بعد دخولي الجامعة قل تركيزي، هل للملاكمة علاقة بذلك؟
2012-05-28 08:54:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب بكلية الهندسة تخصص الميكانيكا في السنة الثالثة بالكلية، والثانية في التخصص، أبلغ من العمر 20 عاما، كنت لامعا في الدراسة حينما كنت في الابتدائي والإعدادي، حيث كنت متفوقا جدا في الرياضيات، واللغة وإلى حد كبير في النحو، فلقد كنت الأول تقريبا على الفصل في الرياضيات، وكنت سريعا جدا في الحسابات، وفهم النظريات الهندسية وتحليلها، كنت إلى حد كبير لامعا، وكنت أيضا أشارك في التحليلات السياسية، وفهم أنظمة الحكم وما إلى ذلك .
بدأت مشكلتي منذ كنت تقريبا في أول ثانوي منذ حوالي 6 سنوات حيث بدأت أشعر أن قدرتي على الفهم قد قلت، وليست مثل ما كان في السابق حيث بدأت بدراسة الفيزياء، وحساب المثلثات، وقد تأثرت بذلك، ولكني حاولت تجاهله، وقد حصلت علي درجة 11 من 12 في تلك السنة في الفيزياء، ثم في العامين التاليين (الثانوية العامة ) لم أكن أهتم بالفهم، لأن كل همي كان الحصول على مجموع معين يمكنني من دخول الجامعة التي أريد، فما لم أكن أفهمه كنت أحفظه بدون محاولة جادة للفهم، وقد حصلت على 98% في الثانوية العامة.
بعد دخولي الجامعة لم أكن مهتما كثيرا بالدراسة حيث كنت أعتبرها مملة، ولكني في السنة الإعدادية للكلية حصلت علي مجموع 64% ، وهو مجموع أعتبره جيدا فهو أقل من تقدير الجيد ب1% ، واستمرت الدراسة على هذا الحال إلى أن قرأت عن فكرة المحركات حيث فهمتها بسهولة عندئذ وقعت في حب الهندسة، وبدأت أهتم بالدراسة كثيرا، وبالفعل حصلت تقديرات جيد جدا، وجيد في امتحانات الترم الأول، ودخل الترم الثاني، وبدأت أشعر بالمشكلة حيث لا أستطيع فهم أشياء بسيطة أو أستغرق وقتا كبيرا في فهمها، وهي أشياء بسيطة جدا حيث صرت فعلا أشعر بصعوبة كبيرة في التحليل، والاستنتاج، والفهم، ولكني في نفس الوقت أذاكر وأحل جيدا في امتحاناتي، ولكني فعلا أشعر أن هناك خللا معينا في وظائف المخ، والتحليل، والاستنتاج، والتخيل، والفهم، أو أني أفكر بنصف مخ مثلا، وأنا في حيرة كبيرة جدا، ولا أدري ما يحدث لي.
المهم أني ذهبت إلي طبيب نفسي، فوصف لي دواء اسمه ابيكسيدون (نصف حبة قبل النوم) ودواء آخر اسمه ليبنوليكس، أو ليبونيكس (حيث أقرأه بصعوبة من الروشتة) حبة واحدة بعد الإفطار المهم بحثت عن تلك الأدوية علي الانترنت، فوجدتها لمرضي الفصام، وحين بحثت عن ذلك المرض وأعراضه وجدت أني لا أعاني من معظم تلك الأعراض رغم معاناتي من بعض الاكتئاب، والقلق، وضعف الثقة في النفس، والعصبية، وأيضا بعض الوساوس القهرية، ولكني لا أعتبرها خطيرة جدا، ولكني منفتح جدا في علاقتي بالناس، ولي كثير من المعارف، والأصدقاء، ولا أعاني العزلة كما أني أنيق وأهتم بمظهري جدا وإلى حد كبير رياضي.
أنا أيضا لعبت الملاكمة لفترة قصيرة إلى حد ما، وتعرضت لعدة ضربات قوية في الرأس والوجه والأسئلة هي:
مم أعاني؟ (فيما يتعلق فقط بوظائف التفكير وما إلى ذلك)؟ وهل فعلا أصبحت غبيا أم لا؟ أنا أصلا هكذا لكني أظن نفسي كنت ذكيا؟ وهل أتناول الدواء لأني خائف جدا من تناول الأدوية النفسية؟ كما أني أريد أن أكمل لعب الملاكمة فهل لذلك تأثير علي المخ أو الدماغ؟
آسف جدا علي الإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنك شخص حباك الله تعالى بالكثير من المقدرات المعرفية التي أهلتك لاستنباط المعلومات، والقدرة على التحليل، والاستنتاج، والاستفادة من التفكير الخيالي، وأنا أرى أن سقف مقدراتك عالي جدًّا – أو هكذا كان – وفي ذات الوقت هذا جعلك تكون صارمًا على نفسك بأن لا تتقبل أي شيء تحت هذا السقف، بمعنى أنك تريد دائمًا أن تكون متميزًا، تريد أن تحلل الحقائق التي أمامك، ويعرف أن الإسراف في تحليل المعلومات - على وجه الخصوص المعلومات العلمية في بدايات الحياة الأكاديمية – يؤدي إلى الكثير من الشلل المعرفي – إن جاز التعبير – ويؤدي إلى الشعور بالقلق، وشيء من الوساوس، ومن ثم يشعر الإنسان بالإحباط وأن مقدراته قد ضعفت.
