كيف أنهي الناس عن الغيبة في مجلس عام؟
2013-07-04 06:30:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
ما الحكم إذا جلست في مجلس تذكر فيه بعض الغيبة ولم أقل شيئاً؟ وأظن أنهم يعرفون حكم ذلك، وأحياناً أكون صامتة واثنتان تتحدثان بالغيبة، فأستحي وأخجل أن أقاطعهما، وإذا كان في المجلس أشخاص أخجل أن آمرهم بالتوقف عن الغيبة، وإذا كان في المجلس من أستطيع التحدث معهم ولا أخجل، فإني أخبرهم هذا حرام لكن لا يبالون بكلامي، ولا أريد سماع الغيبة وأعرف حكمها، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ امل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكر لك هذا السؤال وهذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على البعد عن الغيبة فإنها من كبائر الذنوب، وهي بكل أسف فاكهة المجالس، هذه الكبيرة التي تجعل أهلها فقراء بين يدي الله تبارك وتعالى، لأن المغتاب يعطي الناس من حسناته –والعياذ بالله–، فإذا أصبح مُفلسًا من الحسنات أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار.
والغيبة هي ذِكْركَ أخاك بما يكره وهو غائب، قال الصحابة: يا نبي الله، أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتّه)، والغيبة لا تكون بالكلام فقط، وإنما أيضًا بالإشارة أو بالتعريض من الكلام، فكل ما يُفهم منه انتقاص الإنسان في بدنه أو هيئته أو خلقه أو خُلقه، أو دابته أو أسرته أو قبيلته، كل ذلك يُعد من الغيبة المحرمة -والعياذ بالله-.
والإنسان ينبغي أن يجتهد في تغيير هذا المنكر، وذلك بالطريقة الآتية:
أولاً: أن يذكر محاسن من يُسيء إليه، إذا قالوا (كذاب) قلنا: (ما علمت عليه إلا كل خير)، إذا لم يستطع الإنسان أن يقول هذا يُغيّر مجرى الحديث، يقول: (دعونا نتحدث عن موضوع آخر) أو (دعونا نشتغل بعيوبنا)، فإن لم يستطع هذا عليه أن ينصرف، فإن لم يستطع هذا لكون المُغتاب أباً أو أماً أو معلماً في قاعة يصعب عليه الخروج، فعند ذلك ينبغي أن يغير هذا المنكر بقلبه، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام– يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، والتغيير بالقلب لا يعتبر عملاً سلبيًا لكن كراهية ونفوراً، ويُشهد الله تبارك وتعالى أنه يكره هذا المنكر، إلى غير ذلك من المعاني الهامة جدًّا التي لابد أن نستحضرها، ونُشهد الله تبارك وتعالى بقلوبنا على كراهية هذه المعصية.
كما أرجو أن تعودي نفسك دائمًا النصح على الأقل لنفسك، بأن تقولي كلامًا يُرضي الله تبارك وتعالى، أو تغيري بأي أسلوب من الأساليب التي ذكرناها، وحقيقة نحن نذكر الجميع ونحن على أبواب هذا الشهر الفضيل، من أنه رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش لأنه اغتاب، لأنه امتنع عن الطعام والشراب وهو حلال، ووقع في أعراض الناس -عياذًا بالله تبارك وتعالى-.
إذن الإنسان ينبغي أن يحتال، والسلف كانت لهم نماذج في هذا، فإن إبراهيم بن أدهم حضر عنده أضياف، قدم لهم قرصًا من الشعير، فلما بدأوا في كل الطعام بدأوا يغتابون إنسانًا، فقال لهم في لطف: (لقد كان لدينا قبلكم أناس يأكلون من الطعام قبل اللحم، أما أنتم فقد بدأتم باللحم قبل الطعام) فانتبهوا، لأنه لا يوجد طعم للطعام دون لحم على المائدة، وأدركوا أن إبراهيم بن أدهم يريد قول الله تعالى: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه}.
إذن الإنسان ينبغي أن ينجو بنفسه، ويحاول أن يستخدم واحدة من الأساليب التي أشرنا إليها في تغيير هذه المعصية، وأظن أنه من السهل على الإنسان أن يغيّر مجرى الحديث، وأن يذكر حسنات من يُسيئون إليه، يقول: (والله ما علمت على فاطمة إلا خيرًا، ما علمت على فلان إلا صدقًا وخيرًا) يعني هم يتكلمون في عيبها، وأنت تتكلمين في الجانب المشرق، ثم ننبه أنفسنا ونقول: (علينا أن نشتغل بعيوب أنفسنا، فكلنا بشر، وكلنا تلك المخطئ، والتي ليس عندها خطأ عليها أن تتقدم لترجم المخطئة، ومن كان بيتها من زجاج فلا تقذف بيوت الناس بالحجارة)، فعند ذلك سيُحجم الجميع، لأننا كلنا ذلك الناقص، كلنا ذلك المخطئ، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون كما جاء عن رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه-.
ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يجعلك ممن يُذكر بالله كل غافلة وغافل، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.