طموحي كبير جدا لكن لا أعرف كيف أبدأ الطريق!

2012-07-27 01:49:08 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا الآن خريج كلية تربية رياضية, وعمري 23 عاما, ولست متزوجا, لي طموح كبير أن أكون من المتميزين والقادة, ولكن مشكلتي أنه ليس لدي هدف معين, فأنا لي أفكار في مجالات متعددة -في مجال الآلات وتطويرها- وأيضا أهتم كثيرا بالسياسة وأمور إدارة الدولة, وأيضا لي هدف أن أكون إعلاميا, فأنا أرى في نفسي الموهبة, وكذلك لي هدف أن أكون رجل أعمال كبير, وصاحب مشاريع.

بفضل الله أمتلك بعض المقومات لإقامة مشروع اقتصادي, ثم أحتار حينما أفكر في المشروع, هل أختار مشروعا يميل إلى الصبغة العلمية, كمركز تدريب ودورات, أم مشروعا صناعيا كالآلات والمعدات, أم مشروعا إنتاجيا؟

أعمل الآن في إدارة مبيعات إحدى المصانع براتب متوسط, وهذا دفعني إلى التفكير في استغلال وقت الإجازات والراحة؛ لدراسة الإعلام والبحث في مشاكل الناس والبلد, وطرحها على المسؤولين والناس بطريقة موثقة.

مشكلتي هي: كيف أختار الطريق الذي أجمع به بين رغباتي, وبين أن أكون متميزا وقائدا, وخاصة أني لا أجد في مجال دراستي طموحي وهدفي, بالإضافة إلى أن محيطي العائلي أثر علي كثيرا بالسلب في صغري, فلم يكن لي الحرية في الاختيار إطلاقا, بالإضافة أيضا إلى أنني ارتكبت أخطاء وذنوبا كبيرة ليس حبا في فعلها ولكن لجرأتي, وعدم وجود متنفس.

فكيف أبدأ وأختار طريق التميز والنجاح, فأنا أخاف أن تضيع الفرص كلها مني, ولا أحقق شيئا في النهاية.

معذرة على الإطالة, وأرجو أن تكون الإجابة سريعة, وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه. ونهنئك على هذه النفس الطموحة، والأمر كما قال الشاعر:

وإذا كانت النفوس كِبارًا *** تعبت في مرادها الأجسامُ

وكما قيل: (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم) وأنت بحق في حاجة إلى أن تقف مع نفسك، وقد يكون من المفيد لك أن تسترشد بأستاذ أو مدرس أو دكتور متخصص من الذين درست على أيديهم؛ حتى يساعدك في تحديد الاتجاه الذي ينبغي أن تسير عليه، وينبغي لك أن تدرك أن أنجح مجالات الحياة التي ينجح فيها الإنسان هو المجال الذي يميل إليه أكثر من المجالات الأخرى.

لذلك مسألة حب تخصص معين هذا يعتبر مفتاحًا أساسيًا في هذا المجال، بل ربما هذا هو المجال الذي هيأ الله تبارك وتعالى لك فيه التوفيق على العالمين، على كل الناس، فما من إنسان إلا ميزه الله تبارك وتعالى بميزة يفوق بها الآخرين، والنجاح والفلاح لنا هو أن نكتشف هذه الجوانب، التميز الذي وهبه الله لنا، ووهبه الله لأبنائنا، ووهبه الله لطلابنا، ووهبه الله لإخواننا، كيفية اكتشاف هذا المجال الرئيسي، هناك تكون مجالات فرعية، والمجالات الفرعية تصلح أن تكون هوايات يستفيد منها الإنسان، لكن لا بد أن يكون التركيز على المجال الرئيسي الذي يجد فيه الإنسان نفسه.

ونتمنى عندما تجد هذا المجال ألا تنظر إلى من حولك من الأمور الأخرى، لأن هذا يشتت تفكير الإنسان، ونفضل أن ينتهي الإنسان من تخصصه الرئيسي العميق، ثم بعد ذلك يبدأ يساعد في الأمور الأخرى ويتوسع أفقيًا في توسيع مداركه، حتى يكون رقمًا في هذه الحياة.

