أعيش حياتي في أحلام وخيال دمرني، فكيف أتغير؟
2012-05-17 07:54:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت مترددة كثيراً قبل أن أطرح مشكلتي هذه، فأنا لم أشاركها لأحد من قبل، قد يطول الشرح ولكنني راجية من الله سبحانه وتعالى أن يُلهمكم إيجاد حل لمشكلتي، وأنا سعيدة جداً بوجود مثل هكذا موقع يُعين الناس على حل أزماتها، فشكراً جزيلاً لكم.
بدأت مشكلتي منذ أن كنت في سن التاسعة من عمري تقريباً، وأنا الآن عمري 19 سنة، منذ أن كنت صغيرة وأنا أسرح بخيالي وأحلم وأشرد، أقضي معظم وقتي إن لم يكن كله وأنا أسرح بأحلامي، أتخيّل نفسي أمام أضواء الشهرة وبمواقف بطولية عدة، وأنني أنا البطلة وأن أنظار الجميع تلتفت إلي والجميع يتهافتون علي، أحلم بأحلام بعيدة جداً عن الواقع، أحلم بأنني قد أصبحت الأولى على العالم في مجال تخصصي مع أنني في الواقع لا أفتح أي كتاب ولا أدرس، أحلم بأحلام بعيدة أقصى درجات البعد عن التحقق على أرض الواقع فكلها تتمحور على المثالية والكمال.
أمضيت حياتي كلها بالوهم والأحلام، أصبح لدي هواية الأحلام التي لا فائدة تُجنى منها وأصبحت محترفة في ذلك، وعندما كبرت بدأت أحلامي تتمحور على الجانب العاطفي والجنسي، أنا الآن أعاني من كثرة التفكير والحلم بالجنس، أحلم أنني مع زوج مثالي وأتخيل المعاشرة بتفاصيلها ولا أستطيع التوقف عن ذلك.
فالأحلام والتخيل يجعلك تعيش الموقف وتشعر بالسعادة واللذة حتى وإن كانت وهمية، ولكن الشعور جميل، أتمنى أن أتوقف نهائياً عن هذه الأحلام، ولكنني وإن حاولت بشدة، أتوقف قليلاً ثم أعاود الرجوع إليها، المشكلة أنّ هذا الوضع تفاقم جداً فأثّر على دراستي وحياتي كثيراً، حتى أنني أصبحت مهملة في كل شيء حتى في حق نفسي، وأصبح لدي استهتار و(عدم تحمّل للمسؤولية اتجاه أي شيء) مهما كان مهمّاً، ولا أفكّر بالعواقب ولا بالنتائج الوخيمة جرّاء إهمالي لحياتي.
أهلي يعانون الأمرّين حتى يدفعوا لي أقساط الجامعة ويؤمنّون لي ما أحتاجه، إلّا أنني مهملة ولا أكترث لجهودهم مع أنني أقدّرها فلا أدرس ولا أساعدهم، لا أستطيع أن أشعر بالمسؤولية كما أن لدي أنانية واستهتار، حتى أنّ تركيزي للأحداث التي تدور من حولي منخفض لأن الأحلام قد استحوذت عليه .
فشلت بدراستي بسبب ذلك مع أنني فتاة ذكية وحافظة القرآن كاملاً، والله تعالى قد خصني بقدرات رائعة، وحتى أنّ الجميع يقول لي أنني مميزة وأهلي يقولون لي : أنت المفروض أن تكوني ذا شأن كبير، ولكنك أضعت مستقبلك بإهمالك وشرودك وتضييعك للوقت، بالفعل أنا لا أدرس ولا أجلس على النت أو التلفاز ولا أساعد أمي في ترتيب المنزل، كل ما أفعله هو أن أحلم وأتخيّل وأن أُرغم نفسي على النوم.
أصبح لدي إدمان على ذلك، وحتى عندما أبدأ بالدراسة تستحوذ علي الأحلام تلقائياً فأتوقف عن الدراسة، أشعر أنني كمن يتعاطى المخدرات يشعر بالسعادة الوهمية القاتلة، ولكنه لا يستطيع التوقف عنها بالرغم من معرفته بخطرها.
