي الجانب الآخر، ولكن إذا وُجد الدين ووجدت الأخلاق فإن كل كسر فإن الدين يجبره، كما قال الشاعر: (وكل كسر فإن الدين يجبره، وما لكسر لقناة الدين جُبرانُ).
إذا كانت الأخلاق موجودة والناس أثنوا عليه خيرًا، فعليك أن تحمدي الله تعالى على النعمة، ولا تلتفتي إلى كلام الناس، لأن كلام الناس لن ينتهي، إذا لم تكلميه يقولون لماذا والناس سيتكلمون عنكم، وإذا لم تتكلمي يقول بعضهم هذا عيب بل تكلمي وتوسعي في الكلام، إلى غير ذلك، فكلام الناس لا ينتهي، ورضاهم غاية لا تُدرك، ولكن رضا الله في أن نقلل من المكلمات، وأن نقلل من التواصل بهذه الطريقة إلا في الأمور الضرورية، وهذا حقيقة إذا حافظنا عليه فإنه يشجع الشاب على إكمال المشوار حتى يأخذ زوجته بالحلال ويُكمل هذه المراسيم.
لذلك ما يحصل ليس فيه ما يزعج، ونتمنى أن يكون للأهل دور في أن يتعرفوا أكثر على هذا الشاب، لأن الزواج ليس لقاء ورباط بين شاب وفتاة، ولكنه بين بيت وبيت، بين قبيلة وقبيلة، بين مجتمع ومجتمع، بين قرية وقرية، بين منطقة ومنطقة، ولذلك ينبغي أن تكون النظرة لهذه الأمور شاملة.
إذا حاول أن يتصل بك وكنت في مكان فينبغي أن تُحسني الاعتذار له على مثل هذا السلوك فذلك خير، وأرجو أن يتفهم كذلك هذا الوضع، فليس كل مكان صالح لأن يتكلم فيه الإنسان، مع أننا نريد ونتمنى أن تتم المكالمات والاتصالات بعلم ومعرفة من أسرتك، وأن تكون كما قلنا في الأمور العادية، كالسؤال عن الصحة، النجاح في المدرسة، قضايا تهم المستقبل، قضايا جادة، فلا مانع من أن يُسأل عن مثل هذه المسائل.
وأرجو كذلك ألا تحرصي في أن تدخلي معه في توتر وفي تناقضات وفي شدة عليه، لأن هذه لا تبشر بالخير، خاصة وأن الرجل بعيد عنك، لكن إذا جاء عندك فالأمور تتضح وتُعرف الأمور على حقيقتها.
وأرجو أن يدرك الجميع أننا لا يمكن أن نجد إنسانًا بلا عيوب، فالرجل لا يجد امرأة بلا عيوب، والمرأة لا يمكن أن تجد رجلاً بلا عيوب، ولا يفرك مؤمن مؤمنة إن كرهَ منها خُلقًا رضي منها آخر، وهذا إعجاز من هدي رسولنا - عليه صلوات الله وسلامه -.
إذن الإنصاف أن نذكر للإنسان ما عنده من الحسنات، ثم نضع إلى جوارها السلبيات، وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
وصيتنا لكم جميعًا بتقوى الله، ثم بالحرص على كل أمر يُرضيه، ثم بالتقيد بأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ونقول لكم ولكل خاطب ومخطوبة: (لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح) وخير البر عاجله، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكم على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يعينكم على النجاح في حياتكم.
والمرأة هي عنصر النجاح الأساسي لأنها تستطيع أن تتعامل مع الرجل بما يقتضيه حاله، وعندها من القدرات العالية من التأثير على الزوج وعلى الأخ وعلى من حولها ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
وإذا علمتِ مثل هذا الخبر وأنه يكلم أخرى فأخبريه بأنه لا ينبغي مثل هذا الأمر، وتحاولي أن تطالبيه بأن يعجل بإكمال المراسيم، فإن الذي لا يجد الحلال قد يجد نفسه مندفعًا - والعياذ بالله – في مجتمع به الفتن إلى الحرام، وهذا ليس عذرًا قطعًا، ولكن ينبغي للإنسان أن يتخذ من الأسباب ومن الوسائل ما يعينه على بلوغ العافية، وإذا كان قد خطى فقد مشى خطوات جيدة في هذا المشوار فعليه أن يُكمل المشوار وعندها نقول: من تزوج فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.