الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهوّن على نفسك، وإن شاء الله تعالى حالتك بسيطة جدًّا. أنت تعاني من اكتئاب مصحوب بأعراض وسواسية. مخاوفك حول يوم القيامة وعذاب القبر هي مخاوف مشروعة، يجب على كل إنسان أن يتذكر يوم القيامة، ويتذكر البرزخ وعذاب القبر، ويسأل الله تعالى الستر، وأن يعمل الأعمال الصالحة. لكن حين يكون الخوف بصورة مهيمنة ومستحوذة، فهي مخاوف وسواسية نشأت من حال الاكتئاب النفسي الذي تعاني منه.
وهذا يعالج دوائيًا وبصورة ممتازة جدًّا، فإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا هو الوضع المثالي، وإن لم تستطع فيوجد دواء ممتاز جدًّا يُسمى (سبرالكس) واسمه العلمي (إستالوبرام)، وهو لا يحتاج لوصفة طبية. هذا الدواء تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجراما، تناولها ليلا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا، تناولها كجرعة واحدة ليلا، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك توقف عن تناول هذا الدواء. هو دواء فاعل وممتاز وسليم جدًّا، يعاب عليه أنه فقط ربما يكون مكلفًا بعض الشيء من حيث قيمته المالية.
إن لم تستطع أن تحصل عليه نسبة لتكلفته فهنالك دواء بديل يعرف تجاريًا باسم (أنفرانيل) ويسمى علميًا باسم (كلوإمبرامين) هذا الدواء رخيص نسبيًا، وهو فاعل أيضًا، فقط يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى بعض الآثار الجانبية في بداية العلاج، منها الشعور بالجفاف في الفم.
جرعة الأنفرانيل هي خمسة وعشرون مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع أيضًا، ثم تجعلها خمسة وسبعين مليجرامًا ليلاً – وهذه هي الجرعة العلاجية – وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجرامًا ليلا لمدة شهرين، ثم إلى خمسة وعشرين مليجرامًا ليلا لمدة شهرين أيضًا، ثم تتوقف عن تناوله.
هذه أدوية مفيدة جدًّا وأنت محتاج فقط أن تتناول أحد الدوائين، وكما ذكرت لك إن استطعت أن تقابل الطبيب النفسي فهذا أفضل، وربما يختار لك الطبيب دواء آخر حسب المنطقة التي تعيش فيها، لأن الأطباء يعرفون ما هو متوفر من الأدوية في الصيدليات في مناطقهم، كما أنهم يقدرون ظروف الناس المالية، خاصة أن هذه الأدوية في بعض الأحيان قد تكون مكلفة للبعض.
إذن أحد هذين الدوائين سوف يساعدك مساعدة كبيرة, وسوف يخفف عليك الاكتئاب أو يزيله تمامًا, وكذلك الأفكار الوسواسية، ويعرف أن تناول الدواء يتطلب ثلاثة إلى أربعة أسابيع حتى تحس بفائدته، فأيًّا كان يجب أن تصبر عليه، وخاصة أن هذه الأدوية تعمل من خلال ما يسمى بالبناء الكيميائي، وأنا أطمئنك تمامًا أنها غير إدمانية وليس لها أضرار حقيقية. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: هذه الأفكار يجب أن تحقرها، أفكار الخوف الغير مبرر، وأنت الحمد لله تعالى رجل على استقامة، وخير الخطائين التوابون، فأنت ارتكبت أشياء من الجرائم والذنوب فيما مضى، وإن شاء الله تعالى وكما تعرف فإن رحمة الله واسعة وسعت كل شيء، وشملت حتى الكافر به، فقال تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف} وقال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} فتأمل في كلمة (جميعًا) تستبشر برب غفور رحيم سبقت رحمته غضبه جل وعز، فأحسن الظن بالله، وتب إلى ربك، واستر على نفسك، واستعن بالله ولا تعجز.
وأنت قد عالجت الأمر، ومن وجهة نظري أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد، وأعتقد أن درجة الضميرية ودرجة اليقظة المعروفة والمروءة لديك عالية جدًّا، وهذا أمر ينبغي أن تعتز به وتفتخر به. هذا هو الذي جعلك تشعر بالذنب وتحاسب نفسك هذه المحاسبة الشديدة.
إذن أن تحمل السمات والصفات والسجايا الطيبة، وإن شاء الله تعالى بعد تناول الدواء وتحقير فكرة الخوف، وأن تعرف تمامًا هذه الضميرية العالية لديك - إن شاء الله تعالى – هذا يريحك تمامًا.
أرجو أن تحسن معاملة زوجتك، ومهما كانت وطأة الاكتئاب عليك أرجو أن تحسن إليها، فهي - إن شاء الله تعالى – تكون سندًا كبيرًا لك.
تواصل مع إخوانك وعشيرتك وكن بارًا برحمك، واحرص على الصلاة في المسجد – وأنت كذلك فيما أحسب – وهذا شيء عظيم، وتعرف على إخوانك المصلين، سوف تجد منهم المؤازرة، واجلس مع إمام مسجدك من وقت لآخر، احضر معه الدروس – إن وجدت – هذه كلها - إن شاء الله تعالى – مفرجات للكرب وكاشفات للهموم والغموم.
أنصحك أيضًا بممارسة رياضة المشي، المشي ممتاز جدًّا يؤدي إلى تفاعلات واستشعارات داخل الجسم تقوي النفس وتقوي الجسم، وتزيل - إن شاء الله تعالى – عسر المزاج.
هنالك أيضًا تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، ذات فائدة كبيرة جدًّا، وإليك بعض الاستشارات السابقة التي تبين كيفية تطبيقها، وهي برقم (
2136015) فأرجو أن تقوم بذلك وتحافظ عليها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.