تكاثرت الخصومة بين أبي وأمي حتى وصلت للتفكير بالطلاق، ما نصيحتكم؟
2013-09-08 01:46:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تكثر المشاكل بين أبي وأمي، فكلاهما يشتكي من الآخر لنا، وإذا تحاورا يتحول إلى شجار وصراخ, علماً أن أبي قد توقف عن العمل منذ مدة، ولا يريد أن يعمل بحجة أنه كبير في السن وعمره 53، وأصبحت أمي هي المنفقة علينا.
عندها بدأت المشاكل, وأصبح أبي يستلف منها نقوداً لمشاريع باءت بالفشل، وإن لم تعطه يقلبها علينا نكداً, فتعطيه أحياناً وأحياناً لا.
وصل شجارهما الأخير إلى التفكير في الطلاق، وحاولنا منعهما فنجحنا, لا أدري لماذا علاقتهما تشغلني؟! وهل هذا طبيعي؟ لدي نوع من عدم الثقة بنفسي، وكنت كتومة جداً.
بدأت تنحل عقدتي بعد أن التحقت بالجامعة، وأنا أدرّس الآن، وحاولت الاتصال بنفسيين غير أن أمي تمنعنا من ذلك، لأن جدتي مصابة بانفصام في رأيها الأطباء النفسانيون يجعلون الناس تمرض! فذهبت مع خالتي خفية، لكني انشغلت بعملي فلم أتابع.
أرجو منكم النصيحة وإعطائي العلاج لمشاكلي التي قد طرحتها متداخلة لأنني حائرة في أمري، وهذه المرة الأولى التي أكتب فيها.
أرجو منكم المساعدة، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سارة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
من وجهة نظري أنت ليست لديك مشكلة، بمعنى أنه ليس هنالك أمر مستصعب أو خارج عن نطاق ما هو معقول، وما هو مقبول، وما هو واقع، ويحدث في كثير من البيوت.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تحاولين الإصلاح بين والديك، وهذا أمر طيب، لكن الذي يظهر لي أنك حساسة جدًّا، وتستثقلين ولا تقبلين المناوشات التي بين أبيك وأمك، فتتحولون أنتم الوسطاء ما بين الوالدين، وهذا دور عظيم ودور كبير، وهذا يدل على ثقة الطرفين بكما، فالرسالة التي تحملينها أنت الآن هي رسالة محفزة، رسالة ترفع من همتك وتزيد من مهاراتك، وفي ذات الوقت - إن شاء الله تعالى – فيها برّ لوالديك.
أنا أريدك أن تفكري في هذا الأمر من الناحية الإيجابية، وهو فعلاً أمر إيجابي، ليس هنالك أمر سلبي في موقفك أنت، نعم لا نتمنى أن تحدث المخاشنات ما بين الوالدين، ولكن هذا أمر يقع، وإن شاء الله الزواج فيما بينهما والعلاقة محفوظة، لأنها وطيدة وأصيلة، فأريدك أن تنظري إلى دورك نظرة أخرى، نظرة إيجابية، دورك سليم ودورك ممتاز ودورك فاعل، فلا تقللي من شأنك، ويجب أن لا يتحول هذا الأمر إلى نكد.
الشخص الذي لا يلعب دورًا في الحياة أنا أعتقد هو الذي يجب أن يحزن، الشخص الذي لا يُطلب منه أن يقوم بأي دور، هذا هو الذي يجب أن يحزن، الشخص الذي يتهرب من الأمور وينكب على نفسه وتكون له نوع من الذواتية، لا يهتم إلا بذاته، هذا قطعًا شخص سلبي، لا، أنت إيجابية، فقط لا أريدك أن تكوني حساسة حول الأمر، وأنت لست مريضة، أنا أؤكد لك ذلك.
نعم حدث لك شيء من الضغط النفسي مما يمكن أن نسميه (عدم القدرة على التكيف من الدرجة البسيطة) فالوضع الذي أمامك غير مريح نسبيًا، لكن ليست هناك مصيبة، ليس هنالك تفكك، ليس هنالك تشرذم داخل أسرتكم الكريمة، هذا هو المفهوم الذي أريدك أن تبنيه في نفسك.
إذًا أنت صاحبة دورٍ إيجابي، دور فعّال، ولديك القوة ولديك المقدرة - إن شاء الله تعالى – على القيام بهذا الدور، نصبي نفسك في هذا الموقع الجديد.
أريدك أيضًا أن تنظري إلى أن طبيعة هذه المشاكل التي تحدث بين والديك وأن والدك قد ترك العمل بحجة أنه كبير في السن، وحقيقة هو ليس كبيرًا في السن: هذه تحدث من بعض الآباء والأمهات، وأنا أعتقد أنه في داخل نفسه يعرف ما هو متوفر عن طريق والدتكم أو غيرها يكفي إن شاء الله تعالى للمعيشة، وأنتم أيضًا ربما أصبحتم تتحملون بعض المسؤوليات.
والدك ربما يكون مصابا باكتئاب نفسي، لا ندري، بالفعل رجل في هذا العمر يقول إنني كبير السن وإنني لا أستطيع أن أعمل وكذا وكذا، هذا يجب أن يُساعد، لا بد أن ترفعوا من معنوياته، لا بد أن تؤازروه، وإذا لاحظتم عليه أي علامة من علامات الاكتئاب حيث أن عدم فعالية الإنسان وابتعاده عن العمل دون سبب مبرر هي في حد ذاتها نوع من الاكتئاب النفسي كما نشاهد ونلاحظ، فأرجو أن تكوني أكثر مساندة لوالدك، وإن تطلب الأمر أن تذهبوا به إلى طبيب فهذا لا بأس به.
أما بالنسبة لوالدتك فأسدي لها النصيحة، قولي لها: (إنك تقومين بدور رائع، لا تتضايقي من الوالد، اجعلي الأمور وسطا، إذا طلب شيئًا في حدود المعقول فلا بأس في ذلك، أما دخوله في المشاريع الفاشلة فهذه يجب أن تُدرس أولاً بشيء من التناصح والتشاور، وأعتقد أنه لن يرفض هذا المبدأ أبدًا).
نصيحتي الأخيرة لك هي: التفتي لنفسك، فلنفسك عليك حقّ، وزعي وقتك بصورة جيدة، ومما فهمتُ من رسالتك أنك مشغولة في عملك، وهذا أمر طيب، لا تحملي هموم البيت إلى العمل، ولا هموم العمل للبيت، ومن حقك أن تستمتعي بحياتك، وكوني صداقات طيبة مع الصالحات من النساء، وأكثري من الدعاء والذكر، واجعلي الصلاة دائمًا على رأس أسبقياتك وفي وقتها، وخذي دورك هذا الذي أنيط لك فيما يخص الإصلاح بين والديك كباب من أبواب البر بإذن الله تعالى.
أنا لا أراك أبدًا في حاجة لأي علاج نفسي، الأمر كله يتعلق بتصحيح المفاهيم على الأسس التي ذكرتها لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.