سلوكيات الأولاد غير السوية وطرق علاجها

2012-09-11 10:58:13 | إسلام ويب

السؤال:
أنا أم لثلاثة أولاد وبنت، البكر ابن وعمره 19، والثاني ابن وعمره 18، ابني البكر شخص كثير الحركة، كما أنه يعاني من عدم التركيز منذ أن كان عمره 6 سنوات، وأعطيته الريتالين عند بلوغه سن 13، ثم أوقفت العلاج بسبب الأعراض التي نتجت من تناوله الدواء، ووصل بدراسته الصف الحادي عشر بالقوة والدفع مني، وترك المدرسة ولم يكمل، واليوم هو يعمل.

أما المشكلة الكبرى فهي لدي ابني الثاني، فهو كثير النوم، وربما ينام لمدة يومين، قليل الكلام، مجرد من العاطفة، إذا ضرب أحدا فربما يضربه حتى الموت بدون أن يشعر، وليس لديه أي طموح أو إرادة، ترك المدرسة بمجرد وصوله الصف الحادي عشر بالقوة والدفع مني، ولا يريد أن يفعل أي شيء، كما أنه يدخن كثيرا، وضبطته عدة مرات يشرب الكحول، وعنده ميول لكل شيء خطر وحرام، ويسب الذات الإلهية، ولا يكترث لأحد، ولا يحترم أحدا، مع أنني أم ملتزمة، وجامعية.

لديه أصدقاء، وهم قليلون، وليسوا من نفس الحي، وهم ليسوا بأصدقاء جيدين، ولا أعرف ماذا أفعل معه؟ لا يريد الذهاب إلى الطبيب النفسي، عنيد جداً، يستهزأ بكل عمل ينجزه غيره، الحياة عنده منتهية، عندما أحاول الكلام معه ماذا يريد من هذه الحياة؟ يقول: ما هذه الترهات؟ ولا يجيب، ويقول لي: اذهبي، لا أريد الكلام، جده والد أباه شخص لديه مرض نفسي حاد، وهو يذهب للمستشفيات كثيرا، منعزل عن الناس، لا يختلط بهم، ليست له حياة اجتماعية، كثير النوم، وهذه الأعراض موجودة لدى ابني وزوجي أيضاً.

أرجوكم أفيدوني ما العمل؟ إن شخصتم حالة ابني، فأرجو أن تدلوني علي اسم دواء معين أعطيه إياه، لأنه من الصعب جداً الذهاب إلى الطبيب.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ امال4 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله تعالى الشفاء والعافية لهذا الابن، وأن يجعل ذريتك قرة عين لك.

هذا الابن – الابن الثاني – من الواضح أن لديه مشكلة في شخصيته - حسب ما أتصور - والشخصية حين تكون عنيفة، وغير اجتماعية، لا تظهر أي نوع من العطف أو الوجدان، سريعة الإثارة، هذا نوع من اضطراب الشخصية، وهذا هو التشخيص الأقرب، وربما يكون لديه أيضًا عسر في المزاج، الاكتئاب النفسي يأتي كثيرًا في صورة حدة في الطبع، وعدم انضباط في السلوك، خاصة بالنسبة لليافعين، ومن هم في سن المراهقة، وما بعدها.

هنالك احتمالات من هذه الشاكلة من حيث التشخيص، وهذا الابن أيضًا يحتاج أن يُفحص عضويًا، ويجب أن نتأكد من مستوى الدم لديه، ومستوى إفراز الغدة الدرقية، فهذا أيضًا ضروري وهام، حتى نتأكد من صحته الجسدية.

أنا أقدر تمامًا الصعوبات التي تواجهينها معه، ولكن الذي أود أن أنصحك به: هو أن أسلوب المواجهة لن يكون جيدًا، ولن يكون مفيدًا، وهذا لا يعني أن نطلق له الحبل على الغارب، يفعل ما يشاء، لا، الأمر ليس كذلك، الأمر هو أن تركزي على إيجابياته حتى وإن كانت بسيطة، وأن تقللي من انتقاداتك له، وتشجعيه على فعل ما هو إيجابي حتى وإن كان بسيطًا، فهذا مهم وضروري، وإن صبرت على هذا المنهج لا شك أنه سوف يعود عليه بشيء من المردود الإيجابي.

