كيف أتقي الأسئلة والكتب والشبهات الإلحادية؟
2012-11-14 08:44:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي أني إنسان أفكر كثيراً وأقرأ كتباً وأسمع كلاماً وأدخل في نقاشات -الحمد لله- إيماني بإذن الله ثابت وراسخ، ولكن تردني مناقشات وأسئلة واستفسارات إلحادية كثيرة! فما العمل؟
من الأسئلة الواردة: هل يستطيع الله أن يخلق صخرة تقتله؟ إن كانت الإجابة نعم أو لا، فهي تنفي وجود الرب أعوذ بالله من هذا.
في بعض الكتب أمثال كتاب ملائكة وشياطين للكاتب داون براون، كان قد كتب أشياء كثيرة تنفي وجود الله، وأن الرسل قد أوجدوا أنفسهم بأنفسهم، وادعوا وجود الإله لإصلاح الناس نفسياً، وهكذا.
أشعر بسخافة هذه الأسئلة، ولكن في بعض الأحيان تحتاج للرد عليها، ليرتاح بالك كما قال موسى (ربي أرني أنظر إليك)، وإبراهيم إذ قال: (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)
هذا حال أنبياء فكيف بنا نحن عامة الشعب؟! الرجاء إرسال مصادر وكتب لتقوية الإيمان وترسيخه، ولتجنب دخول عقلي في مثل هذه الترهات.
لا تخبروني أن أتوقف عن القراءة، فعقلي ليس من النوع الذي يستجيب لمثل هذه المطالب، عقلي قد وجد للتفكير وليس لكي أتبع أي كلام بدون أن أتيقن منه.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لا أحد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإيمان الصادق، الإيمان الذي لا يرتد، وأن يرزقنا النعيم الذي لا ينفد، ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في جنان الخلد.
نحن ننصحك أولاً أيها الحبيب - وهي نصيحة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة - أن تكون حريصًا على تجنب مواطن الشبهات، بحيث لا تُلقي لها سمعك، ولا تحاول البحث عنها، لا سيما وأنت لم تتضلع من العلم الشرعي، فإذا وردت الشبهة على قلبك وجدته خاليًا فتمكنت فيه، وهذا يضرك أيما ضرر، ولذلك فالخير كل الخير - أيها الحبيب - أن تبتعد عن سماع الشبهات، وأن تُكثر من مطالعة أدلة التوحيد الدالة على وجود الله سبحانه وتعالى وعلى ربوبيته وإلهيته، وهي كثيرة مبثوثة، منها الأدلة المرئية، ومنها الأدلة المسموعة، فإن الكون صفحة أمام عينيك مملوءة بالأدلة والشواهد على وجود الله تعالى، والقرآن يلفتنا دائمًا إلى الانتباه والنظر والتفكر في المخلوقات، فكم في القرآن من قوله سبحانه وتعالى: {أولم ينظروا} ، {أولم يروا}، {لعلهم يتفكرون}، {لعلهم يتذكرون}
هل يقبل عاقل أن يكون هذا الوجود على ما فيه من الإحكام والدقة والعظمة والكِبر قد وُجد من غير مُوجد، وهذا هو السؤال الذي يوجهه الله تعالى للناس، في قوله سبحانه وتعالى: {أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون} وعندما وقف أحد المشركين أمام باب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمع هذه الآيات لم يتمالك نفسه، وقال: كاد قلبي أن يطير.
نحن ندعوك - أيها الحبيب - إلى التفكر في مخلوقات الله تعالى، فهي دالة على وجوده وعلى عمله وحكمته وقدرته ورحمته، وإذا لم تقم هذه الأدلة كلها بتحصيل اليقين في قلبك بوجود الباري سبحانه وتعالى فلن يصلح عندك شيء، كما قال القائل: (وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليلٍ).
أما ما ذكرته من أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم لم يسألوا ذلك بشكٍ في قلوبهم، فحاشاهم من ذلك، فإنهم أعظم الناس إيمانًا ويقينًا، ولكنهم أرادوا الانتقال إلى المراتب العليا من العلم واليقين، ولا شك أن اليقين مراتب والعلم مراتب، فأرادوا تحصيل أعلاها، فسألوا ربهم ذلك.
أما ما ذكرته من هذه الشُّبهة وهي كما ذكرت أنت من السُّخف بدرجة لا تحتاج معها إلى رد، ولكننا نتولى الرد عنها فقط لنُريح خاطرك، وليكون ذلك عوناً لك - بإذن الله تعالى - في تجنب ما أنت فيه.
قولك (هل يستطيع الله أن يخلق صخرة تقتله؟) أحب أن ننبهك - أيها الحبيب - أن قدرة الله تعالى إنما تتعلق بالأشياء الممكنة، أما المستحيلات فلأنها لا تُوجد لا تتعلق بها قُدرة الباري سبحانه وتعالى، فيستحيل (مثلا) أن يُوجد إلهٌ آخر مع الله تعالى، ولذلك لا يصح أن يُقال: هل الله يقدر على إيجاد خالق معه، أو إله معه، وكذلك لا يصح هذا السؤال أن يُقال: هل يستطيع الله أن يخلق صخرة تقتله؟ لأن هذا مستحيلٌ، والمستحيل لأنه لا يقع فإن قدرة الله تعالى لا تتعلق به، فالله عز وجل على كل شيء قدير - أي من الأشياء التي يمكن أن تقع، أما التي استحال وقوعها فإنها خارجة عن ذلك لا تتعلق بها قدرة الباري سبحانه وتعالى لعدم صلاحيتها لتعلق القدرة بها.
بالجملة فإننا نكرر عليك أيها الحبيب وصيتنا ونصيحتنا لك بأن تُكثر من سماع دروس الإيمان وتتلقى ذلك عن أهل العلم الراسخين فيه، والمواقع المفيدة في هذا الجانب كثيرة ولله الحمد، وأن تتجنب إيراد الشبه على نفسك مع عدم قدرتك على ردها، فإن ذلك سبيل الهلاك.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا وإياك إيمانًا قويًّا، وأن يُبصرنا بما يزيد إيماننا ويجنبنا موارد الهلاك والتلف.