أعاني من حالة نفسية غريبة وأتمنى أن أرجع كما كنت في السابق فما الحل؟
2012-09-25 08:59:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في الثانوية العامة، عمري 18 سنة، وأنا الآن مخطوبة لابن خالتي، ومجتهدة في دراستي- والحمد لله – فلقد حصلت في السنة الماضية على نسبة 92%، فقد كنت أذاكر دروسي، وأمارس حياتي بشكل عاد جدا، ولكن طرأت علي فترة تغيرت جدا، وأتمنى أن أعرف سبب هذا التغير، وكيف أعالجه؟
في شهر 3/2012 كانت طبعا أيام مراجعات ودراسة، فجأة شعرت بأني لا أعرف نفسي، وأني غريبة عن نفسي، وأنظر لأمي وأبي باستغراب شديد، وكأني ولأول مرة أراهم، وكذلك أخواتي، وأنظر لكل شيء في بيتنا وكأنه غريب علي، نعم في داخلي أعلم بأن هذا أبي وهذه أمي، ولكنني أشعر وكأني أراهم لأول مرة.
طبعا كنت غريبة جدا، وحاولت أن أحكي لأمي حتى تفهمني، ولكن دون نتيجة، وبدأ الموضوع يتطور معي، وكأني لم أكن حية قبل ذلك، وحتى اسمي أستغربه، وحتى شكلي لا أحب أن أنظر له في المرآة، لأني أستغرب منه، وكم تكلمت وحكيت لأمي وأخواتي، ولكنهم يرون بأني لست مريضة، لأنني عضويا لا أشتكي من شيء، ولكنني نفسيا مدمرة جدا، من شهر 3 حتى الآن، وأنا بهذا الوضع، ولا أعرف ماذا أعمل؟ لأنني أشعر وكأني سأموت، وأسأل نفسي: أصلا ما الداعي لهذه الحياة؟ ودائما ما أسأل نفسي هكذا!
بصراحة أنا لست منتظمة في صلاتي، وكثيرا ما أكسل عن أدائها، أتمنى أن أصحو من هذا الذي أنا فيه، ولا أدري أهو حلم أم حقيقة؟ حتى أن مستواي الدراسي قل، ونشاطاتي اليومية لم أعد أحب أن أعملها، ودائما ما أشعر بحالة من اليأس، وعدم وجود الأمل.
لقد تعبت جدا، وكثرة التفكير بهذه الطريقة، وحالة التوهان، وقله التركيز أتعبني جدا، مع العلم أني إنسانة عادية جدا، ولم يلاحظ علي أحد شيئا ما، وكل صديقاتي يرين أني بخير.
أما بالنسبة لخطيبي: فهو ابن خالتي، ويحصل بيننا أحيانا مشاكل في أنه يلغيني ساعات، وكل حاجة يقولها لي، إلى أن شعرت بأني مقيدة، ولكنه الآن - والحمد لله – غير من نفسه.
كما أنه قد حصل موقف في هذه السنة، وهو أني لي صديقة، وأنا متعلقة بها، وأحبها جدا، ولكنها قد غدرت بي، وبصراحة ليس عندي صديقات الآن مثلها.
أتمنى أن أرجع مرة أخرى وأشعر بنفسي، لأني أصبحت أشعر وكأني ميتة، ودائما ما يلازمني تفكير التوهان، وأني غريبة عن بيتي وأهلي.
أرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ johan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقك في دراستك، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن هذه الأشياء التي وردت برسالتك مزعجة حقًّا، لأن الإنسان عندما يشعر بنوع من التدهور في حياته - سواء أكان في المجال النفسي، أو الصحي، أو العلمي، أو الأخلاقي، أو العبادي – فإنه مما لا شك فيه يتألم ألمًا شديدًا، وإذا لم يحاول وقف هذا النزيف، فإنه سيأتي عليه يوم لا يستطيع أن يحرك ساكنًا.
ولذلك أقول: أمام هذه المشاكل التي وردت في رسالتك، أرى أن الحل بيدك وليس بعيدًا عنك، فأنت الآن تقولين أنك لا تحافظين على الصلاة، وأنك تتكاسلين عنها، وهذه حقيقة – يا بُنيتي – هي أساس المشكلة، لأن الإنسان عندما تسوء علاقته مع الله سبحانه وتعالى، وعندما تضعف علاقته مع الله، فإن الشيطان هو الذي يتولى قيادة أمره، وهو الذي يتولى تحريكه وتوجيهه، وهو الذي يلعب به، وهو الذي يضيق عليه كل شيء، ويُعكر عليه صفوه، ويُكدِّر عليه خاطره، مصداقًا لقوله تعالى: {ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نُقيض له شيطانًا فهو له قرين} أي: مصاحبا وملازما له، وقال تعالى: {إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون}، لأن الله تبارك وتعالى هو ولي الذين آمنوا، يتولاهم بالعناية والرعاية، قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات إلى النور}، ولكن إذا ترك العبد علاقته مع الله تعالى، وأهمل في حق الله، فإن الله يكله إلى نفسه، وبالتالي يستحوذ عليه الشيطان كما قال الله تعالى: {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله}، وكما قال سبحانه وتعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}، وكما قال: { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يُخرجونهم من النور إلى الظلمات}.
