أحببت شابا وأريده زوجا لي، فما نصيحتكم؟
2012-09-11 10:49:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا اسمي فاطمة الزهراء، عمري 18 عاما، في يونيو الماضي أكملت دراستي الثانوية، في الصيف الماضي دخلت على موقع لتحسين اللغة الإنجليزية، وفي الموقع مكانا للشات، في يوم من الأيام تحدثت مع شاب عراقي سنه 26 عاما، وبعد مدة أضفته في لائحة الأصدقاء في الفيس بوك، أنا الحمد لله بنت محترمة، ولما تكلم معي ورأى صورتي قال لي: أنه يحبني، أنا ما صدقت، لكن بعد ما صليت الاستخارة شعرت بارتياح، ومع المدة أحببته، وهو فعلا يحبني، فقد أخبرني أنه تكلم مع أمه وليس لديها أي مانع، قال لي: أنه يريد الزواج بي في السنة القادمة، لكنني أقنعته بصعوبة أنه يجب أن أتم دراستي الجامعية لمدة 3 سنوات، وهو مستعد أن ينتظرني رغم أن الأمر صعب عليه كثيرا، وهو مستعد ليعيش معي في بلدي، طلب مني كم من مرة أني أتكلم مع أمي عنه، لكن والله حاولت أكثر من مرة لكن لا أستطيع أن أخبرها، كأنني أن قلت لها أنني أحبه، كأنني سأعترف بجريمة.
دائما أدعو الله تعالى أن يجمعني به ويجعله من نصيبي، أنا أملي ورجائي في ربي كبير.
ومشكلتي الكبيرة أنني لا أقدر أن أحكي لأمي عنه، أصبحت حائرة جدا، وأرقني التفكير كثيرا.
أرجوكم ساعدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأرجو أن تعلمي أن الإسلام يريد دائمًا لمثل هذه العلاقات أن تكون واضحة ومكشوفة ومعلنة، فالإسلام لا يقر أي علاقة تكون في الخفاء، ولذلك لا بد من تحويل هذه العلاقة إلى علاقة مباشرة وصحيحة، وأرجو أن يكون ذلك الآن، لأننا لا نريد للمشاعر أن تتعمق أكثر وبعد ذلك قد يصعب إتمام هذه المراسيم، فعند ذلك سيحصل الأتعاب بالنسبة لك وبالنسبة له.
لذلك نتمنى أن تتخذوا وسيلة يعلن فيها رغبته الفعلية المعلنة عبر التواصل مع أهلك وأرحامك، عن رغبته في الارتباط، وكذلك الوالدة لابد أن تكون في الصورة، فإذا كنت لا تستطيعين أن تخبريها فلابد أن تكون لك عمة أو خالة تستطيع أن تتكلم معها وتتفهم هذا الوضع، مع أننا لا نوافق على الاستمرار في هذه العلاقة إلا بعد تصحيحها، فالفتاة إذا شعرت أن الشاب يميل إليها ويرغب في الارتباط بها ينبغي أن تدله على أهلها ودارها ومحارمها، حتى يتواصل معهم ويعلن رغبته، وحتى يتمكن بعد ذلك من النظرة الشرعية وتخططوا بعد ذلك لكيفية لم هذا الشمل بين المشارق والمغارب، وأعتقد أن هذا جانب أيضًا ينبغي أن يوضع في الحسبان والإمكانات المادية والناحية القانونية وإمكانية حصول هذا الزواج.
فالإسلام شرطه أن يكون التعارف مُعلن، أن يكون بعلم الأهل، أن يكون هدف هذا التعارف والتواصل هو الزواج، أن تبدأ العلاقات الفعلية بعد وجود ارتباط شرعي وتغطية شرعية للعلاقة. وإلى الآن لا توجد تغطية شرعية، ولا نجد في الشريعة ما يُبيح لكم التواصل بهذه الطريقة، لذلك ينبغي تصحيح هذا المسار عبر التوبة إلى الله تبارك وتعالى، ثم التوقف، ثم بعد ذلك عليه أن يأتي البيوت من أبوابها.
وكم تمنينا دائمًا أن يكون إشراك الأهل منذ الوهلة الأولى، فنحن نخطئ عندما ننتظر فيجافئ الأهل بمثل هذه الأشياء التي كانوا يجهلوها، والإنسان عدو ما يجهل، ولا يخفى عليك أن هناك أسر قد تكون أعدت للفتاة لها خطيب، أو الفتى قد أعدوا له خطيبة وزوجة، ولذلك عندما يأتي الأمر بهذه الطريقة المفاجئة فالمتوقع غالبًا هو الرفض، كما أن الناس قد يسيئوا الظن بمن يحصل لهما التعارف بهذه الوسيلة وبهذه الطريقة.
لذلك أيضًا لابد من كتمان هذه السيرة وهذا التواصل الذي حدث، وبعد ذلك لا بد أن تفكروا في الإخراج المناسب لهذه العلاقة، وعليكم أن تستروا على ما حصل، وليس من المصلحة أن تعلنوها.
كذلك أيضًا نحن نشترط التوقف والتوبة إلى الله تبارك وتعالى، إن كانت هناك تجاوزات في هذه العلاقة، لأن الإسلام لا يبيح التواصل بين رجل وامرأة إلا في إطار المحرمية أو في إطار الحياة الزوجية. وإذا شعرت الفتاة أن ثمة شاب يميل إليها فعليها أن تدله على محارمها حتى يأتي البيوت من أبوابها، وبعد ذلك تُصبح هذه العلاقة مكشوفة ومعلنة، وبعد ذلك يمكن أن نتقدم للخطوة التي بعدها، كأن يأتي بأهله ليتعرفوا عليهم، ثم عليه بعد ذلك أن يطلب النظرة الشرعية فينظر إليك، فإذا حصل الوفاق والتوافق والتلاقي بعد الرؤية الشرعية، والصورة لا تكفي في هذه المسائل، لأن التلاقي إنما يكون بالأرواح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، كما أن الصور الفوتوغرافية -وأيًّا كانت- لا تعطي إلا جزء من الحقيقة، والإنسان لا يعرف عن حقيقته إلا بالمواجهة والرؤية المباشرة، لذلك الشريعة تبني على هذا المعنى الكبير الهام، وكذلك أيضًا الهدف الشرعي الآخر من الخطبة أن يحصل التعارف ويسأل عنك وتسألي عنه وعن أسرته وعن أحواله وعن قدرته عن تحمل المسؤولية وعن مواظبته على الصلوات وعلى الأصدقاء الذين يدورن في فلكه أو يدورن حوله، هذه المعاني تبدو مهمة جدًّا للطرفين، لأن مشوار الحياة مشوار طويل ولا بد أن يقوم على أسس وقواعد ثابتة.
عمومًا نحن نسأل الله أن يقدر لك الخير، وعليك أن تستخيري في هذه المسألة، ولابد أن تفكري في الطريقة المناسبة لإعلام الوالدة، بطريقة مناسبة ترفع عنك الحرج وتفتح لك باب التواصل الرسمي والشرعي مع ذلك الشاب، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.