معجبة بزميلي في الجامعة فكيف أعلمه.
2012-05-13 08:56:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم التفضل علي بالرد السريع, والشرعي المقنع بوسطية واعتدال, ومراعاة الظرف والواقع.
أنا طالبة جامعية سنة أولى, ملتزمة, أصلي الفرائض, وأحفظ القرآن, وأقوم الليل, وأصوم النوافل, وملتزمة بالحجاب والجلباب بفضل الله, وأهلي أناس محافظون وملتزمون.
لم أكن أفكر بالزواج, أو الحب, أو اي شيء من ذلك, وأغض البصر عن الشباب, وفي بداية الجامعة فوجئت بشاب يأخذ معي كل المواد مؤدب جدًّا, وملتزم, ومن عائلة محترمة, ولا يكلم البنات, ويغض البصر, وكان دائمًا يحث الشباب على الصلاة, وترك التدخين.
هو ليس متشددا, وهذا ما يعجبني فيه, أحببته من أول نظرة, ولكني أغض البصر, وأقاوم نفسي كثيرًا.
أنام على وضوء, وأقرأ الأذكار, ولكني أحلم به معظم الليالي يناديني وينظر إلي.
أراه هذا الفصل في أكثر من محاضرة, أيضًا هو ينظر إلي اختلاسًا, ولكن إذا رفعت رأسي فجأة وانتبهت له يغض بصره حياء, ويداري خجله.
أشغل نفسي كثيرًا بالدراسة والقرآن والصلاة, ولكني أحبه حبًّا شديدًا, أغار على نفسي كثيرًا, ولكني صرت أغار عليها أكثر كي أحفظها له.
عندما ينظر شاب إلي, أدعو الله أن يكف نظره عني؛ لأني لا أريد أن يعجب بي أحد غيره, حبي له فاق كل الحدود, أخاف عليه, وأشتاق لوجوده في المكان الذي أنا فيه, ولكني لا أنظر إليه مخافة الإثم.
الجامعة عندنا مليئة بالصخب, والفتن, والحياة الفاسدة, والكثير من محاولات التحرش بالفتيات, وأنا أخاف على نفسي كثيرًا من هذا العالم, لا يريحني فيه إلا هو, أحس عندما أراه بالأمان, وأنا خائفة بعد انتهاء هذا الفصل أن يتخصص في غير تخصصي, ولا أعود أراه عندها, وستكون الجامعة شبحًا قاتلاً لي, وأنا لا أريد أن أدمر دراستي؛ لأني متفوقة, ومن أوائل دفعتي.
أنا سألت عن وضعه المادي, وهو قادر على أن يتزوج في الوقت الحاضر, أو المستقبل القريب, وأنا متأكدة من أن أهلي لن يرفضوه إذا تقدم لي.
أنا معروفة بالجامعة بأني لا أكلم أي شاب حتى في أمور الدراسة, لذلك هو متردد بالتأكيد من أن يأتي إلي خوفًا من أن أصده.
أنا أخبرت صديقتي بالموضوع, وهي دائمًا تساندني وتصبرني.
سؤالي لكم: هل يجوز لي أن أبعث له صديقتي تخبره بأني معجبة بأدبه وأخلاقه, وأريده زوجًا لي في المستقبل, وحاليًا أريد أن أعرف إن كان يبادلني نفس الشعور أم لا, وأنا متأكدة من نفسي أنه حتى لو كان يحبني لن أسمح له أن يكلمني, أو يجلس معي, أو يأخذ رقمي فهذا مستحيل, وهو أيضًا لن يرضاه, فقط أريد ذلك من باب الاطمئنان, وهي لن تخبره بأني أنا بعثتها, بل من باب مساعدتي قررت أن تقول له.
أنا أحبه جدًّا, وأفكر به, وقد أخذ قلبي ووقتي, هذا الشعور يقوى ويزداد منذ أكثر من سنة, دون أن يعلم بأي شيء, وأنا تعبت وصبرت كثيرًا, ولكن أليس من حقي أن أعلم إذا كان هذا الصبر من ورائه نتيجة أم لا؟ أرجو منكم أن تقدروا الموقف.
