زوجي يمنعني من الإنجاب.. كيف أقنعه بذلك؟
2013-10-17 08:54:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة من شخص من خارج بلدي، وهو متزوج وعنده 5 أولاد وأكبرهم بعمري، وزوجي يكبرني بـ 25 سنة، وتزوجنا منذ سنة ونصف، وأعيش معه في بلده، ولدي مشكلة معه أنه لا يسمح لي بأن أنجب طفلا منه، فلقد حملت مرتين وأجهض لي غصبا عني، وبعدها أخذ يتبع كل الوسائل لعدم حدوث حمل، وأثناء الجماع لا يقوم بدوره الكامل معي منعا لحدوث الحمل، ولم أترك أي طريقة إلا واتبعتها معه.
أنا أقوم على طاعته على أكمل وجه وأحبه، ولا أرفض له أي طلب، ولكن الوحدة والغربة قتلتني ودمرتني، فأنا لا أعيش حياة طبيعية مثل باقي البشر، فأنا غريبة في هذا البلد، وليس لدي أصدقاء، ولا أقارب ولا أي أحد سوى زوجي، وهو دائما غائب عني، ويغيب 15 يوما، ثم يأتي إلى 5 أيام ويذهب، حتى أنه خلال هذه السنة ونصف لم يخرج معي إلى أي مكان خوفا أن يراني أحد معه، وإذا احتجت لطبيبة يبعث صديقه معي، وأنا جليسة البيت لا أرى أحدا، ولا أحد يراني، ماذا أفعل لأقنعه؟
أريد أن أعيش حياة طبيعية مثل باقي الفتيات، وكلما طلبت منه طفلا يقول ليس وقتها الآن ويؤجل، وطلبت منه الطلاق، أيضا يرفض أن يطلقني ماذا عساي أفعل؟ دلوني على حل، لأنني يئست من حياتي، ووصلت للانتحار؛ لأنه لم يعد عندي حل غيره، فقد أصبحت أحس أني لست بزوجة، بل صديقة، أو عشيقة يأتي إليها وقت المتعة، وبدأت أكره نفسي وجسمي، سألتكم بالله أن تنصفوني، هل هذه حياة طبيعية؟
أعرف أنكم ستقولون هل اتفقت معه على عدم الإنجاب قبل الزواج؟ طبعا لا لم يحدث ذلك، وزواجي ليس بالسر عندما كان في بلدي، ولكن عندما جئت بلده تفاجأت بأنه لا يدري بزواجنا سوى صديقه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربك، ويؤنس وحشتك، ويرزقك الذرية الطيبة، ويُديم بينك وبين زوجك الألفة والمودة.
نحن نتفهم – أيتهَا البنت العزيزة – حالة الضيق التي تعيشينها، وهذا من أقدار الله تعالى التي قدرها عليك لما يعلم سبحانه وتعالى من الخير لك فيما يقضيه ويقدره لك، فإن المكاره التي تنزل بنا في هذه الدنيا إنما يُجريها الله عز وجل علينا لما يترتب عليها من المنافع، فكم من محنة تنطوي على منحة، وكم من بلاء ومصيبة ينطوي على عطاء ونعمة.
فينبغي أن تُدركي تمام الإدراك أن الله عز وجل أرحم بك من نفسك ومن أبيك وأمك، ومن ثم فإنه لا يقضي لك إلا ما فيه خيرك، وإن كان هذا لا يظهر لك، وقد قال الله جل شأنه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فخير ما تواسين به نفسك وتطردين عن نفسك القلق والهم والضيق أن تتذكري أن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره، كما قال سبحانه وتعالى في سورة الحديد: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} فالله يُبيّن لنا في هذه الآية أن قضاءه وقدره حتى لا ييأس الإنسان ويحزن إذا فاته شيء، ولا يفرح ويتبختر إذا رزق بشيء، فكله من الله تعالى، والله تعالى لطيف بعباده، رحيم بهم.. هذا أولاً.
ثم ثانيًا: ينبغي أن تُدركي - أيتهَا الأخت – أن بعض الشر أهون من بعض، وربما كان بقاؤك مع زوجك وإن تمنّع عن الإنجاب فترة من الزمن ربما كان هذا خيرًا لك من الفراق، وإن كان من حقك الإنجاب شرعًا، ولو لم تشترطي عليه ذلك، فإن هذا لا يحتاج إلى شرط، وهو من حقوق المرأة كما هو من حقوق الرجل، وليس له أن يمنع زوجته من الإنجاب، ومن حقها أن تطلب الطلاق في هذه الحالة، ولكن كون ذلك يجوز لك شيء وكون ذلك هو المصلحة شيء آخر، فالموازنة بين المصالح والمفاسد أمر مهم في غاية الأهمية أيتهَا البنت الكريمة.
ونحن لا ندري جميع الظروف المحيطة بك حتى نستطيع أن نوجهك وننصحك بأن تطلبي الطلاق أو تبقي مع الزوج، ولكن حسبنا هنا أن نلفت انتباهك إلى أن الشارع الحكيم، وأن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم دعا المرأة إلى الإصلاح والتنازل عن بعض حقوقها في مقابل أن تبقى مع زوجها، وأن هذا هو الخير، فقال سبحانه وتعالى: {وإنِ امرأةٌ خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صلحًا والصلح خير} فالصلح خير من الفراق.
ولكن مع هذا ننصحك بأن تتدارسي الأمر مع العقلاء من أهلك وقرابتك، وتشرحي لهم الحال كما هو، فإنهم بعقلهم وتجاربهم سيرشدونك إلى ما هو الأنفع لك.
أما ما تفكرين به - أيتها البنت الكريمة – من الانتحار فإنه أسوأ سبيل يمكن أن ترتكبيه، فإن الانتحار لا ينقل الإنسان من عناء إلى راحة، بل ينقله من عناء يسير إلى عناء كبير دائم، بل لا مقارنة أبدًا بين عناء الدنيا مهما اشتد وبين العذاب في نار جهنم -والعياذ بالله-، وقاتل نفسه يُعذَّب في نار جهنم كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح، فقال: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في النار خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) إلى آخر الحديث، فذكر قاتل نفسه وإن اختلفت الآلة، فإنه يتعذب بتلك الآلة في نار جهنم، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا).
فاحذري من أن يجرّك الشيطان إلى مثل هذا القرار الصعب، والقرار الذي لن يجرك إلا إلى الندامة لا تنقطع، وحينها لا ينفع الندم.
حاولي أن تتقربي من زوجك بقدر الاستطاعة، وأن تقنعيه بالإنجاب، وتذكري له وحشتك وحاجتك، وحاولي الاستعانة بمن له تأثير عليه.
نسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.