كذلك من شروط هذا الهدف الذي ينبغي أن تسعى إليه: أن يكون بالإمكان، أن يكون في المقدور، وأن تضع له جدولا زمنيا، وقبل ذلك أن تكتب هذا الهدف، لا بد أن يكون لك هدف مكتوب، ولا بد أن يكون الهدف محددا، ولا بد أن يكون الهدف ممكنا، ولا بد أن تسلك السبل، تتخذ الأسباب الموصلة إلى هذا الهدف، وعليك أن تبتعد من المثبطين، من الذين يجعلون معنويات الإنسان في الهابط، وعليك أن تبحث عن من يعينك ويشجعك، وعليك أيضًا أن تسير سيرًا معتدلا للوصول إلى الهدف.

النبي - عليه الصلاة والسلام – قال: (فإن المُنْبَتَّ لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى) فليس الناجح في السباق هو الذي يبدأ السباق بسرعة شديدة، لأنه سيهبط ويفقد سرعته في منتصف الطريق، ولكن المسابق الناجح هو الذي يبدأ بسرعة معتدلة من البداية إلى النهاية، وقد يحتاج في نهاية المطاف أن يزيد السرعة، بل كما قال أبو موسى الأشعري لما كان في آخر عمره، قال له: (أنت الآن كبرت) قال: (إن الخيل إذا قاربت مضمار السباق أخرجت كل ما عندها، وألقت كل ما عندها)، وهذا معنى في غاية الأهمية.

كذلك أيضًا ينبغي أن يكون عندك طريقة لقياس النجاحات التي تحققت، ودائمًا نحن نتمنى أن تكون إيجابيًا في تقييم نفسك، وإذا تحقق لك عشرة بالمائة فعليك أن تفرح بها، وستأتيك العشرين، تفرح بها ستصل إلى الخمسين، تفرح بها ستصل إلى السبعين.

كما أرجو أيضًا أن يكون لك في البرنامج نوع من السعة والفترات الحرة، وألا تكون مندمجا ومنهمكا طوال اليوم في تخصص واحد, أو في مجال واحد، لأن هذا قد يجلب الملل.

عليك كذلك أن تعطي نفسك حظها وحقها من الطعام ومن الراحة, ونتمنى أن تواصل الكتابة إلينا، ومثلما قلنا نحن نريد أن تخصص مجالا, وتختار مجالا تجد نفسك أكثر فيه من المجالات الأخرى، ولا مانع بعد ذلك من اتخاذ أشياء أخرى كنوع من الهوايات، لأن المجالات الأخرى قد تُكسبك مهارات, وهي مهارات التواصل، وهي أيضًا على علاقة بالنجاح، فإن الإنسان إذا نجح أكاديميًا وكان معاقًا اجتماعيًا لا يُجيد التواصل مع الآخرين، فإن الفائدة منه والاستفادة منه تكون قليلة جدًّا، ولكن أيضًا ما ينبغي أن تكون الاجتماعيات والعلاقات على حساب البُعد الأكاديمي الذي نحن بحاجة إليه والأمة بحاجة إليه.

فإذا ظهر لك المجال الذي تجده في نفسك، فعليك أن تستعين بالله تبارك وتعالى، وتجتهد في رسم خطة، ونكرر ضرورة استشارة أهل الاختصاص، لأنهم يقصّرون لك الطريق، ويجعلونك تصل إلى النهائيات بطريقة مختصرة، فهم عندهم حنكة وخبرة في تجارب الحياة، وعندهم من الخبرات ما يعينون به الآخرين على اختصار الطريق.

عليك كذلك أن يكون عندك طموح، فلا تنهزم أمام العقبات والصعوبات التي تقف في وجهك، لأن السيل إذا قبله الجبل لا يتوقف، وإنما حاول أن يدور عليه أو يلتف أو يبحث عن حيلة، وهكذا الإنسان ينبغي أن يدرب نفسه على تخطي الصعاب والعقبات، بل حتى العثرات التي يعبرها أهل النجاح محطات في طريقة الوصول إلى النجاح. إذا كان الذي اخترع المصباح الكهربائي نجح فيه بعد ألف تجربة، لما سألوه قال: (عرفت وتعلمت أن هناك تسعمائة وتسعة وتسعين طريقة خاطئة، واستفدت من كل خطأ وقعت فيه، حتى وصلت إلى الصواب).

إذن نحن نريد أن تفكر بهذه الطريقة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وعليك قبل ذلك أن تستعين بالله، وتتخذ الأسباب، وتتوكل على الله، وتكثر من الدعاء واللجوء إلى الله، وعليك أن تكون بارًا بوالديك، فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله المستعان.

www.islamweb.net