يئست من حياتي ومن أمي ومن نفسي وكل شيء
2013-03-21 02:13:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم مساعدتي بأسرع وقت، لأنني يئست من حياتي، ليس فيها أي شي يدعوني للتفاؤل، دائماً أطمح للنجاح - والحمد لله - ناجحة بدراستي، لكن أرى هذا النجاح ليس له أي لذة، لأني لا أمتلك أي شيء من مقومات النجاح الأساسية، فحياتي مع ربي وأمي سيئة جداً.
أولاً: حياتي مع ربي، كنت محافظة على الصلاة، متدينة ومستقرة بحياتي، لكن الآن تاركة لصلاتي وعندي معاصي كثيرة.
لدي تساؤلات عدة، وهي: لماذا ربي جعلني أنتكس وأترك الصلاة؟ مع أني كنت محافظة على الصلوات المفروضة والسنن، لماذا ربي يريد لي حياة سيئة؟ أنا دائماً أدعوه وأرجوه بأن أحب أن أقوم بالعبادات، ولكن لا أستطيع، دائماً ما يتغلب عليّ الشيطان وأتركها، لماذا لا يهديني ربي؟
ثانياً: تعبت جداً من أمي، أعلم أن برها سيفتح لي آفاق الدنيا، وإساءتي لها ستغلق أبواباً كثيرة، لكن لا أستطيع، أرى أمي كاذبة متوهمة حاسدة متكبرة، لا أحب الكلام معها، أكره أسلوبها في تربيتنا، دائماً تفرق بيننا. وتستهزئ بالناس وتقلل من شأنهم، وتعظم أناس عقولهم صغيرة، وترى بأنها الأفضل من بين البشر، وتوهم نفسها بالمرض وهي بعافية، وتوهم نفسها بالعين، ترى جميع الناس يتمنون ما هي به وهي أساساً تتمنى ما عند الناس.
تسيء للخادمة وتهينها كل يوم بشكل كبير، فلا يمر يوم بدون إهانة، وتجعلها تكرر عملها مرات كثيرة ولا يكاد يعجبها، من مواقفها مع الخادمة: عملت الخادمة كوب عصير فمدحته أمي اعتقاداً منها أنني عملته، وعندما قلت لها أنها الخادمة سكتت وقالت: لا أصدق، عملها دائماً سيء.
دائماً تذكر أنها ترى رؤيا بكل يوم تدل على أنها امرأة بقمة الصلاح، لا يهمني كل ما في أمي، لأن أبي عكسها تماماً، عكسها بدينه وبأخلاقه وبثقافته وبفكره، وعلى مدى 33 سنة لم يغير أمي، فلن أغيرها أنا، لكن كيف أبرها وهي بتلك الصفات؟ كيف ربي يجبرني أن أبر بأمي وهي بتلك الصفات؟ إن استطعت يوماً فباقي الأيام لا أحتملها. والله دائماً ما يؤلمني موضوع أمي، ويشغل تفكيري منذ 9 سنوات، وأنا الآن عمري 22 سنة.
للعلم أمي محافظة على الصلاة والأذكار والقرآن، لكن بعض الأوقات تمتدح نفسها بهذه الأشياء، قلبي يؤلمني، أريد حلاً جذرياً يخلصني من هذه المشاكل؟
أريد طريقاً أستقيم عليه لأبر بأمي، لأني أريد التوفيق لحياتي فما قرأت لعظيم إلا وكان باراً بأمه.
أثق بكم، وأشكركم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيكِ وجزاك الله خيراً، نشكر لكِ التواصل مع إسلام ويب.
أنتِ محتاجة إلى وقفة حقيقية مع نفسكِ، هذه المشاعر السلبية حيال والديك، وتقصيرك في أمور دينك تتطلب منك وقفة حقيقية مع النفس؛ لأن الإنسان قد ينجرف ويكون محركه ودافعه في ذاك أفكاراً معرفية خاطئة، أو من خلال ما نسميه بالتخصيص السلبي، ويعني أن الإنسان يكون مثل الجراح الذي لديه ملقط يتخير به الخلايا المريضة ليزيلها، لكن في حالة تفكير الإنسان السلبي يركز صاحب الفكر السلبي على أخطاء الآخرين فقط، ويبدأ يضخمها ويجسمها، ومن خلال هذا التضخيم والتجسيم يبني مشاعر سلبية جداً عنهم، ويتناسى كل شيء إيجابي في حياتهم، بل حتى الإيجابيات التي تصدر منهم يحاول أن يجد لها مبررات سلبية وسوء التقدير وسوء الظن.
يظهر - أيتها الفاضلة الكريمة – أنك محتاجة إلى وقفة مع نفسك، هذا هو الذي أؤكده لك، وضعي السياق القرآني دائماً شعاراً أمامك، قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، لا أحد يستطيع أن يغيرك، أنت التي تغيرين نفسك، وأنا أقول لك بكل صدق ووضوح، فكرك السلبي حول والدتك هو فكر خاطئ، يجب أن يُرفض ويجب أن يُحقر، أمك هي أمك، ليس من حقنا أبداً أن نحكم على آبائنا وأمهاتنا مثل هذه الأحكام السالبة، الرؤية الإيجابية نحو الوالدين دائماً مطلوبة.
أدوات التغير لديك، لكن أنت مطالبة بأن يكون لديك إرادة التغير، وهي أيضاً تنبع منكِ أنتِ، أنتِ محتاجة لمسح هذا الفكر المعرفي السالب عن والدتك، يجب أن توقفي الاحتجاجات الداخلية، أنت محتاجة جداً لذلك.
سؤالك: لماذا ربي يريد لي حياة سيئة؟ هذا احتجاج غليظ ومستنكر حقيقة، أنا أعتقد أنك داخلة في إشكالية، وأنك تخطيت وبوضوح شديد الخطوات الحمر في التفكير. ويجب أن تعرفي أنكِ أنتِ التي تستطيعين تغيير نفسك، انظري إلى ما هو طيب وجميل في حياتك.
أنتِ مكلفة بطاعة أمك مادامت هي لم تأمرك بشيء يخل بعقيدتك، والتطورات السلبية حول والدتك متجسمة ومتضخمة، وقد تكون بداياتها بسيطة لكن بعد ذلك كبرت وترعرعت في ذهنك، حاولي أن تنظري إلى ما هو جميل حول والدتك ولا تسيئي الظن بها.
أنتِ قلت أنها محافظة على الصلاة وتلاوة القرآن لكن بعض الأوقات تمتدح نفسها بهذه الأشياء، هذا نوع من التخصيص السلبي، فأرجو - أيتها الفاضلة الكريمة - أن تغيري من طريقة منهجك في التفكير حول والدتك.
الأمر الآخر هو يجب أن تلتفتي لنفسك وتقومي بخطوات عملية، ترسمين من خلالها إدارة وقتك، أنتِ الآن خصصت جزء كبيراً جداً من تفكيرك لهذه الاحتجاجات، وهي احتجاجات غير صحيحة، الحياة فيها ما هو أجمل وفيها ما هو أطيب، وأنت لديك طاقات نفسية وجسدية واجتماعية يمكن أن تستفيدي منها كثيراً بصورة أكبر، فلتكن لكِ أهداف في الحياة وكوني إيجابية، لا تتركي مجالاً للشيطان ليدخل عليكِ، كوني صارمة وقوية حيال هذه الأمور، عليكِ بالصحبة الطيبة، فالفتيات الملتزمات الصالحات حين يكون لك نوع من المحبة والأخوة معهن لابد أن يساهم ذلك في تغير فكرك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.