أرفض الخطاب لخوفي من المعاملة السيئة؛ فساعدوني.
2012-05-22 09:53:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما شاء الله على هذا الموقع الذي استفدت منه كثيرًا.
أنا فتاة عمري 23 سنة من عائلة محترمة ومتدينة، وأنا خجولة جدًّا, عندي مشكلة من الممكن أن تكون بسيطة, لكن عقدة حياتي أنني كل ما يطلبني رجل للزواج أرفض، وأخاف أن يعاملني معاملة سيئة مثل المعاناة التي تعيشها أخواتي البنات مع أزواجهن، أصبح أبي يغضب مني لرفضي الدائم؛ لأنه أعجبه شاب طلبني للزواج وأنا رفضته, ساعدوني في حل مشكلتي.
والسلام عليكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة راشيد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به, ونشكر لك الثناء على موقعك، وهذا واجبنا, ونحن شرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا والفتيات, الذين هم أمل الأمة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدين، وأن يهيئ لك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.
وبداية نقول: لا شك أن طاعة الوالد, وبر الوالد, والسعي في إرضائه من أهم أهداف الفتاة المسلمة، وما من امرأة قصدت بعد رضا الله تبارك وتعالى إرضاء والديها إلا كان التوفيق حليفًا لها في هذه الحياة، ونحن نريد أن نقول لك: لابد أن تنظري بالعين الأخرى، فإذا كنت سمعت عن بنات وعن زوجات غير سعيدات مع الأزواج, فهناك ملايين من الزوجات السعيدات ولله الحمد، فلماذا لا تنظرين إلى النماذج الإيجابية، وأرجو كذلك أن تعلمي أن الفشل قد يكون من الزوجات, فليس كل فشل مع الرجال, وليس كل سوء في الرجال، فالسوء أحيانًا قد يكون في الرجل, وأحيانًا قد يكون في المرأة.
ولكن أقول لك – يا بنتي الفاضلة – إذا كانت المرأة صالحة وعاقلة وناضجة فإنها تستطيع أن تصلح الرجل بما تملك من عناصر التأثير والوعي والأنوثة، وهذه المعاني هي التي جعلت المرأة أكبر مؤثر على الرجل، فالمرأة الصالحة تؤثر على والديها، تؤثر على زميلاتها، تؤثر على أخواتها، تؤثر على زوجها، فكوني أنت تلك الفتاة الصالحة، واعلمي أن الحياة الزوجية وأن المرأة لا يمكن أن تسعد إلا في رحاب رجل، إلا مع رجل يسعدها ويكرمها، والرجل كذلك لا يمكن أن يسعد إلا مع امرأة تكرمه.
وهذا الأمر – أمر الزواج – هو من السنن التي لا نستطيع أن نستغني عنها، فهي سنن كونية، سنن إلهية، فلا سعادة للإنسان دون زواج, وكون الوالد يغضب وكونك تردين الخطاب، هذا ليس في مصلحتك؛ لذلك غضب الوالد في مكانه، خاصة عندما لا تكون هناك أسباب, صحيح إذا كانت لك أسباب بأن لم تجدي قبولاً لهذا الشخص، أو عندك نفور منه، أو كان ضعيف الدين، أو لم يكن عنده أخلاق، أن هذه أسباب مقبولة لرفض الخاطب، أما أن يطرق الباب رجل صالح، شاب فيه خير ومقبول، ثم ترفضينه لأنك تخافين من المستقبل، لأنك تفكرين في النماذج السلبية، لأنك تتذكرين أن فلانة تزوجت ولم تسعد مع زوجها، فنحن نرفض تعميم التجارب الفاشلة.
ونريد أن نقول: الأصل هو النجاح في الحياة الزوجية، ونقول: حتى من فشلن يشعرن بلذة الحياة الزوجية ومتعها؛ لأن الحياة الزوجية مثل ما فيها جراح هي فيها كذلك أفراح، مثل ما فيها مواقف سالبة الأصل أن فيها مواقف جميلة، وأن الإنسان من خلال زواجه قد يرزقه الله تبارك وتعالى بذرية صالحة تنسيه كل المعاناة وكل الصعاب التي قابلها، بل قد يكون هذا الزواج سببًا في خروج ولد (طفل) - ذكر كان أو أنثى – سبب لدخول والديه إلى جنة الله تبارك وتعالى، فلا تغلقي على نفسك هذا الباب من الخير بدعوى التجارب الفاشلة, أو بدعوى المعاناة التي تسمعين بها، وحاولي دائمًا أن تدخلي للمواقع لتسمعي ولتشاهدي التجارب الناجحة جدًّا، فهناك تجارب ناجحة جدًّا لحياة زوجية سعيدة، بل هي سعادة تصل الدنيا بالآخرة.
فليست السعادة في الدنيا فقط، وإنما عندما يتعاون الزوج مع الزوجة على طاعة الله, وعلى كل أمر يُرضي الله تبارك وتعالى، فإن السعادة تمتد بهما لتصل إلى الآخرة، قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}, ولذلك ينبغي أن تُقبلي على الحياة الزوجية, وتحاولي أن تقبلي بالخاطب صاحب الدين والأخلاق إذا طرق الباب، وكوني حريصة على أن تسعدي وتنجحي معه، فإن للنجاح أسبابًا، كما للفشل كذلك أسبابًا، فمن أهم أسباب النجاح: الاستعانة بالله تبارك وتعالى، والقيام بالواجبات التي فرضها الله تبارك وتعالى عليك، والإحسان للزوج وأهله، وقبل ذلك بر الوالدين، والدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واصطحاب المشاعر النبيلة، والتفاؤل بالخير، ومساعدة المحتاجين، والتثقف والقراءة في الناحية الشرعية لمعرفة الثقافة الشرعية في تكوين الأسرة.
واعلمي أن كثيرًا من الزوجات يدخلن الجنة بصبرهنَّ على الأزواج، كما أن كثيرًا من الأزواج يدخلون إلى جنة الله بصبرهم على الزوجات، فالحياة الزوجية فيها خيرات, وفيها نعم لا نستطيع أن نحصيها، ولذلك لا تترددي في الدخول إلى هذا القفص الذهبي – فعلاً هو أكثر من ذهب – وحاولي أيضًا أن تكوني في طاعة والديك والبر لهم؛ فإنهم أحرص الناس على مصلحتك، ولا يمكن أن يريدوا لك إلا الخير، فلذلك كم هي سعيدة من ترضى من يرضاه الوالد مع قبولها له، فلابد أن يكون هذا مقبولاً بالنسبة لك، فالأرواح جنود مجندة, ما تعارف من ائتلف, وما تناكر منها اختلف.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه.