كيف أنزع التعلق من قلبي بما ليس لي فيه نصيب؟
2013-07-22 02:38:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو رزقني الله بشيء، ثم أخذه مني لحكمة ﻻ أعلمها، ورضيت بقضاء الله واستعوضته، ولعلمي أن الله ﻻ يأخذ منا إلا ما كان غير مناسب لنا، هل يمكن أن أدعو الله أن يصلح هذا الشيء، ويرجعه مرة ثانية؟ أم الدعاء هنا اعتراض على إرادة الله، وما ذهب لن يعود؟ ولو دعوت الله بذلك، لكن الله لم يجعل لي نصيباً فيما دعوت، كيف أعرف لأتوقف عن هذا الدعاء؟ وكيف أجعل قلبي غير متعلق بما ليس له فيه نصيب؟ فهذا الشيء أخذه الله من عدة أشهر، ولا زلت أدعو الله أن يصلحه ويأتي به إليّ، وأقول: يا رب إني لم أذنب فيه، وأرضيتك فيه فأرضني فيه، وإن لم يكن لي فيه نصيب، اجعلني يا رب ﻻ أريد هذا الشيء. وما زلت أريده، وبصراحة تعبت من انتظار شيء مجهول، ﻻ أعلم سيأتي أم لا، وغير قادرة على منع نفسي عن التفكير في هذا الشيء، وهل أي دعاء ﻻ يضيع وسيكون في أحد الأوجه الثلاثة لاستجابة الدعاء؟
سؤال آخر: عندما أعصي الله، أحس أن قلبي أصبح بعيداً عن الله وقاسيا، وأستحي أن أدعو بالمغفرة لتكراري الذنب الذي استغفرت منه، وأثناء ارتكابي للذنب أستشعر غضب الله عليّ، وبعد يوم أندم جداً، وأستغفر وأدعو الله ألا يجعلني أقع فيه مرة أخرى، لكن أقع فيه، كيف السبيل للتخلص منه؟ فهذا الذنب تكرر عده مرات، وفشلت أن أبعد عني أسباب الوقوع فيه.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.
لقد أحسنت -ابنتنا العزيزة- حين أدركت أن الله سبحانه وتعالى لا يقدر لنا إلا ما فيه الخير لنا، وإن كانت النفوس تكره ذلك المقدور لعدم مُلائمته لها، والله سبحانه وتعالى يذكرنا بهذه الحقيقة في كتابه الكريم، فيقول جل شأنه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}. والرضا بقضاء الله تعالى، واليقين بأنه سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، وأعلم بمصالحنا، اليقين بذلك، والرضا بقضائه سبحانه جنّة الدنيا العاجلة، إذا فتحت للإنسان عاش سعيدًا راضيًا بما يقضيه الله ويقدره له.
ولا حرج على الإنسان في أن يدعو الله تعالى في أن يقدر له أمرًا معينًا إن كان فيه خيرا له، وهذا ما علمنا إياه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- كما في دعاء الاستخارة: (إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي فيسّره لي)، فسؤال الله تعالى أمرًا معينًا إن كان فيه خير، لا يتعارض مع الرضا بقضاء الله تعالى وتقديره.
وبهذا تعلمين أن دعاءك أن يُصلح الله تعالى أمرًا ما، وأن يعيده إليك، لا ينافي الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، لكن لو أنك علقت قلبك بالله وباختياره لك، وسألته سبحانه وتعالى الخير، وهذا الأمر إن كان فيه خيرا، ثم فوضت أمورك إلى الله، فإن كان فيه خيرا رده إليك، وإلا صرفه عنك، لو فعلت هذا لكان هذا أحسن وأدعى إلى صبرك، وأدعى إلى أن تُرزقي الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، فأكثري من دعاء الله وسؤاله، وتحري الأوقات التي يعظم فيها رجاء الإجابة، كالدعاء حال السجود، وبين الأذان والإقامة، ووقت الصيام، وعند الإفطار في الصوم، في الثلث الأخير من الليل، ونحو ذلك من الأحوال والأوقات الشريفة.
وتيقني الإجابة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لنا: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)، ولكنّ هذه الإجابة لا تعني بالضرورة أن يُعطيك الله عز وجل الأمر الذي سألتِ، بل قد يكون الخير في أن يدخر الله لك ثواب هذه الدعوات ليوم القيامة، وذلك أعظم وأنفع، وقد يصرف الله عز وجل عنك من السوء، والمكروه الذي لا تُدركينه ولا تعرفينه بقدر ما دعوتِ، وقد يرزقك الله تعالى الشيء المعين الذي سألت، وفي كل ذلك خير، فلن تعدمي خيرًا من وراء هذه العبادة الجليلة، وهي عبادة الدعاء، فأكثري منها، وألحي على الله سبحانه وتعالى.
وأما الذنب إذا وقعت فيه: فتداركي نفسك بالتوبة، وسارعي إليها، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ومما يعينك على المسارعة إلى التوبة: يقينك وعلمك بأن هذه الذنوب لها آثار عليك في دنياك وآخرتك، فإنها سبب للحرمان من كل خير، كما أنها سبب لعقاب الله تعالى والوقوع في سخطه، فتذكرك لهذه الحقائق يعينك على اجتناب الذنوب أولاً، ثم يعينك على التوبة منها إذا وقعت فيها، ولو قُدر أنك تبت من الذنب ثم وقعت فيه ثانية، فالواجب عليك هو التوبة أيضًا، والله عز وجل سيقبل منك التوبة ثانيةً، وثالثة، ورابعة، وهكذا، ما دمت تتوبين توبة صادقة تعزمين فيها ألا ترجعي إلى الذنب، وفضل الله تعالى واسع، ورحمته وسعت كل شيء.
فاحذري أن يقنطك الشيطان من رحمة الله، وأن ييئسك من عفوه ورحمته، واجتهدي في سؤال الله تعالى أن يعينك على الثبات على الحق والخير، وابحثي عن النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وأكثري من مجالستهنَّ، فإنهنَّ خير من يعينك على الثبات على التوبة.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الهدى والحق.