ما نصيحتكم لمن تتحدث مع شاب؟
2013-01-17 08:17:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
مشكلتي أني أحب شاباً زميلاً لي في الجامعة، وهو أيضاً يحبني، والمشكلة أن ظروفه لا تسمح بالتقدم لأهلي.
أنا أكلمه في التليفون، وأمي عارفة، وأهله أيضاً عارفون، كنت أريد أن أعرف ما الحل؟ وما حكم الدين في ذلك؟ لا أقدر على الابتعاد عنه، ولا هو قادر، وقد حصلت معه مواقف كثيرة كان سيضيع نفسه فيها، ولولا أني بحياته لكان ضاع.
أخاف إذا ابتعدت عنه أن يحصل معه أمر يضيعه، وفي نفس الوقت أريد أن أبتعد، لأني بأوقات كثيرة أحس أن ربنا غير راض عنا، لأننا نتكلم في (التليفون) من غير أن يكون بيننا كتاب شرعي، وأنا محتارة جداً، وأريد معرفة الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يملأ قلبك حبًا له وخشية منه وخوفًا من عقابه ورجاء في ثوابه.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من المتميزات المتفوقات في دراستك، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
بخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فنحن سعداء حقيقة بتواصلك معنا، خاصة وأنك تخافين من عدم رضا الله تبارك وتعالى عليك، فأنت فيك خير كثير، ونحن نتمنى أن تكون كل الفتيات من أمثالك يحرصن على مرضاة الله تبارك وتعالى ويضعن في اعتبارهم رضوان الله عز وجل قبل كل شيء.
أما عن قضية حبك لهذا الشاب وحبه لك، فهذا – ابنتِي الفاضلة – هو عبارة عن شيء يحدث في مثل هذا الظرف الزماني، فأنت في سن صغيرة، هذه السن تعرف عند كثير من العلماء بمرحلة المراهقة، مرحلة النضج الأنثوي، فأنت كنت صغيرة وانتهيت من مرحلة الطفولة المبكرة، ودخلت الآن في مرحلة الأنوثة الكاملة.
لذلك الآن بدأت نفسك تشتاق لتكميل حياتك بوجود الطرف الآخر في حياتك، وهذا الشاب مما لا شك فيه لفت انتباهك – وأنت كذلك – وصار بينكما نوع من المحبة المتبادلة كما ذكرت.
لكن أنت تحبين الله تعالى، هل هذا الأمر – يا بُنيتي – يُرضي الله سبحانه؟ قطعًا لا يُرضي الله سبحانه وتعالى، لأن هذا الشاب الآن لو تخلى عنك فأنت ماذا ستقولين لله عز وجل عن هذه الكلمات التي تقولينها له أو يقولها لك؟ حتى وإن كان كلامًا عاديًا.
الإسلام – يا بُنيتي – لا يعرف العلاقة إلا في الإطار الشرعي الصحيح، وهو الحياة الزوجية، حتى تتكلم البنت براحتها، وحتى تستريح مع زوجها – وهو كذلك – أما الآن فهذا الشاب ليس زوجك ولا خطيبك، هذا رجل من عامة الناس، والذي تفعلينه لا يُرضي مولاك سبحانه وتعالى، وبالتالي لن يُكرمك الله لا في الدنيا ولا في الآخرة إذا كنت مصرة على معصيته، لأن المعصية تُسقط العبد من عين الله عز وجل، وأنت تحبين الله، والذي يُحب أحدًا لابد أن يكون مطيعًا له، فأنت تحبين الله فلابد أن تطيعي الله تبارك وتعالى في كل شيء، واعلمي – يا بُنيتي – أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
كونه إذا تركته تحدث معه مشاكل، هذا ليس شغلك أنت، وهذا ليس من شأنك، وأنت لست السبب في هذه المشاكل، العلاقة بينكما الآن – يا بُنيتي – ليست صحيحة، وليست شرعية، ولا تُرضي الله سبحانه وتعالى، ولا تُرضي النبي - صلى الله عليه وسلم – وأنت مسلمة صالحة، تحافظين على دينك وتتقين الله تعالى في حياتك.
لذلك أنا أنصح بارك الله فيك – يا بُنيتي – وأنت في مقام ابنتي، أن تتوقفي نهائيًا عن هذا التواصل حتى يكون للشاب استعداد أن يتقدم لك بطريقة صحيحة، حتى وإن كان الكلام بينكما في الهاتف ليس فيه أي شيء من الشهوة أو كذا – وإن كان هذا الأمر قد يكون صعبًا خاصة لظروفكم السيئة – فعليك أن تتوقفي، وتقولي له: (أخِي الكريم: إن هذا أمر لا يُرضي الله، وهو أمر حرمه الله تبارك وتعالى، وأنا سألتُ أهل العلم فقالوا إنه حرام، وأنا لا أستطيع أن أستمر في الحرام، لأني لا أريد أن ألقى الله تعالى وأنا عاصية).
