زوجي خرج من السجن ليجعل حياتي جحيماً بسوء أخلاقه.
2013-11-18 03:45:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة متزوجة، بعد سنة من زواجي دخل زوجي السجن لمدة ثمانية أعوام.
صبرت واحتسبت كل تلك السنين، وكنت أذهب لزيارته، ورغم المعاناة في الزيارة كنت أتحملها حتى لا يغضب، ولما خرج من السجن كان يعاتبني أن زياراتي له قليلة، ولم أكن كزوجات أصدقائه.
منذ خروجه من السجن وأنا كرهت الحياة، كنت شديدة الخوف منه، حيث يكيل لي السب والشتم، وأخلاقه سيئة جداً معي، ليس فيه صفة أو خلق يجعلني أتقبله، نسي كل تضحياتي، وصارت حياتنا شجاراً دائماً.
مرت سنة منذ خروجه من السجن، لم أعش معه لحظة سعادة، ولم أعرف الضحك، أشعر بتعاسة شديدة، كما أنني بعيدة عن أهلي، أسكن في قرية منعزلة، في بيئة فقيرة، مع رجل لا يحبني ولا أثق فيه، حالته المادية سيئة،، محرومة من أبسط الأشياء الشخصية.
أدعو ربي الفرج، وأن يفرق بيني وبينه، ولا يفرق بيني وبين أطفالي، صبرت كثيراً لكن أشعر بأنني سأنهار، لا أستطيع أن أكمل مشوار حياتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يوفقك لكل خير، كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يُصلح لك زوجك، وأن يملأ قلبه رحمة وشفقة عليك ومحبة لك، وأن يوسّع أرزاقكم، وأن ييسر أموركم، وأن يجمع بينكم دائمًا على خير، إنه جواد كريم .
بخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة– فإنه مما لا شك فيه أن نكران الجميل يؤلم النفس البشرية الأبية جدًّا؛ لأن الإنسان يتوقع بعد هذه التضحيات التي قدمها أن يجد نوعًا من الشكر على ما قدَّم أو التقدير لما قدَّم، حتى ولو على الأقل على مجرد الصبر لمدة ثمان سنوات، والرجل بين القضبان، وقد حُرمتْ منه زوجته وأولاده، والأصل فيه أنه عندما يخرج يشكر لها صنيعها ولا ينسى لها جميلها، إلا أنها عندما تفاجئ بنكران التضحية التي قدمتها وعدم الاعتراف بما قدَّمته أو بذلته –إلى غير ذلك– فهذا أمر يؤلم النفس البشرية جدًّا.
لذا أقول لك: كان الله في عونك، إلا أني أنصح رغم هذا الجو المكفهر، ورغم هذه المآسي التي وردت في رسالتك، أنصح بعدم التعجل في قضية الطلاق، لأنه ليس حلاًّ جذريًا، وإنما هو حل للمشكلة بعدة مشكلات، فأبناؤك غدًا سيكبرون ويكونون في حاجة إلى وجود أبيهم معهم، بل وقد يذهبون إليه لتشعري بأن تضحياتك قد ذهبت أدراج الرياح، لذا أرى –باركَ الله فيك– بدلاً من أن نفكر جديًا في الطلاق والانفصال –كما هو واضح من رسالتك– لماذا لا نفكر في عقد جلسة بينك وبينه، جلسة حوارية هادئة، تضعين فيها النقاط على الحروف معه، وتبينين له وجهة نظرك وما الذي تريدينه، وما الذي يُزعجك من تصرفاته، هذا الكلام يكون بصوت مسموع بينك وبينه، بمعنى أن تعرضي كل شيء بالتفصيل الممل حتى يعرف مدى الخطر الذي يُقدم على الأسرة كلها في حالة تركك لهذه الأسرة أو تخليك عن أداء رسالتك ووظيفتك.
أنا أقول: أتمنى أن تكون هناك جلسة هادئة بينكما، وأن تعرضي فيها تلك الأمور التي تضغط على نفسيتك الآن، وأن تبيني له أن هذه الأمور وصلت معك إلى درجة الإشباع، وأنك في حاجة إلى مساعدة، فإن استطاع أن يغيّر من أسلوبه، ويغيّر من طريقته وأن يحسّن من وضعه، فأعتقد أننا بذلك قد نجحنا إلى حد كبير، أما إذا لم يتيسر له ذلك، وظلَّ الرجل على ما هو عليه فمن حقك في تلك الحالة أن تطلبي المفارقة، ولكن أنا أنصح ألا يتم ذلك، إلا بعد إجراء حوار خاص بينكما بعيدًا عن أي طرف آخر، ثم بعد ذلك يأتي موضوع الحكمين، فإذا لم ينجح هؤلاء في رأب الصدع، وإعادة المياه لمجاريها، في تلك الحالة نقول لك فكري في قضية الطلاق.
أما الآن أنا أنصح بضرورة البحث عن حل بديل، لأن الذي سيضيع في هذه المسألة – لست أنت أو هو– إنما أطفالكم الذين الأصل فيهم أنهم ينشؤون ويترعرعون بين أبوين محبين صادقين.
فكري -أختي الكريمة الفاضلة– في هذا الأمر، وأكثري من تلاوة كتاب الله تعالى، لعل الله -تبارك وتعالى- أن يُطفئ نار الفتنة، وأن تستقيم الأمور، وأن تعود المياه لمجاريها، وأن يعود زوجك إليك مطيعًا محبًا حنونًا كريمًا كما ينبغي أن يكون.
هذا وبالله التوفيق.