أنا متأكدة من أنه لن يأخذ عني أي فكرة سيئة؛ لأنه يعرف عن أخلاقي وأدبي واحترامي.
ساعدوني, وأشيروا علي, جزاكم الله الجنة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وعن أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً وتقىً وأدبًا وخلقًا وديانة, كما نسأله -جل جلاله- أن يوفقك لمزيد من التميز والتقدم العلمي حتى تكوني خادمة لدينك على أعلى مستوى، كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يمنّ عليك بزوج صالح يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه مما لا شك فيه أن القلب إذا تكلم عجزت الجوارح أن تنطق، وأنت قد أصبت يقينًا بسهم نافذ إلى قلبك، خاصة تعلقك بهذا الشاب الذي اقتحم عليك قلبك، رغم أنك حريصة على ألا تخالفي شرع الله تعالى, وملتزمة بدينه -جل جلاله-، وهذا أمر قدّره الله تبارك وتعالى ولا شك، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
وأنت الآن تتعرضين لفتنة عظيمة وابتلاء كبير أراد الله أن يختبر إيمانك وصدقك، ليعلم سبحانه وتعالى هل ستثبتين على الحق أم تضحين بدينك من أجل مجرد هذا الميل العاطفي والقلبي، كم أتمنى أن تنجحي فعلاً في التغلب على هذه المحنة، وأن تظلي قوية شامخة عملاقة كبيرة، لا تهزك رياح الفتن والشهوات والعواطف، وإنما تظلين مع شرع الله تعالى معزة به، رافعة لراية إسلامك على رؤوس الأشهاد، وأن تجعلي هدفك الأول أن تكوني فعلاً من الأوائل على دفعتك دائمًا أبدًا، وأن تكوني الأولى إن لم تكوني من الأوائل، حتى تستطيعي أن تحققي مجدًّا لهذه الأمة التي كُسر جناحها منذ سنوات وسنوات وسنوات.
فيما يتعلق بهذا الشاب الكريم الفاضل الذي تكلمت عنه، والذي ملك عليك قلبك، أنه مما لا شك فيه هو إنسان رائع من خلال وصفك له، ولكن صدقيني، وأنا في مقام والدك، فأنت في سن أبنائي الصغار، أن مجرد فتح هذا الموضوع سيجعلك سلعة رخيصة جدًّا.
إن قيمتك الآن في عفافك، قيمتك الآن في حيائك، قيمتك الآن في غض بصرك، قيمتك الآن في عدم الكلام معه، وبالتالي هو سيحرص بكل ما أوتي من قوة إذا كان صادقًا على أن يحصل عليك؛ لأنه سيعلم أنك جوهرة غالية ونفيسة.
أما إن أرسلت هذه الأخت الآن، فهذا شاب صغير مثلك تمامًا في مثل سنك، فقد يفهم الأمر على خلاف حقيقته، وقد يسيء بك الظنون، وقد ينظر إليك نظرة رخيصة، لأنه ومما لا شك فيه أنه شاب ذكي مثلك، وأنه لن ينطلي عليه أن فتاة جاءت من تلقاء نفسها لتعرض عليه أن هذه الأخت على استعداد أن ترتبط بك.
أنت بذلك تدمرين كل المشاريع التي لديك، وهذا الأخ إذا أجابك جوابًا لا تحبينه -صدقيني- ستفقدين التميز الديني والأخلاقي والقيمي والعلمي في وقت واحد.
ولذلك نصيحتي لك أن تُخرجي هذه المسألة من ذهنك تمامًا، وألا تفكري فيها لأنها تمثل نوعًا من الانتحار المدمر الذي قد يعود عليك بالسوء في كل مجالات حياتك.
اتركي الأمر لله تبارك وتعالى وحده، واعلمي أنه لو كان لك وقد قدره الله لك فقطعًا سوف يأتيك، ويتقدم لك في الوقت الذي أراده الله.
هذه الخطوة التي ستقدمين عليها -فوق أنها انتحار- هي لن تقدم ولن تؤخر شيئًا بل على العكس ستسيئ إليك أيما إساءة، ولذلك أتمنى أن تغلقي هذا الباب نهائيًا، وأن تحافظي على ما أنت عليه.
