كيف أتخلص من الخوف والخجل وعدم القدرة على التركيز؟
2013-04-11 04:32:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب أبلغ من العمر 21 سنة، بدأت مشكلتي مع الخجل، فمنذ الرابعة عشرة من عمري بدأت ألاحظ أنني غير قادر على التكلم أمام الناس، وخاصة مع الفتيات، وعندما يقول لي الاستاذ اقرأ أشعر بدقات القلب قوية، وأصاب برجفة، ووجهي يحمر بشدة، وأتعرق.
دائماً أنا على هذه الحالة حتى السن التاسعة عشرة من عمري، عندما أخذت مادة منشطة من عند أحد أصدقائي على شكل مخدر أكلتها، وبعدها ببضع ساعات بدأت بالشعور بالاختناق، وجفاف في الفم، وبدأت بالصراخ بأنني سوف أفقد عقلي أو سأموت!
نقلوني بعدها أهلي إلى المستشفى، وعملوا لي الأكسجينأ وبضع ساعات عدت إلى حالتي الطبيعية، وعدت إلى المنزل، وبعد مرور يومين بدأت أشعر بضيق التنفس، والشعور بالجنون والموت!
كنت في ذلك الوقت مقبلاً على الامتحانات، ولم أنجح، فبدأت بالبكاء، وأصابني اكتئاب، وبعدها ذهبت إلى طبيب نفسي، وقال لي إن لدي أعصاباً.
تابعت معه العلاج، وأعطاني دواء ديباكين وليزانكسيا وسيرمونتيل، وتحسنت قليلاً، ولكن أظن أنني مصاب بالرهاب الاجتماعي، وأنني عندما أدخل للقسم دائماً متوتر وصامت، ومرتبك وأتعرق، وضعفت لدي القدرة على التزام الهدوء، فلدي حركات غير إرادية، على مستوى الرأس وغثيان، وأشعر أنني سوف أصاب بالجنون، وأن الناس يراقبونني ويضحكون علي، وعندما أمسك الهاتف أمام مجموعة من الأشخاص أرتجف، ويدي تتعرق، وأشعر في بعض الأحيان بالتلعثم عند الكلام، والرعشة، وعندما أكون مع أهلي في السيارة أفكر كثيراً، ويأتيني شعور بأنني سوف أفقد السمع.
كما أن لدي ضيقا في الصدر وعدم القدرة على التركيز في الشارع أمام السيارات والازدحامات بأنني سوف أسقط أو سيغمى علي! وفي الأيام الأخيرة أشعر أنني غير قادر على أن أواجه الذي أتحدث معه، وأشعر أيضاً برجفة في الشفتين، وفي الوجه.
بدأت مشكلتي مع الوساوس أني أفكر دائماً عندما يموت أحد أقاربي أقول مع نفسي إنني سوف أموت حتى أني بذلك أصبحت منطوياً، ومعزولاً.
أصبحت أكره وأحسد الأشخاص الذين يعيشون سعداء بدون مشاكل، وبدأت أمارس يومياً العادة السرية، ولا أخرج من البيت خوفاً من الأعراض التي ستظهر، وعندما أشاهد مشاجرة أشعر بدقات قلب قوية، وعندما يأتي عندي أحد أصدقائي قبل أن أراه أشعر بأن قلبي سيتوقف بسبب الخوف.
بدأت أغيب عن المدرسة حتى لا يكتشف أمري، ولا أذهب حتى للدكان خوفاً من التلعثم والسخرية، ولا أعتمد على نفسي، والمشي غير متوازن.
أصبحت لا أخرج إلا مع أسرتي فقط، ورفضت أي علاقة بسبب هذا المرض، وطلبت من والدي الرجوع إلى الطبيب فرفض وقال لي: عالج نفسك بنفسك! لا يعرف أنني مصاب بالخوف، ولكن يشك بأنني ما زلت مصاباً بالأعصاب.
بهذه المشكلة بدأت أكره نفسي، ودائماً غاضب وعصبي بسبب شخصيتي الضعيفة، وقلقي من المستقبل، وخائف أن أبقى طول حياتي على هذا المرض .
أود معرفة إمكانية تخلصي نهائياً من هذا المرض النفسي.
وجزاكم الله عنا خيراً كثيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
في استشارتك السابقة أوضحت أنك تعاني من الخوف وعدم القدرة على المواجهة والخجل والتوتر، وفي هذه الرسالة أوضحت تقريبًا، والطبيب قام بإعطائك أدوية، أرى أنها معظمها أدوية مثبتة للمزاج، فعقار (دباكين) و(وليزانكسيا) و(سيرمونتيل) هي بالفعل أدوية محسنة ومثبتة للمزاج، وهذه الأدوية تساعد أيضًا في علاج التوترات والقلق والمخاوف.
