ملل في المذاكرة وضعف الهمة.. ماذا أفعل؟
2013-03-12 09:17:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب في الثانوية الأزهرية، وأنا متكاسل السنة هذه بسبب ظروفي النفسية والدينية (كنت خائفا من الامتحانات، وكانت علاقتي بالله ليست جيدة)، وأنا الآن سأعيد السنة، وكل ما أذاكر أمل من المذاكرة، وقلة الاهتمام، فأرجو منكم نصيحتي ماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يفتح عليك فتوح العارفين بحكمته، وأن يجعلك من الفائزين المتميزين المتفوقين، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فأنا (حقيقة) لا أعرف هل أنت في أمريكا، أم تقيم وحدك (مثلاً) في مصر؛ لأني أعلم أن المعاهد الأزهرية تُوجد في مصر، وأنت لم تُشر إلى هذه المسألة، وهي مهمة (حقيقة) في الإجابة، لأنك إذا كنت وحدك بعيدًا عن أسرتك، فمما لا شك فيه أن نفسيتك ستكون غير مستقرة، لعامل الغربة، وأيضًا بُعد المسافة بينك وبين أهلك، وكذلك أحيانًا قلة الخدمات التي تُقدم لك، ووجود بعض النقص (مثلاً) في الأمور الضرورية التي تحتاج إليها، ولكن قد تتكاسل أو لا تجد من يُعينك عليها، هذه كلها عوامل – ولدي أحمد – قد تؤثر في نفسية الكبير ناهيك أن يكون الإنسان في مثل سنك.
أما إذا كنت ما بين أهلك وأسرتك، فأعتقد أن هذه كلها لا وجود لها، وبالتالي فإن خوفك من الامتحانات وغير ذلك هو عبارة عن مسألة نفسية أمرها سهل وعلاجها ميسور - بإذن الله تبارك وتعالى -.
أنت ذكرت أن علاقتك مع الله تعالى لم تكن جيدة، ولذلك ترتب عليه أنك أجلت الامتحان، ولم تُمتحن العام الماضي، والآن أنت تُعيد العام، وتسأل الآن ماذا تصنع؟
أقول لك (ولدي أحمد) وأنت رجل الآن نصف عالِم – كما يقول الأزهريون -: قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، فأنت تحتاج إلى أن تُدخل بعض التغيرات على حياتك الخاصة، حتى تتمكن - بإذن الله تعالى – من تحقيق إنجازات لم تستطع أن تُحققها في العام الماضي، من هذه الأشياء: النظر في علاقتك مع الله تبارك وتعالى، فإذن ابدأ بها باعتبار أن هذا فرض عين عليك، وأنه لا علاقة له بالدراسة أو غيرها، فحافظ على الصلوات في أوقاتها، واجتهد في ذلك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وحافظ على الأذكار بعد الصلوات، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، حافظ على ورد يومي من القرآن الكريم حتى يُغذي قلبك بالإيمان والأعمال الصالحة. هذه مهمة.
إذا كانت لديك بعض المعاصي – يا ولدي – فحاول أن تتوقف عنها ابتغاء مرضاة الله، وحياءً من الله تبارك وتعالى، وهذه أيضًا مسألة في غاية الأهمية، لأن العبد قد يُذنب ذنبًا فيعاقبه الله تبارك وتعالى بسبب هذا الذنب عقابًا قد لا يكون على باله أو لم يفكر أن يحدث مطلقًا، هذا أمر أول.
