أريد أن أكلمها ولكني أتذكر العهد الذي قطعته مع الله
2012-10-01 22:56:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أحببت فتاة، ولم أكن أعلم أني أحبها كثيراً إلا بعد الفراق، وعدت الله بأني لن أكلمها ولن أرد عليها على الهاتف، لأني أخاف الله، ولا أريد معصيته، الآن وبعد مرور أسبوعين أصبحت أفكر فيها طوال الوقت، وأريد أن أكلمها، ولكني أتذكر الوعد، ولم أكلمها، ساعدوني من فضلكم، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد اللطيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى. كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يجعلك من الحافظين لدينهم، المقيمين لشرع ربهم، الخائفين من وقوعهم في معصيته جل جلاله، المعظمين لجنابه سبحانه، الحريصين على فعل ما يُرضيه. كما نسأله تبارك وتعالى أن يظلنا وإياك بظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك تُحب فتاة ولكن لم تكن تعلم أنك تحبها لهذه الدرجة إلا بعد أن تركتها، وأصبحتَ تفكر فيها طول الوقت، وتريد أن تكلمها، ولكنك عاهدت الله تبارك وتعالى بأن لا تكلمها ولا تتحدث إليها، وأنت الآن في حيرة أمرك.
أقول لك - أخي الكريم الفاضل -: إذا كنت تستطيع الزواج منها وكانت صالحة مستقيمة فيها المواصفات التي حثك عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وكنت قادرًا على الارتباط بها وكانت تصلح لك فتوكل على الله، فإنه ليس هناك علاج للحب إلا الزواج، فلا يوجد هناك علاج أفضل ولا أنفع ولا أنجع للمتحابين إلا الزواج، فإن كنت تستطيع ذلك فاستعن بالله وتوكل على الله، ما دامت فيها الشروط الشرعية التي حثك على التزامها والبحث عنها حبيبك - صلى الله عليه وسلم -.
أما إذا لم يكن الأمر كذلك فاعلم أن هذا الذي تشعر به إنما هو نوع من حرب الشيطان عليك، لأنك انتصرت على الشيطان وخذلته وهزمته وقهرته بهذا الوعد الذي قطعته على نفسك لربك ألا تتكلم معها حياءً منه وخوفًا منه جل جلاله، فبدأ الشيطان يشن على قلبك حربًا يُشعرك فيها بأنك لا تستطيع أن تستغني عنها، وأن قرارك هذا كان خاطئًا، وأنك ستموت بدونها، إلى غير ذلك. فهذا الذي تشعر به إنما هو نوع كما ذكرت من حرب الشيطان القذرة التي يشنها على قلوب أولياء الله تعالى.
ثم هل لي أن أسألك سؤالاً - أخي الكريم عبد اللطيف –؟ هل ترضى لأختك أن تكون لها علاقة محرمة مع شاب أجنبي لا يستطيع أن يتزوجها، وإنما فقط مجرد أن يتسلى بها وأنه يحبها ويأنس إليها، يفسد عليها قلبها، ويفسد عليها دينها، ويفسد عليها حياتها، وفي آخر الأمر لا يتزوجها؟ هل ترضى ذلك لعزيزة لديك، لأختٍ، أو لابنةٍ، أو لعمّة، أو لخالةٍ؟ قطعًا أعتقد أنك ستقول معي (لا وألف لا) فما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك.
الإسلام لا يعرف الفساد أبدًا، لأن الله لا يحب الفساد ولا يحب المفسدين، وهذه العلاقات لا تسلم أبدًا من الوقوع فيما يُغضب الله تعالى، وفيها قدر من الفساد والإفساد الله به عليم، وقد تكون العلاقات في أولها بريئة ولكنها تنتهي والعياذ بالله بمعصية تُخرج الإيمان من القلب – ألا وهي الزنا – خاصة وأنك تعلم أن بلاد الغرب لا يوجد هناك شيء يُسمى حرام، وأن ممارسة الزنا أمر طبيعي، لأنهم يعتبرونه من حقوق الأفراد، وأن هذه من حقوقهم الشخصية التي من حق الإنسان أن يفعل بها ما يشاء، وأن يعيش مع من شاء، وأعتقد أنك لست في حاجة أن أشرح لك ذلك أطول من هذا، فأنت تعيشه ليل نهار، وهو يدرس في المدارس والجامعات وكل الأماكن تحض على ذلك وتحث عليه.
أما أنت رجل مسلم صالح مبارك، سُميت أو سماك أهلك بـ (عبد اللطيف) فأنت عبد للملك سبحانه وتعالى جل جلاله، ومثلك أخي الحبيب الأمة في حاجة إليه أن يكون عبدًا ربّانيًا صادقًا، ينشر الإسلام في تلك البلاد، حتى وإن لم يستطع أن يتكلم ويدعو بلسانه، فالتزامك بالإسلام سلوكًا منهاج حياة في حد ذاته دعوة، عندما تكون طالبًا متميزًا بين إخوانك من الطلبة بحسن خلقك وصدقك وأمانتك وعفتك وفضيلتك وحياءك وبُعدك عن الحرام وتميزك العلمي، هذا في حد ذاته دعوة إلى الله تبارك وتعالى، عندما تكون جارًا بين الجيران تغض الطرف عن الحرام ولا تسمع الأغاني ولا الموسيقى، ولا تستصحب معك كل يوم فتاة من الفتيات كما يفعل الشباب في مثل سنك في هذه البلاد، وعندما تعامل جيرانك بالمعروف وتحسن إليهم وتقدم إليهم الهدايا باسم الإسلام، أنت بذلك داعيًا إلى الله تعالى وإن لم تتكلم أو تخطب خطبة في جامعة أو في مسجد أو في ميدان عام.
أخي الحبيب عبد اللطيف: إن الإسلام في حاجة إليك خاصة في بلاد المهجر، لأن صورة الإسلام شُوّهت بسبب تصرفات بعض المسلمين المساكين الذين لم يقدروا النعمة التي أكرمهم الله تبارك وتعالى بها، وأصحبوا يتصرفون تصرفات يندى لها الجبين، وتتفطر منها قلوب المؤمنين.
فأنا أريدك أن تكون مِشعل هداية، ومصباح نور، تضيء الطريق لهؤلاء المساكين، الذين عبدوا الله وآمنوا بغير الله وأعرضوا عن منهج الله جهلاً وعدم معرفة، أو بسبب تصرفات رأوها من بعض المسلمين المنتسبين للإسلام جعلتهم يقولون نحن أفضل من المسلمين.
فإذن - أخي الكريم الحبيب – اسمح لي أن أقول لك: هذه الفتاة موقفك منها كما ذكرتُ: إن كانت تصلح زوجة لك وكانت مسلمة، أو كانت غير مسلمة وعلى استعداد أن تُسلم ويُصلح الله حالها وأن يُحسن إسلامها، فتوكل على الله، وادخل إليها من الطريق الشرعي، ليس من طريق العاطفة ولا من طريق اللقاءات المحرمة. إن كانت لا تستطيع ذلك ولا تصلح لذلك فابتعد عنها حياءً من الله، وأوف بعهدك مع الله، واعلم أن من وفّى وفَّى الله له، ومن التزم بعهد الله أكرمه الله في الدنيا والآخرة، لأن الله قال: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.
أسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يجنبك الفتن والفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتك على الحق، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.