أهلي يريدون تزويجي بأحد أقاربي لكني أكرهه رغم كفاءته، فما الحل؟
2012-05-14 09:18:33 | إسلام ويب
السؤال:
أهلي يريدون أن يزوجوني أحدا من الأقارب، وهو ذو مال، ودين، ولكنني لا أريده، فأنا منذ صغري أكرهه كثيرا، وأنا حتى لا أريد أن أعتبره أخي من كرهي له، أتت أخته مرة وظهرها مجروح، فقد كان يضربها لأتفه الأسباب، ومرة ضربها فقط، لأنها أغلقت باب غرفتها عندما كانت أمها تكلمها.
أنا حتى لا أستطيع الاستخارة أدعو بأن لا يحدث، ويكون فيه خير، وأمي تهددني أحيانا، وتقول إنه سيأتيك شخص أسوء، فإذا لم أقبل، هل سيسخط الله علي، وأكون عآقة لأهلي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وأرجو أن يعلم الجميع بداية أنه لا يجوز، ولا يصح لإنسان أن يُكره فتاة على الزواج بمن تكره، وأبلغ ما يدل على ذلك حديث المرأة الأنصارية التي جاءت للنبي - صلى الله عليه وسلم – وقالت: (إن أبي زوّجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا كارهة) فرد النبي - صلى الله عليه وسلم – نكاحها، وجعل أمرها إليها، لكن الفتاة بعد ذلك قالت: (قد أجزْتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن يعلم الناس أن ليس للآباء من الأمر شيءٌ). والنبي - عليه الصلاة والسلام – هو القائل: (لا تزوّج البكر حتى تُستأذن، ولا تزوّج الثيب حتى تُستأمر) فالبكر لابد أن تستأذن، وإذنها صِماتها.
لذلك ينبغي أن ينتبه الأهل لخطوة ما يحصل، فإذا كنت لا تريدين هذا الرجل فلا يستطيع إنسان أن يجبرك عليه مهما كانت منزلته، ومهما جاء بالمال، وجاء بالدين وجاء بكل شيء، لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، والإنسان لا يملك قلبه، ولا يجوز لأحد أن يجبرك على ما تكرهين، ودور الوالدين إرشادي، من حقهم أن يقولوا (أحسن لك، وأفضل لك، مناسب فيه خير كذا) ولكن في النهاية القرار النهائي لك وحدك، لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه، وهذا هو الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
بعد هذا التوضيح أحب أن أناقشك نقاشًا واضحًا، فإذا كانت أسباب الكره معروفة متأصلة فيه لا يمكن أن تزول، فمن حقك عند ذلك – وننصحك – بأن لا تقبلي، أما إذا كانت أسباب الكره مجهولة وأنت تجدين في نفسك نفورًا بلا سبب وبلا تداعيات، فعليك أن تستعيذي بالله تعالى من الشيطان، وتغتنمي هذه الفرصة، خاصة، وقد ذكرتِ أنه صاحب دين، وأن الله أعطاه مالاً.
أما قسوة هذا الرجل على أخواته – كما ذكرتِ – فإننا نحب أن نسأل ما هي أسباب تلك القسوة؟ ونحن قطعًا لا نؤيد أن تُضرب الأخت الصغيرة بهذه الطريقة، ولكن لابد أن نبحث عن الأسباب، إذا وجدت طفلاً يبكي فلا تلومي من ضربه قبل أن تسألي عن السبب، وإذا جاءك إنسان بعين واحدة فلا تستعجلي في الحكم فربما كان الثاني فقد عينيه.
لذلك نحن نريد مثل هذه الأمور أن ندرسها، وأن ننظر للاعتبارات الحاصلة، لأن كثيرا من الناس يخبر جزءً من الكلام أنه مظلوم، وأنه مضروب، وأنه كذا، ولكن هو لا يخبرنا لماذا، ولا يخبرنا عن السبب الفعلي في هذا الأذى الذي لحق به.
لذلك نحن ننصحك بأن تفكري في الأمر، وأن تستخيري، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير.
الإنسان عليه أن يستخير، وفي الاستخارة يقول الإنسان: (واصرْفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به).
عليك كذلك أن تشاوري العقلاء والفاضلات من محارمك، تتعرفي على الفرص المتاحة، على الأخلاق الفعلية لهذا الرجل، على الدوافع الفعلية التي دفعته لطلب يدك.
تأملي قول الأهل، وانظري ما هي أسباب الإصرار على هذا الرجل؟ ما هي الفرص المتاحة في الأفق؟ لابد أن تكون النظرة شاملة قبل أن يتخذ الإنسان قراره، والقرار الصحيح يبنى على أسس، وعلى دراسات، وعلى موازنات، وعلى نظرات عميقة في مآلات الأمور، والمرأة تحتاج أن تتذكر هذه الأشياء؛ لأن المرأة دائمًا تحكم بعاطفتها، وفي اللحظة الآنية، ونحن نريد قبل أن تتخذي قرار الرفض النهائي أن تنظري في كل هذه الأبعاد والخيارات المتاحة، في وضع هذا الرجل، في الأشياء المترتبة على قبولك به وعلى رفضك له.
نحن نحتاج إلى أن تنظري في هذا الأمر بطريقة شاملة، وإذا وجدت بعد ذلك النفور، والكره، وعدم الرغبة، فنحن لا ننصح حقيقة أن يجامل الإنسان في مثل هذه المسائل، لأن هذا زواج، ومشوار الحياة طويل، والإنسان يندم إذا لم يتخذ القرار الصحيح.
لا تعتبرين عاقة لأهلك، ولكن عليك أن تجتهدي في إرضاء الوالدة، وفي الإحسان إليها، وفي تقدير مشاعرها، وكوني لطيفة في التعامل معها، فإنها لا تريد لك إلا الخير، صحيح قد تُخطأ الخير لكن نحن ننظر في نيتها الأصلية، في إرادة الخير لك، فهي تطمع في أن تفوزي، وترى في هذا الرجل الفرصة والخير لك، فينبغي أن تنتبهي لهذه المشاعر حتى يحملك ذلك على السعي في إرضائها وحسن الكلام معها ، والحرص على زيادة البر بها، فإن الشريعة تأمرنا بالإحسان للوالدين وخاصة الوالدة، لما لها علينا من الحق والبر.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهم أهلك والجميع التفهم لهذا الوضع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا جميعًا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.
والله الموفق.