سوء معاملة أهلي لي جعلتني أفقد لذة الحياة!
2012-08-29 13:46:52 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب عمري 22 سنة، كرهت الحياة لأنني لم أذق أبدا طعمها، كنت أعامل بقسوة في صغري من قبل إخوتي ووالداي -سامحهم الله-، تركوا فيّ انطباعا سيئا, ونظرة سلبية تجاه نفسي, فلم أعد أقدر نفسي, أو أثق بها.
كنت أعاني من تلعثم شديد في صغري, ولكني لم أكن أبالي به, حتى صار عمري 15 سنة, وبدأ يسبب لي الإحراج أمام الناس, وبدأت أحب العزلة والابتعاد عن الاجتماعات؛ خوفا من الإحراج, فأنا الآن أعاني من رهاب اجتماعي شديد.
ومرضي هدم ما تبقى من حياتي, ومن ثقثي بنفسي, يوبخني, ويقسو علي بشدة من أي فعل, أو كلمة أقولها, ويحاسبني حتى ولو كان أدائي جيدا, وأنا اعتدت على تصديقه، فهو يسيطر علي سيطرة كاملة, لا أستطيع إيقافه.
ولدي القولون العصبي يسبب لي آلاما كثيرة, واضطرابات نفسية, أكاد لا أحس بالراحة, أتعذب كثيرا في حياتي, ولكني أشكر الله وأحمده على كل حال.
في انتظار نصائحكم, وجزاكم الله خيرا, والسلام عليكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ anwar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأعتقد أن الذي يزعجك بالفعل ويسيطر عليك الآن هو التفكير السلبي, وعدم تأكيدك لذاتك، والتقليل من شأنها وتقديرها بصورة خطأ, ولديك أيضًا شيء من التفكير القلقي الوسواسي، ولا شك أن وجود القولون العصبي هو تعبير كامل وكافٍ على الخلفية النفسية, والتركيبة التي تتسم بها شخصيتك، وهو أنك من النوع الذي لديه استعداد للقلق والتوتر.
أنا لا أريدك أبدًا حقيقة أن تعيش في الماضي، الخبرات السابقة حتى وإن كانت سلبية هي مجرد عبر ودروس, أنت الآن الحمد لله تعالى في مقام الرجال، مكتملا عقلا وجسدًا وفكرًا، وتستطيع أن تعيش حياتك بقوة، ويجب ألا تجد لنفسك العذر من أجل الإخفاق, هناك من عاش حياة مزرية جدًّا في أثناء الصغر، وهناك من تشردوا، وهناك من تربوا في بيوت الأيتام، وهنالك من عانوا ويلات المعاملة السيئة، وبالرغم من ذلك نجدهم نجحوا، لأنهم عاشوا حياتهم بقوة ومستقبلهم بأمل ورجاء.
لا أريدك أن تنكب على الماضي، إنما تنظر إلى المستقبل وإلى الحاضر، والحمد لله تعالى أنت في هذا العمر النضر، هذا العمر الذي يتمناه أي إنسان، فيا ليت الشباب يعود يومًا، لديك طاقات نفسية وجسدية وفكرية ممتازة جدًّا، يجب أن تستفيد منها.
إذن أنت محتاج لتغيير فكري، أن تزيل تمامًا التفكير السلبي حول نفسك وحول مقدراتك، هي موجودة لكنك لم تسخرها، وأحسن طريقة للاستفادة من المقدرات تأتي من خلال شيئين: أولا: أن تحسن إدارة الوقت، وأن تكون لك رفقة طيبة صالحة تعينك على أمور الدين والدنيا, هذان المبدآن هما الأساس الذي من خلالهما يستطيع أن ينطلق الإنسان.
إدارة الوقت تعني إدارة الحياة، وإدارة الوقت يعني أن تكون للإنسان عدة أنشطة في جميع المجالات، في مجال التعليم، الدراسة، العمل، أخذ قسط كافٍ من الراحة، الترفيه عن النفس، ممارسة الرياضة، صلة الرحم... وهنا يكون الإنسان مفيدًا لنفسه ولغيره، وهذا ينقل الإنسان نقلة إيجابية، لأن الذي يقوم بإنجازات يعني أنه قد كافأ نفسه، وحين تكون المكافأة نابعة من الذات أفضل كثيرًا من مكافأة الآخرين، لأن البناء النفسي هنا يكون قويًّا ويكون صلبًا جدًّا.
فأرجو أن تعيش وتطبق هذه التمارين السلوكية التي ذكرتها لك.
وبالنسبة للرهاب الاجتماعي: يجب أن تحقر فكرة الخوف، ما الذي يجعلك تخاف من الآخرين؟ أنت لست بأضعف منهم، لست بأقل منهم أبدًا، وصحبتهم للخيرين والطيبين سوف تؤدي إلى نوع من التماهي مع هؤلاء، وسوف تجد فعلا القدوة والنموذج الطيب في حياتك.
أنا أرى أيضًا أنك بحاجة لعلاج دوائي ليزيل عنك المخاوف, والتوترات, ويحسن من مزاجك، ومن أفضل الأدوية التي أراها مفيدة جدًّا في حالتك عقار يعرف تجاريًا باسم (لسترال), واسمه الآخر تجاريًا هو (زولفت), ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) الجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، أن تبدأ بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا –أي نصف حبة– تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة, واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه جرعة بسيطة جدًّا، لأن الجرعة الكاملة لهذا الدواء هي أربع حبات في اليوم، لكنك لست بحاجة لهذه الجرعة، وأنا متأكد أن تناول الدواء بالصورة التي ذكرتها لك -خاصة أنه دواء سليم وغير إدماني، ومفيد جدًّا– وتطبيق ما ذكرته لك من إرشاد سوف يجعلك أكثر ثقة في نفسك، وأنا أثق تمامًا أنه لديك المقدرات المخفية المختبئة التي ما إن أخرجتها سوف تتغير، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.