فيا بُنيتي: الحل في يدك، والحل يكمن في أن تأخذي قرارًا قويًّا وشجاعًا وجريئًا في المحافظة على الصلاة في أوقاتها مهما كانت الظروف والدواعي، وثقي وتأكدي – ابنتي جيهان – أن الأمر سهل وليس صعبًا، أن الأمر في غاية السهولة، ولكنه يتوقف فقط على قرار منك، قرار بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها مهما كانت الأسباب والدواعي. هذا أولاً.
ثانيًا: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، لأن أذكار الصباح والمساء بجوار أنها تُحي سنّة النبي - عليه الصلاة والسلام – إلا أن لها فوائد في حفظ الإنسان من كل شيء، خاصة ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يقول ثلاث مرات صباحًا ومساءً: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، وكذلك قوله: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً.
واظبي على هذه الأذكار صباحًا ومساءً، واعلمي أن الله تبارك وتعالى سوف يدفع عنك كل شر وكل سوء، سواء أكان ذلك من قبل الإنس أو من قبل الجن.
ثالثا: كذلك المحافظة على الطهارة قدر الاستطاعة.
رابعا: ومن الأمور المهمة جدًّا: المحافظة والإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – بنية قضاء الحاجة وتفريج هذه الكربة.
كما أوصيك أيضًا – يا بُنيتي – بالإكثار من الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، لأن العصبية التي عندك والخلافات التي تحدث بينك وبين خطيبك سببها إنما هو كيد الشيطان، لأن الشيطان يريد أن يفرق بينك وبين خطيبك، وذلك بافتعال مشاكل لا أساس لها من أمور تافهة تكبر وتتضخم حتى تصبح حاجزًا منيعًا من الصعب تجاوزه في المستقبل.
فعليك - يا بُنيتي – بالإكثار من الاستعاذة بالله الشيطان الرجيم - وكما أشرتُ لك في الرسالة السابقة - إذا كنت تتكلمين مع أحد وشعرت بأنك سوف تدخلين في نوبة الغضب، فحاولي أن تنصرفي من المكان الذي أنت فيه، وأثناء ذلك استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، في أول الأمر سيكون الأمر فيه قدر من المشقة، ولكن أنا واثق مع تكرار الأمر ستكونين في حالة جيدة.
أما عن هذه الفتاة التي تخلّت عنك وتركتك فهذا أمر عادي جدًّا، لأن الناس يمشون مع من يستريحون له، ومن يحبونه، ومن يستفيدون منه، ولعل هذه الفتاة وجدت أنها لا تستفيد منك شيئًا فتخلت عنك، وينبغي عليك أن توطني نفسك ألا تعتمدي على أحد، وألا تكوني أسيرة لعلاقة مع أي أحد، وإنما دائمًا اجعلي اعتمادك على الله تبارك وتعالى وحده، وقوّي علاقتك بالله تبارك وتعالى وحده، وقوي علاقتك بأسرتك، واجعلي الصداقات هذه في مرحلة ثانية، حتى إذا ما حدث هناك شقاق أو خلاف لا تشعري بنوع من الفراغ القاتل الذي أحيانًا قد يؤدي إلى انتكاسة نفسية كبيرة.
كما أتمنى أن تحاولي عمل رقية شرعية، والرقية الشرعية هي مجموعة آيات من كلام الله تعالى، ومجموعة أحاديث من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - إن استطعتِ أن تفعلي ذلك بنفسك فسيكون حسنًا، وكذلك إن استطعت أن تستمعي شريطًا للرقية الشرعية - بدلاً من أن تذهبي لأحد – بانتظام، عدة مرات، حتى تشعري بالراحة، لاحتمال أن يكون هناك أحد قد حسدك، خاصة وأنك في المرحلة الثانوية ومخطوبة، وهناك عشرات بل مئات وآلاف من الفتيات الجامعيات، وقد يكنَّ أجمل منك، وقد يكنَّ في وضع مادي أحسن منك، إلا أنهنَّ لم يتقدم لهنَّ أحد إلى الآن.
فإذا لم تستطيعي ذلك، فلا مانع من الذهاب إلى أحد الرقاة الشرعيين يقوم بعمل رقية شرعية لك، لاحتمال فعلاً أن تكوني محسودة، وهذه الحالة النفسية السيئة التي عندك سببها إنما هو الحسد، لأنك تقولين بأنك تعانين معاناة شديدة، ولكنَّ الذين يعيشون معك في الدار يقولون أنت ليس فيك شيء، وأنت طبيعية، في حين أنك تتأملين ألمًا نفسيًا شديدًا، وأنك فعلاً تشعرين بأنك ليس لك دور، وأن الحياة بالنسبة لك نوع من العقوبة.
فأتمنى أن تحاولي عمل الرقية الشرعية، سواء كان ذلك بنفسك أو بأحد أقاربك وأرحامك، أو بأحد الرقاة، مع المحافظة على ما ذكرتُ لك، وبإذن الله تعالى الله سوف تتحسن نفسيتك جدًّا.
حاولي - بارك الله فيكِ - أن تضعي جدولاً للمذاكرة، لا تتركي المذاكرة حسب الظروف والأحوال، وإنما اجعلي المذاكرة عادة من العادات كعادة الأكل والشرب والنوم والعبادة، اجعليها في وقت محدد، وفي هذا الوقت لا تتكلمي مع أحد، ولا تتصلي على أحد، ولا تردي على أحد، ولا تخرجي مع أحد، وإنما عليك أن تُفهمي أهلك بأن هذا الوقت وقت مذاكرة حتى لا يطلبوا منك شيئًا أثناء المذاكرة.
وبذلك - بإذن الله تعالى – سوف تحافظين على مستواك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.