خطيبتي تشعر أن الزواج قيد لها وتتخوف من المسؤولية.. فكيف أعالج ذلك؟
2013-09-07 23:47:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة, تقدمت للزواج من فتاة عمرها 17 سنة, وتمت الموافقة من قبل أهلها, وتم إقناع البنت بالزواج بعد نوع من الرفض لفكرة الزواج في هذا السن من قبل الفتاة.
بعد عقد القران تعرفت على البنت أكثر, حتى أعجبت بها, وتعلق قلبي بها كثيرا, وهي كذلك, فهي تحبني بشدة, ولكن هناك شيء يزعجني ويزعجها، فهي تشعر بالندم أحيانا على الموافقة على الزواج, فهي تشعر أنها لا زالت تحتاج لشيء من الحرية, وعدم الارتباط, فهي ذات طبيعة مرحة, وتحب اللعب كثيرا والاجتماع مع صديقاتها, وتظن أن الزواج سيحرمها من ذلك, ويدخلها في دوامة المسؤوليات والواجبات.
ومع هذا الندم تدخل في نوبات بكاء وخوف, وقد صرحت لي بهذا فتضايقت كثيرا، وللعلم فإن الدخلة لن تكون قبل أقل من سنة من الآن لظروف سفري للدراسة خارج المملكة, وظروف إكمالها للمرحلة الثانوية.
سؤالي هو: كيف أقنعها بأنها لم تخطئ في هذه الخطوة؟ وكيف أحافظ عليها وأنا بعيد عنها؟ فأنا خائف من أن يكون سفري وبعدي عنها سببا في موت الحب, وبالتالي تطلب فسخ عقد النكاح.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يوفقك في دراستك، وأن يمُنَّ عليك بالتوفيق والسداد، وأن يحفظك في هذه البلاد مما لا يُرضيه سبحانه وتعالى، وأن يجعلك علامة مُشرقة مشرفة لدينك الذي أكرمك الله تبارك وتعالى به، وأن يجعلك سببًا في هداية من تتعامل معه من غير المسلمين، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمُنَّ عليك بإتمام زواجك على خير، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فمما لا شك فيه أن فارق السن خاصة في هذه المرحلة ليس بالأمر الهين، وإن كانت التسع سنوات التي بينكما ليست كبيرة بالمعنى، إلا أن البنت بما أنها لا زالت في مرحلة أشبه ما تكون بمرحلة المراهقة فهي تتوقع فعلاً -كما ذكرت– أن الحياة الزوجية تمثل نوعًا من القيود على حريتها، لأنها تنظر إلى المجتمع من حولها، فترى أن المتزوجة تخضع لقدر من القيود التي قد يكون مبالغًا فيها، بل قد لا تتفق (حقيقة) مع سماحة الإسلام وهدوئه ويسره.
لذلك الأمر لا يحتاج إلى كبير كلام، وإنما فقط يحتاج منك إلى نوع من الهدوء والاطمئنان العادي من أن حياتنا لن تكون كحياة غيرنا، نريد زواجًا بعيدًا عن هذه التقليديات، ولا ينبغي أن نقارن ما بين سنكون عليه -إن شاء الله تعالى– وما يكون عليه الناس من حولنا، وأنا أحرص كل الحرص على أن أيسر لك كل سبل السعادة والأمن والأمان والاستقرار والسعادة الحقيقية في الالتزام بمنهج الله تعالى وفي شرع الله.
ثانيًا: أنا سوف أسافر وأدع لك فرصة لتتواصلي مع صديقاتك وأخواتك، ما دام الأمر في حدود الشرع والأدب، فأنا لم ولن أمنعك من التواصل مع صديقاتك أبدًا.
ثالثًا: نحن سنتواصل بطريقة شبه يوميًا عبر النت، نتكلم مع بعض ساعات طُوال، وسوف تشعرين بذلك وتجربي -بإذن الله تعالى-.
فإذن أنا أقول: أعتبرُ هذه كافية جدًّا، خاصة إذا حاولت أنت من خلال تواصلك معها عبر النت وكلامك معها باعتبار أنها زوجتك لأنك عقدت عليها الآن العقد الشرعي الذي يُبيح لك أن تتكلم معها في أي شيء، أعتقد مع فتح الموضوعات ومناقشتها واستعمال أسلوب الحوار الهادئ والتحاور، وعدم الاستبداد بالرأي، وأن تجعل كل مسألة قابلة للنقاش، حتى وإن كانت شرعية، لأننا لا نريد أن تُكره (حقيقة) على فهم معاني الإسلام في الحياة الزوجية، وإنما نريدها أن تفهم أن الإسلام في صالحها، وأن الإسلام يراعي عواطفها ومشاعرها.
لذلك حتى وإن كان الذي تُنكره أو لا تريده أمرًا شرعيًا، حاول أن تتعامل معها بأسلوب المنطق والعقل، لأن الإسلام في حد ذاته كله يتفق مع العقل ولا يتعارض معه، ولكن أحيانًا نحن قد نعرض المسألة بصورة غير دقيقة، فيؤدي ذلك إلى نفور الطرف الثاني من فهم الإسلام وقيمه، وإلا فالإسلام هو منبع السعادة ومنبع الحنان، وهو منبع الرومانسية ومنبع الهدوء، ولذلك أعتقد أنك ما سمعت أن رجلاً يمُصُّ لسان زوجته من هذا المجتمع الذي تعيش فيه كله، لو سألت أحد أقاربك (أباك أو عمك أو خالك) أو سألت كل أهل بلدك ما وجدت واحد يصنع ذلك، في حين أن النبي -صلى الله عليه وسلم– كان يفعله.
فإذًا أيُّ رومانسية توجد في غير الإسلام؟ نحن فقط نستعمل عبارات وألفاظ على أنها أشياء غريبة وأن الإسلام بعيد عنها، ولكن في الواقع حثَّ عليها الإسلام حثًّا عظيمًا.
سباق النبي -عليه الصلاة والسلام– لزوجه عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، كيف يكون ذلك؟ بماذا تعبر عن هذا المنظر الرائع البديع العظيم الخلاق.
كون النبي -عليه الصلاة والسلام– يأذن لزوجته عائشة أن تنظر إلى الأحباش وهم يلعبون في المسجد وقد وضعت خدها على خده، وتنظر مثلاً من ورائه إلى هؤلاء الذين يلعبون, هل هناك نوع من السماحة أعظم من ذلك؟!
إذًا نحن نفهم فهمًا مغلوطًا عن قيم الإسلام ومبادئه، وعندما نتكلم عن الغرب نذكر العبارات التي يسيل لها اللعاب في حين أنها ليست حقيقية، وأن العاطفة الحقيقية والرقة والحنان الحقيقي إنما هو في شرع الله سبحانه وتعالى.
فإذًا أقول لك أخِي الحبيب: قل لها: أنا سوف أعطيك فرصة لمدة عام كامل -إن شاء الله تعالى– تحاولي أن تتواصلي مع صديقاتك، ما دمت في حدود الشرع والأدب، ليس هناك أي مشكلة، وأنت براحتك مع مراعاة الضوابط الشرعية.
ثانيًا: نحن سوف نتكلم معًا -بإذن الله تعالى– ونحاول أن نتقرب من بعض أكثر حتى تخرجي أنت من هذه الرهبة التي لا أساس لها من الصحة، لأني سأظل عامًا كاملاً بعيدًا عنك، وأكون لك بمنزلة الأخ والصديق والعشيق والزوج والصاحب وكل شيء، وأنت سوف تلحظين ذلك، ودعينا نجرب، دعينا نجرب هذا العام، وسوف تحكمين أنت بنفسك بعد ذلك.
أعتقد أن هذا الاطمئنان كاف جدًّا، مع الدعاء أن الله تبارك وتعالى يشرح صدرها لهذا الأمر، ويوفقها، وأن يمنَّ عليها أيضًا بصحبة طيبة تعينها (حقيقة) على الثبات على ما هي عليه بينك وبينها من العقد، وأيضًا تنصح والدتها وأهلها أيضًا بأن يُذكروها بأن الحياة الزوجية جميلة وأنها رائعة وأنها أعظم من هذه الصداقات، وأن هذه الصداقات كلها مصيرها إلى الزوال، لأن كل فتاة من صديقاتها سوف تتزوج، وتُشغل بزوجها وأولادها في المستقبل، وأنها يجب عليها أن تحمد الله تعالى أن الله أكرمها بزوج وهي ما زالت صغيرة، فهناك من تجاوزن الثلاثين من العمر ولم يتقدم لهنَّ أحد.
هذا الكلام وأمثاله -إن شاء الله تعالى– سوف يحل المشكلة، مع الدعاء كما ذكرتُ لك، ومع حسن العبارات، ومع إشاعة مبدأ الحوار والشورى بينك وبينها من خلال لقاءاتكم عبر الوسائل المتاحة.
وأسأل الله عز وجل أن يشرح صدرها لاستمرار هذه النعمة العظيمة التي أكرمها الله بها، وأن تكون لك نعم الزوجة، وأن تكون لها أيضًا نعم الزوج.
هذا وبالله التوفيق.