أنت الآن مطالب بأن تعيش حياة مستقيمة أولاً، الحياة الطيبة المستقيمة تُشعرك بعزة نفسك وتشعرك بنقائها، وهذا يزيل الرهبة، لابد أن تكون حياتك متوازنة، صحبتك من الصالحين، يجب أن تتوقف عن العادة السيئة، يجب أن تسعى في بر والديك، أن تنظم وقتك، أن تنظم غذاءك، أن تطور نفسك اجتماعيًا ومهنيًا، هذه هي الحياة الطيبة، الحياة المتوازنة، وهذا مستحيل أن يصل إليه الإنسان أبدًا – أيها الفاضل الكريم –.
اترك هذه الأعراض جانبًا، وابدأ مع نفسك بدايات إيجابية، تغيير نمط الحياة، وأن يدير الإنسان وقته بصورة صحيحة، وألا ينقاد لمشاعره السلبية، إنما يصر على الفعل والإنتاج والأداء مهما كانت المشاعر، ومن خلال ذلك – أي من خلال الأداء والفعل والعمل – سوف تتغير المشاعر إلى مشاعر إيجابية، فأرجو أن تقود نفسك بأفعالك وأعمالك وليس بمشاعرك، هذا هو الذي يتطلبه الأمر منك.
بالنسبة للمخاوف: تعالج من خلال التحقير، وكما قال والدك عالج نفسك بنفسك، لكن هذا لا يعني أنك لست محتاجًا للدواء، أنت محتاج للدواء، لكن إذا وضعت برامج يومية تخرج فيها من البيت، ابدأ بالصلوات الخمس في المسجد، زر أرحامك، زر أصدقاءك، قطعًا ذهابك للمرفق الدراسي يتطلب أن تخرج من البيت، كن اجتماعيًا مع بعض الأصدقاء والزملاء داخل المؤسسة التعليمية، والذي يمكن أن تجعل منهم نموذجًا وقدوة طيبة حسنة، ناقش أساتذتك، حاول أن تكتسب المعرفة منهم، هناك أشياء كثيرة جدًّا يمكن للإنسان أن يمارسها، وذلك حتى يخرج من قوقعة الأعراض النفسية السلبية.
الأعراض النفسية السلبية كثيرًا ما تحتاج أن تتغلب عليها من خلال ممارسات مخالفة لها، وما ذكرته لك هو نمط الحياة المطلوب، لأن تُخرج نفسك تمامًا مما أنت فيه، وأنا متأكد أنك سوف تُشفى - بإذن الله تعالى –.
أنت شاب صغير في السن، بل على بداية أعتاب سن الشباب، لك طاقات نفسية ووجدانية وجسدية كثيرة جدًّا يمكنك أن تُنجز الكثير، وذلك من خلال الاستفادة من هذه الطاقات، تفسيد من طاقاتك حتى تفيد نفسك منك، ويستفيد أهلك منك، ويستفيد مجتمعك منك، وكذلك أمتك، ضع لنفسك هدفًا، وهذا الهدف يجب أن يشمل التميز العلمي والتميز الأكاديمي، والحرص دائمًا أن تكون في معيّة الله تعالى.
هذا يُشعرك بلون جديد وطعم جديد للحياة، لكن الإنسان إذا قوقع نفسه وحاصر نفسه بنفسه مع قلقه وتوتراته ومخاوفه لا شك أن ذلك أمر محبط جدًّا.
لا مانع من أن تتناول دواءً مزيلاً للقلق والتوتر، وعقار ديروكسات متوفر في المغرب، وهو دواء ممتاز جدًّا، يمكنك أن تتناوله بجرعة نصف حبة يوميًا – أي عشرة مليجرام – لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أضف إلى الديروكسات – والذي وصفناه لك بجرعة صغيرة جدًّا ومن وجهة نظري كافية – أضف إليه عقار يعرف باسم (سوليان) واسمه العلمي (إيمسلبرايد) والجرعة المطلوبة هي حبة واحدة – وقوة الحبة خمسون مليجرامًا – تناولها صباحًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.
هذه أدوية بسيطة وخفيفة، وإن شاء الله تعالى تحسن مزاجك وتزيل عنك الخوف والتوتر، مما يُمهد لك الطريق لتطبيق الآليات والطرق السلوكية التي تحدثنا عنها، والتي أراها جوهر علاج حالتك هذه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.