أعتقد أنك مررت بحالة اكتئابية هي التي جعلتك تحس أن مقدراتك المعرفية قد بدأت تضمحل، وكذلك رغبتك في التحصيل والمعرفة، وأصبحت تفسر الأمور بمقاييس سلبية.
هذا هو الذي أراه، ومع احترامي الشديد لمن أعطاك الأدوية المضادة للذهان لا أرى أن هناك مؤشرا يشير إلى أنك تعاني من أي حالة ذهانية.
أنا لا أريد أن أطمئنك وأتركك هكذا، لكن هذه وجهة نظري، وفي نفس الوقت أقدر تمامًا وجهة نظر الأخ الطبيب الذي وصف لك هذه الأدوية، وهو ربما يكون في موقع وموضع أفضل مني، لأنه قد قام بفحصك ومناظرتك ومن ثم قرر خط العلاج الذي وصفه لك.
عمومًا أنا لا أريدك أن تنزعج حول اختلاف النظر، الذي أراه هو أن تذهب للطبيب مرة أخرى، وتحاوره وتناقشه.
وبالفعل أتفق معك أن أعراضك هي ذات صبغة اكتئابية وقلقية ووسواسية، هذا هو محتواها الرئيسي، وأعتقد أن تناول أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف والوساوس مثل عقار فافرين - أو بروزاك أو مودابكس - بجرعة بسيطة مفيدًا جدًّا بالنسبة لك.
وفي ذات الوقت عليك أن تدرك أن مقدراتك لا تزال موجودة، لم تذهب، هذه المقدرات أصبحت الآن فقط مختبئة خلف جدار الشعور بالإحباط الذي أصابك، وكذلك الوسوسة هي موجودة لكنها كامنة، وإن شاء الله تعالى بشيء من الاجتهاد وتجاهل القلق والتوتر والوسوسة وتناول الدواء الذي سوف يصفه لك الطبيب تستطيع - إن شاء الله تعالى – أن تنطلق انطلاقة جديدة، لأن الأصل موجود، والأصل هي المقدرة المعرفية، وهذا شيء عظيم ويميزك، ونقول الحمد لله والشكر على ذلك، وأسأل الله تعالى أن يديم لك هذه المقدرات، وأن تسعى دائمًا إلى تطوريها.
كثيرًا ما يعطل الإحباط مقدرة الإنسان على الاستفادة من مقدراته، وكذلك تنظيم وقته، فكن حذقًا ولبقًا، ووزع وقتك توزيعًا جيدًا، فخصص وقتا للراحة، ووقتا للرياضة، ووقتا للدراسة، ووقتا للمذاكرة، ووقتا للقراءة غير الأكاديمية، والتواصل الاجتماعي... وهكذا. من خلال هذا النوع من الجدولة تستطيع أن تحس بمقدراتك مرة أخرى، وإن شاء الله تعالى تنطلق انطلاقة فعالة ومثابرة وإيجابية جدًّا.
هذا هو الذي أراه من حيث علاج حالتك.
أما فيما يخص موضوع ممارسة الملاكمة، فحقيقة هنالك مآخذ كثيرة على هذه الرياضة – لا شك في ذلك – فهي كرياضة، بعض علماء السلوك يرون أنها تفريغ أو تعبير عن العنف الداخلي، هذه ربما تكون وجهة نظر مقبولة أو مغلوطة أو مرفوضة، والشيء المؤكد أن إصابات الرأس المتكررة قد تؤدي إلى شيء من التأثير السلبي على خلايا الدماغ. تعرف كيف تأثر (محمد علي كلاي) وأصيب بحالة شديدة من الشلل الرعاشي الذي نتج من الضربات المتكررة على رأسه، وهنالك أمثلة كثيرة جدًّا.
أنا أعتقد أنك إذا استبدلت رياضة الملاكمة برياضة أخرى هذا سوف يكون أفضل، وبما أنك قابل لشيء من الوسوسة والقلق فحتى إن مارست هذه الرياضة (الملاكمة) فسوف يأتيك دائمًا الشعور بأنها سوف يكون لها تأثير سلبي على خلايا الدماغ، إذن يفضل تمامًا أن تحسم هذا الموضوع باستبدال هذا النوع من الرياضة برياضة أخرى أفضل وأنفع، وأنواع الرياضة كثيرة، وكلها مفيدة - إن شاء الله تعالى -.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.