الذي أعجبه فيك إنما هو أدبك وأخلاقك وقوة شخصيتك، فأنت الآن ستقولين له (أنا ليس لديَّ شيء من ذلك، لأني أعرض نفسي عليك).
إذن حافظي على ما أنت عليه؛ لأن سبب إعجابه بك إنما هو ما أنت عليه الآن، فلا ينبغي أن تتنازلي عن هذا التميز الذي جعله يتمنى أن يكون زوجًا لك, أنت لا تعرفين مشاعره كما تقولين، ولكنك في نفس الوقت أيضًا تعلمين أنه ينظر إليك, وأنه يحترمك، وهذا يكفي جدًّا.
حافظي على ما أنت عليه من هدوء وسكينة وصلاح واستقامة وتميز علمي، وابذلي أكبر وقت ممكن في تميزك العلمي حتى تتفوقي عليه وعلى غيره، واعلمي أنه إن ذهب شرقًا أو غربًا, أو دخل تخصصك أو خرج منه فإنه إذا كان قد قدره الله لك فسوف يأتيك, ولو من فوق السحاب، وإذا لم يكن لك فيه من نصيب شرعًا فثقي وتأكدي أنك لو كنت زوجة له فسوف يتركك؛ لأن الله لم يشأ أن تكوني له.
إذن اتركي الأمر لله، وعليك بالتوجه إلى الله -تبارك وتعالى- بالدعاء أن يقدر الله لك الخير؛ لأن هذا الشاب قد يكون في الظاهر بالنسبة لك هو المناسب، ولكن في علم الله قد يسومك سوء العذاب، وقد يكون بالنسبة لك عذابًا ما بعده من عذاب بعد الارتباط به؛ لأنك لا تعلمين الغيب والله تبارك وتعالى يقول: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} ويقول: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فاتركي الأمر لله وحده، ولا تفتحي هذا الباب على نفسك، ولا تحاولي أبدًا أن تضعفي أمامه أو أمام غيره، وإنما تمسكي بتميزك الأخلاقي والقيمي ومبادئك، وتمسكي كذلك أيضًا بتميزك العلمي.
أنت تفكرين أن ترسلي إليه صديقتك، لماذا هو لا يفكر يرسل إليك أحدا يتكلم معك؟ كان الأولى أن يقوم هو بهذا الدور ولست أنت؛ لأن الفتاة الغالية دائمًا هي التي يطلبها الناس, وهي لا تطلب الناس – يا بنيتي -.
أسألك بالله لا تفكري في هذا الأمر مطلقًا، مهما كانت الإغراءات، لأنك بذلك ستقضين على مشروع حياتك نهائيًا، وبدلاً من أن تكوني عزيزة مطلوبة عالية غالية رفيعة، ستكونين إنسانة عادية, وقد يساء الظن بك -والعياذ بالله-، رغم أنه يعرف قيمك وأخلاقك واحترامك، إلا أن ذلك كله ساعتها لن يغني عنك من الله شيئًا.
فعليك -بارك الله فيك- بالتزام ما أنت عليه من الخير، وتوجهي إلى الله تبارك وتعالى ليس بسؤال هذا الشاب بعينه، وإنما أن يقدر الله لك الخير حيث ما كان وأن يرزقك الرضا به.
إن الحب نوع من العبودية، ولذلك عليك أن تحرري نفسك من هذا الارتباط الآن؛ لأني أخشى أن يؤثر على مستواك الدراسي والعلمي، وفي النهاية قد لا يكون لك.
فعليك أن تنتبهي لمصلحتك، وأن تحافظي على دينك وأخلاقك وقيمك، ومن أرادنا فليأتنا، خاصة وأنك ما زلت في التاسعة عشر عامًا من عمرك، وصغيرة لا يوافق أهلك على الارتباط الآن، وهب أنه تقدم لك الآن وعقد قرانك هل ستصبرين هذه الفترة؟ أعتقد أن ذلك بعيد أن يكون.
أسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به، وأن يريك الحق حقًّا ويرزقك اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه، وأن يلهمك السداد والرشاد.
هذا وبالله التوفيق.