الأمر الثاني – بارك الله فيك -: حاول أن تبحث - بالنسبة للمذاكرة - عن آلية جديدة تستطيع من خلالها أن تنظم وقتك، بما أنك تُعيد السنة أعتقد أنك لا تذهب كثيرًا إلى المعهد، ولعلك تدرس في البيت، أو لعلك تذهب إلى المعهد، المهم أنت تحتاج إلى تنظيم وقتك، قم بتنظيم وقتك – بارك الله فيك – تنظيمًا دقيقًا، واجعل وقتًا للمذاكرة – ضروري جدًّا – واحرص عليه بكل ما أوتيت من قوة، ولا تتنازل عنه مطلقًا، حتى تتحول المذاكرة إلى عادة في حياتك، لأنك لو حولت المذاكرة إلى عادة أصبح من السهل عليك أن تحتفظ بها، ونحن عندنا عادات كثيرة كعادات الطعام وعادات النوم، وعندما العبادات أيضًا كالمحافظة على الصلوات، المسلمون جميعًا، الفاهمون المدركون يؤدونها في أوقاتها، لأنهم يعلمون أن هذا هو حق الله تبارك وتعالى عليهم، وأن هذا شرط أساسي من شروط قبول الصلاة، إلى غير ذلك.
فحاول - بارك الله فيك – (يا ولدي) أولاً تُحدد لك وقتًا معينًا للمذاكرة، هذا الوقت لا يُمس ولا يُترك مهما كانت الظروف والدواعي.
ثالثًا: ابدأ في الدراسة في يومك، إذا (مثلاً) كنت جادًا ونشيطًا في أول المذاكرة فابدأ بالمواد الأصعب حتى تتخلص منها، أو عقلك ما زال قويًّا وذاكرتك ما زالت قابلة للتحدي وللتفاعل، ثم بعد ذلك أجّل المواد الأخف أو المواد البسيطة إلى آخر وقتك الدراسي في نفس اليوم، يعني اجعل هناك دراسة تدريجية، ابدأ بالمواد الصعبة أولاً، ثم المواد السهلة اجعلها ثانيًا أو أخيرًا.
رابعًا: احرص على أن تكتب لنفسك ملخصًا على كل مادة، إما على هامش الكتاب نفسه، وإما في كراسة أو دفتر خاص أو دفتر خارجي، سجل فيه الملخصات التي كتبتها لنفسك، حتى يسهل عليك في ليلة الامتحان أو الاختبار أن تراجعها بسهولة، يسمونها بالمفاتيح، كل (مثلاً) باب معين – أو كل نقطة معينة مثلاً – باب من أبواب مثلاً (الطهارة) من أبواب الفقه، أو مثلاً بعض آيات التفسير، أو بعض الأحاديث، حاول أن تضع لها عبارات بسيطة من خلالها تستطيع أن تُجمّع معلوماتك بسهولة.
خامسًا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يوفقك الله عز وجل، وأن يفتح عليك فتوح العارفين.
سادسًا: اجتهد في الحفاظ على وقتك، ولا تحاول أن تضيعه فيما لا ينفع ولا يعود عليك بالفائدة، ولا تمشي مع الشباب الذين يريدون أن يُخرجوك من البيت ليمشوا معك، لأن هؤلاء قد يكونوا في صورة إنس، خاصة إذا كان مشيك معهم يؤدي إلى ضياع الصلاة، وكذلك أيضًا يؤدي إلى قلة أو ضعف المذاكرة.
سابعًا: اطلب من والديك الدعاء لك، واجتهد في أن تحافظ على الصلاة في أوقاتها، وأن تنظم مذاكرتك على أوقات الصلاة، يعني (مثلاً) تذاكر من العصر إلى المغرب، أو من المغرب إلى العشاء، أو من بعد العشاء إلى الساعة التاسعة أو العاشرة، واجعل بين تلك الأوقات راحة تستريح، ولا تجعل كل الأوقات للدراسة، إنما خصص وقتا من هذه الأوقات للمذاكرة، ولو على فترتين أو ثلاثة.
كما ذكرت لك: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى، وسوف تتمكن - إن شاء الله تعالى – من تجاوز هذه المرحلة بإذنِ الله عز وجل.
إذا لم تتحسن حالتك فعليك بعمل رقية شرعية، لاحتمال أن تكون محسودًا أو غير ذلك، والرقية الشرعية كما تعلم مجموعة من الآيات ومجموعة أحاديث من السنة، وهي قطعًا إذا لم تنفعك فهي لن تضرك يقينًا.
أسأل الله أن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يوفقك لكل خير، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.