أشعريه بشيء من الأمان والثقة فيه، وتواصلي مع بعض أقربائكم من الشباب، أو من هم في عمره، أو أشخاص كان يعرفهم، ليتحدثوا معه، ويخرج معهم، ويتكلموا معه في أمر الصلاة، ويمارس معهم الرياضة، لأن تأثير الرفاق له أهمية كبيرة جدًّا فيما يخص تغيير السلوك سلبًا أو إيجابًا.

أسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر من يساعده، وأنا دائمًا أنظر أن الشباب يتأثر ببعضه البعض، ونحن كآباء وأمهات أحيانًا لا نلاحظ الفجوة الجيلية (العمرية) بيننا وبين أبنائنا، ومهما بذلنا من جُهد لأن نتقرب إليهم، فهنالك عامل اضطراب في الثقة لدى الشباب في مقاصد آبائهم وأماتهم، وهذه حقيقة يجب أن نلتفت إليها، وهي مهمة جدًّا.

فإذن أنت عليك بالتحفيز، وعليك بالتوجيه، وعليك بالتوبيخ البسيط الغير مباشر فيما يخص السلوكيات الخاطئة تمامًا، وفي ذات الوقت ابحثي وانظري في من يمكن أن يساعده من في مثل عمره، وأعتقد بأنه يجب على كل الأسرة أن تتحرك نحو مساعدته، كما أعتقد بأن أخوه الأكبر له دور كبير جدًّا في مساعدته، و إن كان الأخ الأكبر لا يزال يعاني من شيء من عدم الانتباه، أو فرط الحركة، فهنالك الآن أدوية غير الريتالين، فهنالك عقار (إستراتيرا) يُعطى للكبار، وهو جيد جدًا، ودراسات كثيرة جدًّا أشارت بأن الذين يعانون من فرط الحركة، وضعف الانتباه، قد تحسب له اضطرابات مزاجية بعد فترة البلوغ، ومن ثم قد يحتاجون لبعض مضادات الاكتئاب، أو مثبتات المزاج.

فاهتمامك أيضًا بابنك البكر، ومحاولة وضعه في وضع صحي أفضل، سيكون هذا له مردود إيجابي جدًّا على ابنك الثاني، ولا شك أن هذا الابن الأكبر إذا اكتملت صحته النفسية، سيكون وسيلة مساعدة كبيرة جدًّا لأخيه، ويمكن الاستفادة منه في هذا السياق.

نصيحة أخيرة أقولها لك، وهي: أن هذه المشاكل وهذه الصعوبات الأسرية يجب ألا تحبطك، ومن الضروري جدًّا أن تضعي لنفسك حيزًا من السلامة النفسية المعقولة، وذلك من خلال أن تُخرجي نفسك من هذه الصعوبات، وأن تفكري إيجابيًا، وأن تتواصلي اجتماعيًا، فأنت لديك مقدرات معرفية واضحة- والحمد لله - كأن تقرئي، أو أن تطلعي.

الذي أقصده هو أن لا تحصري نفسك فقط في هذه المشكلة، لأنك محتاجة لأن تجددي طاقاتك النفسية، وإن حصرت نفسك في كل الهموم والمشاكل التي حولك، لا أعتقد بأنك سوف تكونين قادرة على مواجهة هذه الصعاب، وفي نفس الوقت سوف تشعرين بأن إمكاناتك النفسية بدأت في الضعف، وهذا لا نريده لك.

بالنسبة للعوامل الوراثية: بالطبع لا نستطيع أن نتجاهلها، ولكن هي ليست كل شيء، التغير يمكن أن يحصل، وكم شاهدنا من الذين كانت تواجههم مشاكل نفسية وصعوبات شديدة جدًّا حدث لهم نوع من الطفرة المفاجئة في سلوكهم وتغيروا إيجابيًا، وساهموا كثيرًا في مسيرة الحياة بشكل جيد ومعقول جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

www.islamweb.net