كيف أعامل أبي وقد أهملني حتى بلغت 17 عاما؟
2012-12-29 08:33:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أريد الاستفسار عن معاملة أبي معي, فأبي طلق أمي وأنا في عمر11 شهرا, منذ ذلك الوقت وأنا أعيش مع أمي, إلى أن صار عمري 17 عاما, جاء إلي عمي وأخذني إلى أبي, لكن أبي لم يعاملني معاملة طيبة, دائما يعاملني معاملة سيئة جدا, رغم أنه يعامل بناته من زوجته الثانية معاملة جيدة, أما أنا فلا يسلم علي, ولا ينفق علي أبدا, دائما عمي وأمي هم من يعطوني مصروفي.
أنا الآن متزوجة, ولدي طفل, ولا ينظر أبي إلى طفلي, وحتى زوجي لا يعامله جيدا, رغم أنه كان قبل أن يتزوجني كان يعامله بلطف.
عمي من تكفل بزواجي, والآن ابنة - أبي- تستعد للزواج, وهو يشتري لها, ويفعل كل شيء ليسعدها, وأنا أعامله معاملة الإسلام, أذهب إليه, وأسلم عليه, رغم أنه يعاملني معاملة سيئة جدا.
بصراحة أريد أن أعرف ماذا أفعل, معاملة أبي معي ومع ابني وزوجي تؤلمني وتجرحني, أصبح جميع الأهل عندما أجلس يضحكون علي.
أرجوكم أفيدوني ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hayat حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك ابنتنا هذا التواصل مع الموقع، وهنيئًا لك بهذا النجاح، واعلمي أن الله هو الرزاق، وشكر الله للعمّ على حسن قيامه بأمرك، وأرجو أن تستمري في حسن المعاملة للوالد، وكوني دائمًا الأفضل، وابتغي بهذا العمل الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى, وزوجك لن يُضار من معاملة الوالد إذا أنت أحسنتِ التعامل معه، فهو متزوج بك وليس له علاقة بالآخرين، ونسأل الله أن يُسعدك معه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ونوصيك ببر الوالدة، وببر ذلك العم، والتواصل معه، كذلك بالاستمرار في الإحسان للوالد، ولا تلتفتي إلى كلام الناس، فإنك تتعاملين مع رب الناس الذي يأمرك بالإحسان للوالد وإن أساء، فالسلام على الوالد حتى وإن قصّر، وصحبة الوالد بالمعروف حتى ولو أمرك بمعصية، لكن لا تُطيعيه، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أرجو أن تعلمي أن الوالد رغم تقصيره يظل والدًا، واسمك مرتبط باسمه، وسيسأله تبارك وتعالى عن تقصيره في حقك، وعن ظلمه للوالدة إن كان قد ظلمها، وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، لكن أنت ينبغي أن تجتهدي في بره والإحسان إليه، والتواصل معه، ولن يضرك إهماله وقد خرجت إلى الحياة ونجحت فيها رغم إهماله لك وتقصيره في حقك، فإن الله تبارك وتعالى يتولى أمر الإنسان إذا توجه إليه سبحانه وتعالى، وواهم من ظن يومًا أن الأرزاق يأتي بها الوالد, أو تأتي بها الوالدة، {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} بل إن والد الإنسان والوالدة قد يموتوا فورًا، لكن الإنسان يسعد ويأكل ويشرب، لأن الرزاق حيٌ لا يموت سبحانه وتعالى.
فاجتهدي في نسيان ما حصل، وأقبلي على والدك وأدي ما عليك، ولا تبالي بإحسانه لبناته أو لغيرهم، فإنه سيجازى بإحسانه إحسانًا ويعاقب على الإساءة والتقصير في حقهم، بل كوني طيبة مع أخواتك الأخريات، وكوني دائمًا أنت الفاضلة، ولا تلتفتي لكلام الناس، فإن الإنسان إذا سمع كلام الناس أوردوه موارد الهلكة، والناس دائمًا لهم تعليقات، لو أنك أسأت للوالد لقالوا (إنها عاقة)، وأنت الآن بارة بالوالد فيقولون (إنها مغفلة، ولماذا تفعل وهو لا يقابلها ولا يهتم بها) هذا كله لا يضرك، وبالتالي لن يضر هذا الطفل الذي سيجد والدًا وسيجد عمك الذي هو جد له، وسيجد حياة يسعد فيها، والطفل الآن لا يبالي بمثل هذه الأمور، فلا تنشغلي ولا تتأثري، وسيجد طفلك من العناية من اللطيف الخبير، ومن أسرته، ومن أهله الآخرين، سيجد العناية، وهذا كافٍ له، والعناية المهمة والرعاية المهمة ينبغي أن يجدها منك ومن الوالد.
وإذا كان الوالد قد قسى عليك فأشبعي الولد بالحنان، إذا كان الوالد قد قصر في حقك فلا تقصري في حقه، وإذا كان الوالد لا يحب زوجك فأحسني له وأقبلي عليه, وعوضيه وعامليه معاملة تُنسيه كل ما يحصل بينه وبين الوالد من نفور، إذا كان الوالد يحترمه ثم ها هو الآن يبتعد عنه بعد زواجك فإن السبب بالنسبة له ينبغي أن يكون معروفًا، ولا أظنه بحاجة إلى والدك.
لذلك عليه أن يمضي ولا يشتغل بهذه الأمور، ونتمنى أن يسير بنفس السيرة، فيقابل هذا الوالد على أنه كبير في السن، ويضعه موضع الوالد فيحتمل منه هذه التصرفات، ويكون دائمًا هو الأفضل، لأن الشباب ينبغي أن يتعاملوا مع الكبار بهذا الأسلوب، ونلتمس لهم الأعذار، نتسامح معهم، نعاملهم بنفس الطريقة، وهذا ما نرجوه ونطلبه منك ومن بناتنا الفضليات في حال تقصير الوالد أو الوالدة، أن نجتهد نحن في الإحسان، لأننا نؤجر على ذلك عند الملك الديان، ونجد ذلك في صحائف أعمالنا، فالإنسان يُحسن لوالديه بما لهم من معروف، وقبل ذلك لأن في هذا طاعة، ولأن في هذا أمرا واجبا من واجبات هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
وإذا أدى الإنسان تجاه الوالد ما عليه وكان التقصير من الوالد أو من الوالدة فإن القرآن يقول: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا} طالما كان الله هو الذي يُعطي الأجر والثواب، والله هو الذي فرض البر، فإنا نتعامل مع الرحيم العظيم اللطيف الذي لا تخفى عليه خافية، سبحانه وتعالى.
فاستمري على ما أنت عليه من الخير، لا تلتفتي إلى ضحك الناس أو إلى كلامهم، وأشغلي نفسك بطاعة رب الناس، فإن السعيد هو الذي يطلب رضى الله وإن سخط الناس، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.
ونكرر سعادتنا بهذه التجربة وبهذا النجاح، ونسأل الله أن يحفظ لك الوالدة، وشكر الله للعم، وعم الإنسان صنو أبيه، ونسأل الله أن يرد الوالد إلى صوابه حتى ينتبه ويتدارك ما حصل منه من تقصير قبل أن يُدركه الأجل، ونسأل الله أن يطيل أعمارنا جميعًا في طاعته، ونشكر لك هذا التواصل، ومرحبًا بك في موقعك.