اعاني من خوف مع ضيق في الصدر وتوتر عند الذهاب للمدرسة.
2013-03-04 10:06:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة عمري 21 سنة، أعاني من خوف شديد مع ضيق في الصدر، وقلق، وتوتر، وشرود بالذهن، وبكاء وعدم القدرة على النوم في حال تفكيري للذهاب للدراسة.
كنت في بداية الأمر أستطيع إكمال الدراسة، أما الآن وإن درست، فلا أستطيع إكمال الدراسة، وسرعان ما أقوم بالإنسحاب، وأمكث بالبيت.
وبالإضافة تمر علي ظروف في البيت ومسؤليتي فيه، لقد كان الخوف هذا منذ صغري، لكنه خوف بسيط ليس مثل الآن.
بعد تخرجي ازدادت حالتي للأسوأ، وأعاني أيضاً من رعشة في يدي، وبرودة في أطرافي، وتلعثم في كلامي، وعدم التركيز مع حديثي مع الناس، أحس بأني في عالم آخر، تواصلي الإجتماعي مع الناس مقبول، لكني لا أحب الإجتماعات كثيراً، أميل للوحدة أكثر، وأحس أن كلامي ليس مهما.
لذلك أغلب ما يكون حالي عند اجتماع صديقاتي أن أكون مستمعة، قليلا ما أتكلم بشيء إلا عند صديقاتي المقربات، فأنا غير معهن.
وأيضا يأتيني تنميل، وثقل في رجلي اليسرى لها سنة من معاناتي من هذا الألم، ذهبت عند دكتورة، لكنها قالت: سليمة ما فيها شيء، هل لها علاقة بحالتي النفسية؟
يا دكتور: أرجو أن تشّخص حالتي، وأن تصف لي علاجا مناسبا، واشرح لي بالتفصيل طريقة استخدمه؛ لأني لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، فأهلي لا يتعاملون مع مثل هذه الحالات، ولا يصدقونني، ولن يذهبوا بي.
لذلك أرجوك ساعدني حالتي تتدهور كل يوم عن الثاني، وأريد أن أكمل دراستي، وحفظي لكتاب الله، لكن هذا الشعور الذي جعلني أعيش العزلة يعيقني، وهل سوف تطول مدة المعالجة يا دكتور؟
عفواً على الإطالة، وأرجو المساعدة حفظـكم الله، وشكراً على تعاونكم، وجعل ما تفعلوه من حل مشكلات الناس وتفريج كرباتهم في موازين حسناتكم، وجزاكم الله عني خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فوفو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن المخاوف تعتبر ظاهرة منتشرة وطبيعية لدرجة كبيرة في أثناء مرحلة الطفولة، فالخوف من الظلام والحشرات والغرباء (مثلاً) هو أمر طبيعي جدًّا، وهذه تسمى بالمخاوف المبسطة.
من أنواع المخاوف التي نهتم بها كثيرًا في الصحة النفسية هو الخوف من المدرسة والذهاب إليها، وهذا حقيقة ليس خوفًا، إنما يكون الطالب - أو الطالبة - ملتصقًا بوالدته (مثلاً)، ولا يُحب أن يفتقد أمان البيت، ويحدث له ما يعرف بالخوف من قلق الفراق، أو الابتعاد، وهذا يجعل أهله يعتقدون أنه يخاف من المدرسة، هو ليس خوفًا من المدرسة، إنما هو خوف من الفراق، لذا تجد بعض هؤلاء الطلاب لا يتحمسون أبدًا، بل يرفضون الذهاب إلى المدرسة، وبعد ذلك تظهر لديهم أعراض جسدية كآلام البطن (مثلاً) في الصباح، والتي تختفي في يوم الإجازة، وهذا ليس تصنعًا، لكنه إفراز نفسي نتيجة لخوف قلق الفراق.
هذه المقدمة مهمة لأجعلك تكونين أكثر إلمامًا بمعلومات بسيطة وأساسية حول المخاوف.
أنت لديك بالفعل تردد أو خوف حول الدراسة والمدرسة، وربما يكون هذا الخوف في الأصل كان خوف الفراق، ثم بعد ذلك تطور الأمور ووصل لما نسميه بالخوف الاجتماعي، أو الرهاب الاجتماعي، ودراسات كثيرة أشارت أن أربعين إلى ستين بالمائة من الذين يعانون من الخوف الاجتماعي كان لديهم رهبة المدرسة، أو قلق الفراق حينما كانوا أطفالاً صغارًا.
الحالة - أيتها الفاضلة الكريمة - علاجها ليس صعبًا أبدًا، من المهم جدًّا أن تحقّري فكرة الخوف، وأن تحصني نفسك تدريجيًا ضده، ونقصد بذلك أن تكون لك برامج يومية تتفاعلين فيها اجتماعيًا، حتى وإن كانت هذه التفاعلات بسيطة في بداية الأمر، لكن بعد ذلك يجب أن ترفعي معدل هذا التواصل الاجتماعي.
وفي السعودية لديكم فرصة عظيمة جدًّا للذهاب أماكن، ومراكز تحفيظ القرآن، فهي حقيقة أماكن طيبة يتواصل فيها الإنسان اجتماعيًا، وذلك بجانب المنافع العظيمة التي تأتي من خلال تدارس كتاب الله تعالى.
ومشاركة الناس أيضًا في مناسباتهم، تواصلي مع صديقاتك، كوني لك وجودا حقيقيا داخل الأسرة، وأقصد بذلك الفعالية الاجتماعية الأسرية، هذا كله يفيدك.
الأعراض الجسدية من برودة في الأطراف ورعشة وتنميل، وثقل في الرجل: هذا كله ناتج من الجانب القلقي الذي يعتبر هو مكون رئيسي في هذا النوع من قلق المخاوف.
أيتها الفاضلة الكريمة: اشرحي لذويك حالتك، وأنا على ثقة تامة أن أهلك سوف يتفهمون أن هذه حالة نفسية بسيطة، تعرف بالرهاب الاجتماعي، ولا أعتقد أنهم سوف يرفضون ذهابك إلى الطبيب النفسي.
وبالنسبة للعلاج الدوائي عمومًا: الأدوية كثيرة وموجودة وسليمة، وهذه الحالات تحتاج لدواء بسيط جدًّا، هنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (لسترال) أو (زولفت) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) والجرعة المطلوبة لمثل حالتك جرعة صغيرة، وهي أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يتم تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، وتستمري عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن تناول هذا الدواء، هذا الدواء دواء ممتاز وفاعل وسليم جدًّا.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.