أعاني من وساوس غريبة، فكيف أتخلص منها؟
2012-06-29 06:33:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
مشكلاتي أن لدي وساوس أعاني منها منذ أن كان عمري 17سنة, دائماً أفكر في الانتحار وأتخيل أني قمت بالفعل أو أني قتلت أحداً من أسرتي, والخوف من السكاكين أو الأماكن العالية التي توجد فيها نوافذ من دون شباك، وهذه الأفكار ترعبني, ذهبت إلي أطباء نفسيين ، جربت الأدوية، ولكن بدون نتيجة، أنا تعرضت لكثير من المتاعب في حياتي وما دمرني أكثر هو عندما أصيبت أختي بمرض عقل, فتعذبت كثيراً معها لأني كنت ممرضتها، والأمر الثاني أني أخرجت من التعليم في العمر12 لأسباب مادية.
فأنا أحس دائماً أني فاشلة وأني معقدة، وأني مريضة ومرضي ميؤوس منه, والشيء الآخر أني لا أقدر علي التحدث مع الناس، أخجل ويحمر وجهي وأفقد التركيز، أكون في مواقف لا يعلمها إلا ربنا مع أني أتحدى نفسي، لكن دائماً أفشل.
شكراً علي المساعدة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الوساوس محتواها كثيرًا ما يكون سخيفًا ومخيفًا، وهي دائمًا تتناول الناس في أمور حساسة، فأنت لديك هذا الفكر الوسواسي حول إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين من الأسرة، وأنا أقول لك: بفضل الله تعالى أن الإنسان الذي يعاني من هذا النوع من الوساوس لا ينفذه أبدًا ولا يُقدم عليه، على العكس تمامًا حين نحلل العلاقة بين السلوك والطب النفسي والجريمة نجد أن مرضى الوساوس هم أقل الناس المتواجدين في ساحة الجريمة، ويعرف عنهم أن درجة الضميرية – أو ما يسمى بالأنا العليا – هي التي تتحكم في الفضائل لدى الإنسان، هذه (أنا العليا) تكون لديهم قوية جدًّا وعالية جدًّا، وهذه أحد الأسباب التي تجعلهم في نوع من التناقض الذاتي ما بين الفكرة وما بين الأصول الضميرية العالية لديهم، وهذا يؤدي كثيرًا إلى اكتئاب نفسي ثانوي.
كما تعرفين أن الوساوس تعالج من خلال التحقير، وأن يتجاهلها الإنسان، وألا يعطيها قيمة، وألا يناقشها حين تكون سخيفة المحتوى، وأن يستبدلها بفكر مخالف، وأن يصرف الإنسان انتباهه عنها، وذلك من خلال ملء الفراغ، وأن يكون له تواصل اجتماعي وتفاعلي على مستوى الأسرة، على مستوى العمل إن كان هنالك عمل، القراءة والاطلاع - هي أمور جيدة ومفيدة جدًّا – الترفيه عن النفس بما هو متاح ومباح، هذا أيضًا فيه خير كثير جدًّا ويصرف حقيقة فكر الإنسان عن الوساوس وما تسببه من أزمات نفسية كبيرة.
لا أريدك أبدًا أن تنظري نظرة سلبية للماضي، فالماضي قد انتهى، والماضي هو عبرة، وأنت الآن في ريعان شبابك وأمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تعوضي عمّا فاتك من التعليم، اقرئي الكتب النافعة، انضمي إلى أي نوع من الكورسات المتاحة، القراءة والتعليم عن بُعد الآن أصبح متاحًا. هنالك بدائل كثيرة جدًّا وعظيمة، حاولي – مثلاً – أن تذهبي إلى أماكن أو مراكز تحفيظ القرآن، احفظي كتاب الله، فهذا أعظم علم يقتنيه الإنسان.
ليس هنالك أبدًا حسرة أو أسف على ما مضى، إنما يُنظر إلى الحاضر والمستقبل بقوة وأمل ورجاء، وهذا هو المطلوب.
الحكم على نفسك بالفشل مآله وسببه هو التفكير السلبي الذي لديك، فابني فكرًا إيجابيًا جديدًا على الأسس التي ذكرتها لك، وسوف تجدي - إن شاء الله تعالى – حياتك كلها خير وأمل.
بالنسبة للعلاج الدوائي: لا تيأسي من الدواء ولا تسأمي منه، الأدوية قد لا تكون لها فائدة وفعالية في مرة أو مرتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك، لكن لابد أن تنفع في يوم من الأيام، والدواء يتطلب الصبر، وأن تكون جرعته صحيحة، والإكثار من الأدوية ليس طيبًا أبدًا، أنت فقط محتاجة لدواء واحد فقط كدواء رئيسي، هذا الدواء يكون مضادًا للوساوس، محسنا للمزاج، ويحسن أيضًا من الدافعية لديك، ويمكن أن يُدعم بدواء آخر كتحسين لفعالية الأول.
فاذهبي إلى طبيب، وسوف يختار لك الطبيب الدواء المناسب. هنالك البروزك، والديروكسات، والسبرالكس، والزولفت، الأنفرانيل، الفافرين، هذه أدوية رائعة وممتازة، أيٍّ منها سوف يفيدك إذا التزمت بتناوله بالجرعة الصحيحة، ويمكن أن يُدعم بدواء آخر بسيط مثل السروكويل أو الرزبريادون أو الدوجماتيل بجرعة صغيرة. هذه الأدوية تتميز أيضًا بأنها تعالج الخوف الاجتماعي البسيط الذي تعانين منه، والذي ذكرته في شكل أنك تعانين من خجل أمام الناس.
انظري إلى نفسك بصورة إيجابية، أكثري من المواجهات، وحين ذكرتُ لك بأن تذهبي وتنضمي إلى مراكز تحفيظ القرآن، كان أحد أهدافي هو أن تكون القدرة على المواجهة في هذا المحيط الطيب والاسترخائي والجميل جدًّا، وهذا - إن شاء الله تعالى – يجعلك تنطلقي انطلاقات صحيحة.
حسني إدارة وقتك، فإدارة الوقت تعني إدارة الحياة، وإدارة الحياة تعني النجاح. ضعي لنفسك أهدافا حتى وإن كانت أهدافاً بسيطة، لكنها ما دامت أهداف راقية ونبيلة فإن شاء الله تعالى تجعلك تحسين بالإشباع الذاتي والقناعة بأنك على خير.
مرض أختك - إن شاء الله تعالى – يُعالج، وسلي الله لها العافية والشفاء، وساهمي في مساعدتها وتأهيلها، لك - إن شاء الله تعالى – أجر عظيم في هذا، وتكون - إن شاء الله تعالى – قناعاتك الداخلية أفضل حول مقدراتك الذاتية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك والتوفيق والسداد.