أنا لا أريد أدوية، كل ما أريده أن يشعر أحدهم بحالي ويساعدني لتغيير سلوكي وعادتي هذه، راجية من الله تعالى أن يفرج همكم وكربتكم ويدخلكم الجنة من أوسع أبوابها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
كثافة أحلام اليقظة والتأملات والتوهمات ظاهرة معروف في حياة الناس وكثيراً ما ترتبط بالمراحل العمرية وغالب وما تنتهي تلقائياً، كثيراً من الناس استفادوا من أحلام اليقظة وجعلها واقع وحقيقة وكانت حافزاً لهم من أجل الإنجاز الوصول إلى غايات يبتغونها في الحياة.
حالتك الآن تحولت من التفكير المسترسل إلى تفكير ذو طابع جنسي ولاشك أنه عامل مزعج بالنسبة لك، وهذا النوع من التفكير هو تفكير وسواسي ، والتفكير الوسواسي من هذا النوع يجب أن يعالج من خلال تحقيره وربطه بنوع من المقززات والمنفرات تربطي هذه التفكير بحدوث كارثة مثل حدوث حادثة سيارة بشع وشيء من هذا القبيل، وهذا الربط مهم جداً لأنه سوف يقلل كثيراً مما يعرف بالارتباط الشرطي.
هنالك تمارين كثيرة لكنها تتطلب التركيز والمثابرة، أجلسي في مكان هادئ جداً وتأملي في هذه الأفكار وبعد ذلك فجاءة خاطبي الفكرة مخاطبة مباشرة قولي لها .. قف.. قف ... قف أنت فكرة حقيرة أنت فكرة حقيرة أنت فكرة حقيرة، رددي هذا عدة مرات ولابد أن تكون هنالك مكاشفة مع النفس، أو ما نسميه بأن يفضح الإنسان نفسه لنفسه، وبعد ذلك يخاطبها هذه المخاطبات القوية المنفرة للفكرة الغير مرغوب فيها، هذا من التمارين الجيدة إذا طبق بصورة صحيحة.
تمارين أخرى وهو أن تسترسلي في هذه الفكرة ذات الطابع الجنسي فجاءة تقوم بالضرب على يديك بقوة وشدة حتى تحسي بالألم، الشعور بالألم أن يربط بالفكرة الجنسية سوف يضعفها ويكرر هذه التمرين عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، تمارين صرف الانتباه أيضاً مهمة وهي أن هذا الفكر حين يأتيك يجب أن تشترطي على نفسك أنك سوف تغيري مكانك وسوف تنخرطي في نشاط أخر، وهذا لابد أن يكون إلتزاماً شخصياً منك، بدون بذلك لا أعتقد أنك سوف تتخلصين من هذا الفكر والمتسلط وذو الطابع الوسواسي.
أنت لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك ذكرت أنك تحفظين كتاب الله العظيم، وهذا شيء عظيم القرآن لابد أن يكون منيراً لطريقك، ولابد أن يكون هادئاً ومرشداً، تأملي في آياته واسألي الله تعالى أن يجعله سبب وسيلة ومعين في هذه المنحة النفسية، لأنها بالفعل أفكار مزعجة وأنا على قناعة بذلك.
أنا أرى أنك أيضاً محتاجة إلى مقابلة الطبيب النفسي وذلك من أجل القيام بإجراء اختبارات للشخصية الذي يظهر لي أن شخصيتك لها سمات ومميزات لابد من التحقق والتدقق في تشخصيها، وهذا لن يتم إلا من خلال مقابلة المختص النفسي، ومن ثم يمكن أن توجه لك الإرشادات اللازمة، أنت ذكرت أنك لا تريدين علاج دوائي ونحن نقدر ذلك تماماً، ولكن لابد أن أذكر أن عقار فافرين Faverin والاسم العلمي هو فلوفكسمينFluvoxamine لديه فعالية ممتازة جداً لتفكيك هذا النوع من الفكر الوسواسي التوهمي المسترسل.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.