أعاني من الرهبة المفرطة، ما توجيهكم وما العلاج؟
2013-04-13 06:12:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على القائل (خير الخطائين التوابون).
يا أستاذنا العليم، يا أبانا الرحيم، انتقيتك من باقي درر كنزنا العظيم لما تبين لي من سداد رأيك ورجاحة عقلك، والتفكر قبل التفوه، والتدبر قبل التعطف، يا كريماً من أرض السودان أسعفني.
لا يشخص المرء نفسه، لكني كثير الاطلاع، وأتوقع أن ما لدي هو (Avoidant personality disorder) حساسية مفرطه للنقد، انصهار بشخصيات الآخرين، لدرجة تقليد لغتهم الجسدية في آن اللحظة أو حتى نبرة الصوت وطريقة الكلام، رهبة الساحة.
عندما أقف لأمثل أمام زملائي في الفصل, صوتي مخنوق وكأني أجره جراً من الأعماق، قليل من يفهمني ممن حولي، وكأني أنبس بالكلمات نبساً، وأهمس بالقصص همساً، صوتي في الفصل لا يكاد يسمع، وقولي لا يكاد يفهم إلا بالتكرير والترديد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك كثيرًا، وأقول لك جزاك الله خيرًا، ومن قال لأخيه جزاك الله خيرًا فقد أجزل في الثناء، كلماتك (حقيقة) أخجلتني، وأقول لك بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك، وأن ينفع بنا جميعًا.
أيها الفاضل الكريم: إن كان لديك ما يعرف بالشخصية القلقية التجنبية فالقلق ليس كله بالسيء، إن كان لديك شيء من الرهاب فالرهاب ليس كله بالسيء، الإنسان لا ينجح أبدًا إلا إذا كان قلقًا في بعض الأحيان، لكن هذا القلق يجب أن يكون بمعايير منضبطة، والإنسان الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، والإنسان الذي لا يوسوس لا يتدقق، والإنسان الذي لا يكتئب لا يُجرب حلاوة الفرحة والسرور والانشراح.
أيها الفاضل الكريم: أريدك (حقيقة) أن تقرأ وبتمعن وبتدبر كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن) فقد جمع فيه الفكر وكل ما يخص النفس والسلوك، سوف تجد فيها غايتك - إن شاء الله تعالى -.
أيها الفاضل الكريم: خفف على - نفسك بارك الله فيك -، فكّر، من الواضح أنك ثاقب الفكر، لكن لا تشغل نفسك، حاول أن تدير وقتك بصورة صحيحة، وحاول أن تعبر عن ذاتك دائمًا، لأن التفريغ النفسي مطلوب.
هذه الطاقات الممتازة التي حباك الله بها اجعلها موجهة نحو العلم والإدراك والمعرفة ومساعدة الآخرين، وهنالك أمور في حياتنا تفيدنا كثيرًا: ممارسة الرياضة مهمة جدًّا ليعيش الإنسان حياة صحية ويتخلص من شوائبه النفسية، بر الوالدين، الانخراط في العمل الخيري، الحرص على صلاة الجماعة. أنا أعرف أنك - إن شاء الله تعالى – حريص على كل ما ذكرته، لكن أقوله من قبيل التذكرة وأعرفُ فائدته العلمية القيمة جدًّا.
أيها الفاضل الكريم: التجاهل، التجاهل، التجاهل هو أفضل علاج للقلق والتوتر والمخاوف، فعل الضد مطلوب، ويجب ألا تكون صارمًا في مراقبة نفسك وجدانيًا.
أنا لا أعتقد أن صوتك مخنوق، لا أعتقد أن القليل من يفهمك، لا أعتقد ذلك أبدًا، مشاعرك الداخلية السلبية وحدة القلق والتوتر والرهبة تجعلك تعتقد ذلك.
إذن – أيها الفاضل الكريم – تصحيح المفاهيم ضروري وهام جدًّا، وأنا قناعاتي قوية جدًّا بالعلاج الدوائي كمكوّن مهم، ولا أقول أنه الوحيد، فما ذكرته لك مهم أيضًا، لكن حبذا لو تناولت دواء واحدا يكون مضادًا للقلق والتوتر والوساوس والرهبة والمخاوف، ومحسنا للمزاج.
إن قابلت الطبيب النفسي قطعًا سيختار لك ما هو جيد وممتاز، وإن تركت الأمر لي فأنا أرى أن عقار (زيروكسات) سيكون جيدًا بالنسبة لك، واسمه العلمي هو (باروكستين) وأنت تحتاج أن تتناوله بجرعة صغيرة، هي أن تبدأ بعشرة مليجرام ليلاً، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة كاملة – أي عشرين مليجرامًا – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، وهي جرعة صغيرة بالطبع.
أرجو أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أيها الفاضل الكريم: أنا أحتم وأقول إنك غير مريض، فأنت لست بمريض، كل الذي ذكرته هي ظواهر، وفي معظمها ظواهر إيجابية، وعلاجها يأتي من خلال الرزمة التي تحدثنا عنها وهي: تفهم الحالة، وتصحيح المفاهيم، وأن تكون إيجابيًا، وأن تعيش حياة طيبة وصحية، والجانب الاجتماعي مهم قطعًا ولا شك في ذلك، والجانب الإسلامي أيضًا هو جزء أصيل في الرزمة العلاجية، التحصيل والعلم مهم جدًّا، وكذلك العلاج الدوائي البسيط.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على رسالتك التي أسعدتني.
بارك الله فيك.