تزوجت رغماً عني فأصابني الاكتئاب، فما توجيهكم؟
2012-05-30 11:05:12 | إسلام ويب
السؤال:
أولاً أشكركم على هذا الموقع الذي يرفه عن نفوس الحائرين.
أبلغ من العمر21 عاما، متزوجة منذ 4 سنوات، تزوجت رغماً عني، أي عائلتي أجبرتني على الزواج، قالوا: نفعل هذا لمصلحتك، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من الاكتئاب والملل من هذه الحياة، أقضي معظم وقتي وحيدة، ولا يهمني شيء، حتى إنني لا أعرف كيف أعامل زوجي! أحس منه بالخجل كأنه غريب بالنسبة لي، أحبه كثيراً، لكنني لا أستطيع أن أعبر له عن مشاعري، عندما يكون معي أظل صامتة لا أجرؤ عن الكلام.
زوجي يعمل خارج بلدنا، وهذا يجعله يسافر لمدة طويل، كلما جاء تصبح أموري أسوأ، هذا ما يمنعني من التقرب من زوجي، عندما يسافر أشعر كأنني غير متزوجة، وأنني لست مهمة بالنسبة له، فهمه فقط العمل والحصول على المال، لا يهتم لمشاعري أو أنه من حقي العيش مثل باقي النساء، فقط يطلب مني أن أنفذ أوامر أمه التي تتدخل في أموري، يعاملونني كأنني فتاة صغيرة وغير مسؤولة.
منذ ستة أشهر عندما أغضب أو أبكي أحس بألم في قلبي وارتفاع الضغط، لدرجة أنني في بعض الأحيان لا أستطيع الرؤية يصبح كل شيء أمامي أسود اللون، احتاج إجابتكم بسرعة لو سمحتم، وأرجوكم، لأني إن بقيت على هذه الحال سأصاب بالجنون، لأن البكاء هو رفيقي في هذه الحياة المغرورة، وشكراً وجزاكم الله كل خير، ومثواكم الجنة إن شاء الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، ونحب أن نخبرك بأننا قرأنا رسالتك بعناية وتفهمنا وضعك وما تمرين به في حياتك الزوجية، وننصحك أختنا الفاضلة بما يلي:
أولاً: الإيمان التام بأن المرء يعيش في الحياة وهو يدرك أنه لا محالة مبتلى أمر يساعد على تجاوز البلاء، خاصة إذا علمت أختنا الفاضلة أنه لا يوجد أحد قط لا يصيبه البلاء، هذا أضحى من المحال، حتى من تظنينه يعيش في رغد من العيش فهو مبتلى كذلك في جانب آخر أنت لا تعرفينه، فالمرأة غير المتزوجة تنظر إليك على أنك في نعيم بأن منّ الله عليك بزوج، وربما تقول في داخلها لو كان عندي زوج وأعيش في العذاب فلا بأس، وكذلك الغني الذي ينظر الناس فيحسدونه على غناه ولو علموا ما به من مرض لما تمنوا ذلك، الشاهد أختنا الفاضلة أن كل ولد آدم كتب عليه حظه من البلاء مدرك ذلك لا محالة، هذا شأن من يعيش في الحياة الدنيا.
كما قال الشاعر:
جُبِلَتْ على كَدَرٍ وأنتَ تُرِيدُهَا صَفْوًا من الأَقْذَاء والأكدارِ؟!
ومُكَلِّـفُ الأيامِ ضِـَّد طِبَاعِهَا مُتَطَلِّــبٌ في الماءِ جَـذْوَةَ نَارِ!
ثانياً: في كل حياة زوجية مناطق إيجابية وأخرى سلبية، ومنطقة وسطى قد نطلق عليها المنطقة الرخوة، ونقصد بها الأمور العادية التي يفعلها الزوج بحكم العادة مثل النفقة على الزوجة، والمسكن الموجود لها وغير ذلك مما يعد أموراً عادية في الأسرة الطبيعية، وقد يكون قاصمة ظهر في بعض البيوت التي ربما يدمرها عدم وجود النفقة أو المسكن أو غير ذلك.
المهم أن تجلسي مع نفسك لتحديد مواطن الإيجابية في زوجك وعائلته على حد سواء ومواطن السلب، وكذلك المناطق التي تمر كعاديات في حياتكم، ثم تجمعين مواطن الإيجابية بجوار الأمور العادية، هذا يجعلك تشعرين بسعادة تدفعك إلى مواجهة ما تمرين به من آلام، لأن من الخطأ في مواجهة الأزمات الدخول عليها بنفس منكسرة هزيلة عديمة المناعة مما يسهل أن تكون فريسة لتلك الأزمة.
ثالثاً: بعد معرفة الأخطاء حديديها بعناية وقسميها إلى أمرين:
- قسم يصعب التخلص منه على المدى البعيد.
- وقسم يصلح التخلص منه ببعض الجهد.
وفائدة ذلك تكمن في عدم مواجهة العادات المتأصلة التي لا تستطيعين مواجهتها أو لا يستطيع الزوج نفسه لو أراد تغييرها، فمثلاً زوج فقير لا يقوى على العيش وحده في بيت منفصل لعدم قدرته، ثم تكون المعركة بينهما على ذلك، هذا خطأ منهجي؛ لأن الإنسان المعتدل عليه أن يواجه ما يصلح تغييره ويفكر في تقليل سوء ما لا يقدر.
رابعاً: النظر إلى الذات، وهذه نقطة مهمة أختنا الفاضلة؛ لأن بعض الأزواج ينظر كثيراً إلى أخطاء زوجته، ويبدأ يحاكم على ذلك ويقاضي ويغضب دون أن يسأل يوماً أليس لها عليّ بعض الملاحظات أو الأخطاء، وأنت أختنا الفاضلة ينبغي عليك أن تنظري إلى ذاتك لتدركي ما هي الأمور التي يمكن أن يقال فيها تقصير، وهل يمكنك معالجتها؟ وفائدة ذلك أن تشغلي ببعض المسالب التي لو تغيرت ربما تغير من طبيعة زوجك وتدفعه إلى مزيد اهتمام بك.
خامساً: الاحتساب والأجر، ما من عبد تصيبه مصيبة أو ألم أو بلاء فيصبر إلا يجد عقبى ذلك عند الله عز وجل قال تعالى :{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } وأكثر الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والمرء يبتلى على قدر دينه.
سادساً: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله عز وجل، فالقلوب بيده سبحانه يقلبهما كيف شاء، الله لا يخذل عبداً دعاه أو رجاه.
وفي الختام نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لك السعادة مع زوجك، ونحن سعداء بتواصلك معنا، والله ولي التوفيق.