ابنتي ضعيفة سمع ولم تقتنع بأنه قضاء وقدر، وتتهاون في صلاتها

2012-11-28 12:44:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا أم لبنت عمرها 19 سنة، كلما أطلب منها أن تصلي تجاوبني عندما يشفي الله سمعي سأصلي، وطبعا تتهاون في صلاتها، فهي تصلي صلاتها المفروضة على حسب مزاجها.

عند ابنتي ضعف سمع، ولم تقتنع بأنه قضاء وقدر، وعندها أيضا حالات نفسية مثل الخوف، وعدم مواجهة الواقع، ودائما تقلق على مستقبلها، وكما أنها تستسلم لليأس، وعندها أيضا غيرة، وحقد على إخوانها، وأقاربها وغيرها، وكأنها تراهم أعدائها
سؤال آخر:

زوجي كثير الهموم، ويشكك بي كثيرا، فهو لا يثق في أبداً، وطبعا عنده ضعف سمع، أرجو نصيحتك فضيلة الشيخ؟

وجزاكم الله خيرا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شوشو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يقر عينك بصلاح هذه الفتاة وبصلاح الزوج، وأن يعين الجميع على طاعته، هو ولي ذلك والقادر عليه.

إذا كان الزوج يشك فيك، فإننا ندعوك إلى أن تكوني واضحة معه، إلى أن تمنحيه الثقة، إلى أن تقتربي منه، إلى أن تتعاملي معه بمنتهى الوضوح، فلا تفعلي أمرًا، ولا تخرجي من البيت، ولا تعزمي على أمر، ولا تخططي لقضية إلا بعد أن تشاوريه وتحاوريه وتعطيه المكانة اللائقة به كزوج، فإن الرجل يحتاج إلى امرأة تدعمه وتشجعه، وتعرف له مكانته، وتستشيره في كل صغيرة وكبيرة من أمرها؛ لأنه بذلك يشعر بأن له تقدير، وأن له مكانة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين الجميع على طاعته.

ويبدو أن لك سنوات مع هذا الرجل، والسنوات هذه كفيلة في أن تتعرفي على طبيعة هذا الرجل ونفسية هذا الرجل، ثم تعامليه انطلاقًا من ذلك، ومن تلك الخبرات المتراكمة، وإذا كنت قد صبرت في هذه السنوات فإن مواصلة المشوار هو الصبر أيضا، وأنت الآن -ولله الحمد- تعرفت عليه، وتعرفت على الأمور التي تثير شكوكه، فعليك أن تتفادي كل ما يثير الشك، وكل ما يمكن أن يؤجج المشاكل في داخل بيتك وأسرتك.

أما بالنسبة لابنتنا الرائعة التي تصلي، لكنها تعترض على القضاء والقدر، وتؤدي الفرائض على حسب مزاجها، فإنا ندعوك إلى ملاطفتها، وإلى حسن التعامل معها، وإلى ربطها بصديقات حريصات على الصلاة في وقتها، ثم عليك بتذكيرها بأن هذا ابتلاء من الله تبارك وتعالى، فعليها أن تصلي وتسجد لله، ثم تسأل الله من فضله، فإن الشفاء بيد الله تبارك وتعالى، ثم عليك أن تذكريها أن العظيم الذي أخذ منها السمع أعطاها نعمة العافية، ونعم أخرى {وإن تعدوا نعمة الله لا تُحصوها}.

ثم عليك أن تذكريها أن الزميلات، وأن القريبات أنعم الله عليهنَّ بنعم، لكن أيضًا محرومات من أشياء موجودة عند ابنتك، فنعم الله مقسمة، فهذه يعطيها سمع وبصر، لكن يحرمها من المال، وهذه يعطيها سمع، وبصر، وأرجل، وجمال، لكن يحرمها من الولد والسعادة، وهذه يعطيها الشهادات والجمال، لكن يحرمها من الوظيفة، ويحرمها من السعادة في بيتها، فنعم الله مقسّمة، والسعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه ثم يؤدي شكرها، والإنسان ينبغي أن يتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (انظروا إلى من هو دونكم) إذا كانت هي تشتكي من السمع، فهناك من فقد السمع والبصر، بل هناك من فقد السمع والبصر، وعنده السكري والضغط وهكذا، فالإنسان دائمًا ينظر في أمور الدنيا إلى من هم أقل منه، (ولا تنظروا إلى من هو فوقكم لكي لا تزدروا نعمة الله عليكم).

وعليك كذلك أن تذكريها بأن الرضا بقضاء الله وقدره هو مفتاح السعادة، وأن الله تبارك وتعالى إذا أحب الإنسان ابتلاه، فمن رضي فله الرضا وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط وأمر الله نافذ، ففي كل الأحوال أمر الله نافذ، وعجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.

كما أرجو كذلك أن تتفهمي طبيعة المرحلة العمرية، وطبيعة الظروف النفسية التي تمر بها الفتاة، فتكوني لطيفة في توجيهها، ولطيفة في نصحها، كثيرة الثناء عليها، إظهار الإعجاب بجوانب الجمال والإشراق فيها حتى تكوني عندها محبوبة، وعند ذلك سوف تطيعك بطاعة الله تبارك وتعالى، فإن المُحب لمن يُحب مُطيع.

عليك كذلك أن تغرسي في نفسها محبة الله العظيم الوهاب الذي يعلم السر وأخفى سبحانه وتعالى، ثم عليها بعد أن تطيع الله أن ترفع أكفَّ الضراعة إلى من يُجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى، وبيّني لها أن حسد الإنسان لأقرانه لا يجلب له إلا السوء، كما قال معاوية: ما رأيتُ خصالا شرٍّ أعدل من الحسد؛ لأنه يتوجه إلى الحاسد فيقتله دون أن يُصيب المحسود:

ألا قل لمن يأتيني حاسدًا**** أتدري على مَنْ أسأتَ الأدب
فظنك في خالقي سيئٌ**** لأنك لم ترضى لي ما وهب
فكان جزاءك أن زادني**** وسدَّ عليك طريق الطلب

إذا عرف الإنسان علاقة الحسد بأمراض العصر، وعلاقة الحسد بالتعاسة والشقاء، وأن الحسد هو أول ذنب عُصي الله به في السماء، حين حسد إبليس أبانا آدم على تكريم الله له، وهو أول ذنب عُصي الله به في الأرض، حين حسد أحد ابنيْ آدم أخاه على ما تُقبِّل منه من قُربان فقتله، والحسد صفة أبو جهل، والحسد صفة اليهود، والنبي - صلى الله عليه وسلم – أُمر أن يتعوذ من شر حاسد إذا حسد.

إذن عليها أن تتجنب هذه الأدواء الخطيرة، ثم عليها أن تريد الخير لأخواتها، فإن الإنسان إذا كان في حاجة إخوانه كان العظيم في حاجته، ومن نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

كل هذا ينبغي أن تختاري لها الوقت المناسب، والأسلوب المناسب، وتجتهدي في تذكيرها كما قلنا بما عندها من إيجابيات، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذه الفتاة، وبصلاح الزوج، وننصحك بأن تتقي الله، وتكثري من التوجه إلى الله، فإن قلب البنت، وقلب الزوج، وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها تبارك وتعالى.

وننصحك بكثرة الاستغفار، وبالصلاة على رسولنا المختار، وبالإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فإنها استعانة، وذكر لله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونتشرف بالتواصل مع الموقع، ونسأل الله للجميع الهداية، هو ولي ذلك والقادر عليه.

www.islamweb.net