بل أريد أن أبين لك أمرًا آخر – ابنتي آية – وهو أنه من الممكن أن تكون هذه المعاصي بهذه العلاقة الآن سبباً في حرمانك منه، فلا يمكن أن تصلي إليه ولا يمكن أن يصل إليك، لأن الله قد يعاقبكما بالحرمان، وهذا كثير جدًّا – يا بُنيتي – ومشهور جدًّا (صدقيني) في كتب أهل العلم.
عليك أن تتوقفي عن هذه العلاقة لأنها لا تُرضي الله تعالى، وكم أتمنى أن تركزي على مستواك العلمي، لأن هذه العلاقة وهذا الحب سيؤثر على مستواك العلمي، ستظلين تفكرين فيه في بعض المواقف وفي بعض الأحايين في أوقات كثيرة، وتتكلمين معه لفترة طويلة، وكذلك أيضًا في الجامعة ستشتغلين به، وهو غير مستعد أن يتقدم لك الآن كما ذكرتِ، فإذن لماذا تضيعين وقتك يا بُنيتي؟
ثقي وتأكدي أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، والله وبالله وتالله – ابنتِي آية – ما أن تتركي هذا الشاب من أجل الله إلا سيمنُّ الله عليك بشاب أفضل منه مائة مرة - بإذن الله تعالى – لأن الله تبارك وتعالى لا يضيع أهله، وأنت قد تركته مع شدة حبك له من أجل الله، فسيمنُّ الله عليك بأفضل منه، وسيُحبك وتحبينه إلى درجة كبيرة، لماذا؟ لأن الله سيعوضك خيرًا، لأنك تركت هذه الرغبة وتركت هذا الشاب من أجل الله سبحانه وتعالى.
ابنتِي آية: أنا واثق أنك قادرة على ذلك، وأنا عندي أمل أنك سوف تنجحين في ذلك، وأنك لن تُخزي الشرع أبدًا، وأنك لن تُغضبي الله تبارك وتعالى أبدًا، فعليك – يا بُنيتي – بإغلاق هذا الباب نهائيًا الآن، ودعيه وشأنه، أنت لست مسؤولة عنه لا في الدنيا ولا في الآخرة. كونه يحدث مشاكل وكونه يتعرض للموت وكونه يكره الحياة، هذا لا علاقة لك به مطلقًا، والله لم ولن يسألك عن ذلك أبدًا، بل سيسألك عن هذا الكلام الذي بينك وبينه، لأنه لا يُرضيه سبحانه وتعالى، ولا يوافق هدي نبيه محمد - عليه الصلاة والسلام – فأغلقي هذا الباب.
حاولي أن تصبي كل جُهدك على مذاكرتك لكي تكوني متميزة، وصدقيني لو تميزت في دراستك سيأتيك المئات من الشباب الراغبين في الارتباط بك، لأن الناس كلهم يحبون الإنسان المتميز في شكله، والمتميز في دينه، والمتميز في أخلاقه، والمتميز في مستواه العلمي، وأنت تستطيعين أن تحققي ذلك كله بعيدًا عن هذا الشاب الذي ليست لديه ظروف الآن لكي يكون زوجًا لك أو يتقدم لك بطريقة رسمية، خاصة وأنك يقينًا ما زلت في السنة الأولى أو الثانية، فأمامك عامان أو ثلاثة أعوام، فلماذا تشغلين نفسك – يا بُنيتي – بهذه العلاقة المحرمة التي لا تُرضي الله؟!
أكثري من الدعاء أن يعافيك الله من هذا الحب المنحرف، لأني أعلم أنه ليس سهلاً أن تنسيه، ولكن الله قادر إذا صدقت في توبتك وسألت الله تعالى أن يُخرج محبة هذا الشاب من قلبك، وأن يمنّ عليك بأفضل منه، صدقيني سوف يتحقق ذلك كله - بإذن الله تعالى - .
أكثري من الاستغفار لهذه الذنوب التي وقعت، وأكثري من الصلاة على النبي محمد - عليه الصلاة والسلام – حتى ييسر الله لك أمرك، ويمنّ عليك بمن يستحقك من عباد الله.
هذا وبالله التوفيق.