زوجتي أخفت عني عقد قرانها قبل زواجنا، فما مشورتكم؟
2012-06-06 08:53:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب تزوجت منذ 3 سنين, ورزقني ربي طفلتين, الحمد لله دخلي المادي جيد, ومن عائلة محافظة, وكانت تربيتي منذ الصغر على الدين القويم ولله الحمد, فلم أواجه ما يوجهه بعض الشباب من علاقات قبل الزواج أو اختلاط داخل العائلة.
تزوجت من فتاة عائلتها وتربيتها كانت أيضا كذلك, ولكن اتضح لي بعد الزواج أنها غير ذلك في كثير من الأشياء -هداهم الله-.
مشكلتي هي كالتالي: بغض النظر عما كانت عليه زوجتي قبل زواجها، اكتشفت أن زوجتي عقدت قرانها على رجل آخر قبل زواجي ولم يعلموني بذلك, وعندما سألت زوجتي في الفترة الحالية قالت لي: أن أبويها أصروا واستحلفوها بالله أن لا تفشي هذا السر حتى لا أعلم بذلك.
الطامة الكبرى عند الدخول عليها كانت ليس بكرا, وحلفت لي بالله العظيم أن فقدان عذريتها كان بجهل منها عند استخدام مياه الشطاف, عندما وجهتها على المنطقة شعرت بألم وسال منه بعض نقاط الدم, صدقتها في ذلك الوقت وقلت في نفسي الله يستر عليك ولي وعفا الله عما سلف.
ولكن الآن بعد علمي بأنها عقدت قرانها على رجل آخر بدأ يراودني الشك أن زوجها السابق دخل عليها, علما بأن ما كتب واتفق عليه في عقدي كان يوضح بأنها بكر, ولم تعقد قرانها على أي شخص.
الآن بدأت أشعر أني تزوجت امرأة متزوجة من قبلي، ولم أتزوج بكرا فأصبحت بعد أن كنت أحب زوجتي لدرجة الجنون أكرهها لدرجة أني أكره سماع صوتها، لا أريد رؤيتها.
زوجتي عرضت علي الزواج من أخرى ولكن شرطت علي أن تكون في ذمتي ولا أتخلى عنها بسبب الأطفال, وافقت على زواجي بأخرى, ولكن لا أستطيع أن أبقيها في ذمتي خوفا أن أظلمها لأني على علم تام أني لن أعاملها مثل الأيام السابقة، ولو تزوجت لن أعطيها حقوقها الزوجية؛ لذلك وضحت لها الأفضل لكي نفترق حتى لا أظلمك، ولكن أصرت أيضا أنها لا تريد من حقوقها شيئا إلا أن أبقيها في ذمتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو مالك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.
نحن نشكر لك أيها الحبيب هذا الخلق العالي، والإحساس النبيل، والخوف والفرار من الوقوع في الظلم، وهذا دليل على رجاحة عقلك، وفور ديانتك، وعالي أخلاقك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله.
لا شك أيها الحبيب أن ما وقعت فيه من ظلم لزوجتك في الأسباب المذكورة أمر قد تكون بالغت فيه، وذلك لأن المرأة إذا كان قد عُقد عليها ليس ذلك عيبًا فيها، وما كان لهم أن يكتموا عنك هذا حتى تدخل الأمر على بصيرة، ولكن ما دام الأمر قد وقع فنحن ندعوك أيها الحبيب إلى استعمال هذه الأخلاق العالية، ووضع الأمور في موضعها الطبيعي، مع الابتعاد عن الإملاءات التي قد يحاول الشيطان إلقائها في قلبك للوصول إلى هذا المقصود الأعظم وهو التفريق بينك وبين زوجتك، فإن هذه مهنة الشيطان وأعوانه كما جاء بذلك الحديث، فإنه يُرسل جنوده ويسعون في الأرض فسادًا، فإذا رجعوا سألهم، ولا يرضى من أحدهم حتى يجيء الواحد منهم فيقول: فعلت وفعلت حتى فرقت بين المرء وزوجه، فيقول له: أنت أنت!!
فهذا غاية ما يقصد إليه الشيطان بين الزوجين، إيقاع الوشوشة والنفرة بينهما حتى يحصل التفريق، والله عز وجل يدعونا إلى خلاف ذلك، فيدعونا إلى الصلاح بين الزوجين، ويرغبنا فيه، ويحثنا عليه بأنواع من الترغيبات، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا يفرك مؤمن مؤمنة – أي لا يُبغض مؤمن مؤمنة – إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر) وهذه الوصية النبوية نافعة لك أيها الحبيب غاية النفع، فإنه بلا شك ستجد في هذه المرأة من الصفات التي تحبها الشيء الكثير.
ولذلك نحن ندعوك أيها الحبيب إلى التأني قليلاً والنظر في إيجابيات هذه الزوجة، والبحث عن هذه الإيجابيات بإنصاف، وهي قد أظهرت لك الكثير من الدلائل على الأسف والأسى لما كان، وهي راضية بأن تبقى زوجة لك للحفاظ على بيتها وأبنائها، ونحن ندعوك إلى أن تتعاون معها على تحقيق هذا المقصود.
ومما يُسهل عليك ذلك أيها الحبيب أن تُدرك هذه الحقائق تمام الإدراك أن العقد على المرأة قبل أن تتزوج بها ليس عيبًا فيها، وعلى فرض أن زوجها قد دخل بها وكان ينبغي لهم أن يبينوا لك ذلك، على فرض كل ذلك: فما دمت قد دخلت بها بعد ذلك ورضيت بها ثيبًا فينبغي لك أن تواصل الطريق، ولن يضرك هذا شيئًا ولن ينقصك من قدرك، بل أنت موعود بالثواب الجزيل، فإن النبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا) فعفوك عنها ومسامحتك لها سبب في زيادة رفعتك وعلو مكانتك عند الله تعالى، وذلك سبب جالب لكل خير.
نحن ندعوك ثانيةً أيها الحبيب إلى التعامل مع الأمر بمزيد من الموضوعية، وأن تعلم بأن المرأة لم تفعل شيئًا حرامًا يعيبها أو يشين من أمرها سوى أنهم كتموا عنك ما كان من العقد عليها أو دخول زوجها بها، وهذا ليس فيه ما ينقص من عفتها من حيث العفة، وإن كان لا يجوز لهم ذلك – ونكرر هذا – لكن ينبغي أن تعفو عن ذلك وتصفح, وأن تذكر نفسك دائمًا بالإيجابيات الموجودة في هذه المرأة، لتعينها على البقاء مع أطفالها.
ونحن نريد بذلك أيضًا أن تعاملها معاملة الكرام من الصفح والتجاوز, ومجاهدة نفسك لأداء بعض ما تحتاجه المرأة أو كل ما تحتاجه الزوجة من زوجها، وكن على ثقة بأن الله تعالى سيعاملك بمثل ما عاملتها به من التجاوز والعفو والصفح، فإن الله عز وجل كريم يحب الكرماء، محسن يُحب المحسنين، يحب أهل العفو والصفح، ويتجاوز عن المتجاوزين، ويرحم أهل الرحمة، ويعفو عن العافين.
فمعاملتك لهذه المرأة أيها الأخ ميدان خصب لأن تكتسب به أعلى الدرجات وترتقي به أعلى المقامات عند الله تعالى، فجاهد نفسك على تحقيق هذه الكمالات لنفسك، واحذر من أن يستدرجك الشيطان إلى الوقوع في مفارقة زوجتك لمجرد ما ذكرت من الأسباب.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير ويأخذ بيدك إليه.