أهلي يرغبون بسفري للخارج دون محرم للدراسة وأنا لا أريد
2013-12-03 00:56:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقيم في بلد غير بلدي، وأنا أعلم أنه لا يجوز لي السفر بغير محرم حتى للدراسة، لكن أخواتي من قبلي كن يسافرن للجامعة من غير محرم، فأصبح الأمر عاديا، كما أن دخل أبي المتواضع لا يسمح له بالسفر معنا، ثم العودة مرة أخرى لتكلفة التذكرة ذهابا وإيابا، وكلما تغيب عن العمل نقص راتبه، فأنا مخيرة بين أمرين: إما الجلوس في المنزل أو السفر من غير محرم، حاولت إقناع أمي أن أدرس علوما شرعية لأنها رغبتي الأولى، وأتمنى أن أحفظ القرآن، كما أن البلد التي أقيم فيها تسمح للأجانب بدراسة هذه المجالات، لكن أمي رفضت بحجة (من أين ستأكلين؟ ومن أين ستشربين؟)، حاولت إقناعها أن الرزق من عند الله وليس له علاقة بالمجال، لكن رفضت رفضا تاما، وطلبت مني عدم مناقشتها مرة أخرى، ماذا أفعل؟ لأنه بقيت سنة وأنتهي من الثانوية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا العزيزةَ- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا وثقتك فينا، كما نشكر لك اتخاذك القرار بمشاورة من يُسدي لك النصح، ويبصرك بالطريق قبل أن تُقدمي على أي عمل، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وحسن تدبير لأمورك.
كما نؤكد شكرنا لك على موقفك الرائع والجميل في تعظيم حرمات الله تعالى، والوقوف عند حدوده، والتبصر بما يُسخطه وما يُرضيه قبل الإقدام على أي فعل، ونأمل من الله سبحانه وتعالى أن يكافئك على ذلك ويُثيبك عليه بتيسير أمورك وتقدير الخير لك، وتجنيبك كل أمرٍ عسير.
نحن نتفهم -أيتها البنت العزيزة- الظروف الأسرية التي تعيشينها، وضغط الأسرة عليك في سبيل تعلم ما يتوهمون أنه سيكون مصدر رزق لك، وقد نلتمس لهم بعض الأعذار بسبب جهلهم، وعدم إدراكهم للأسباب الحقيقية التي جعلها الله عز وجل سببًا للأرزاق، فإن الله سبحانه وتعالى شرع لنا الأخذ بالأسباب، وجعل النتائج مبنية على مقدمات، ولكن هذه الأسباب التي شرع الله عز وجل الأخذ بها هي الأسباب المباحة، فإن الله عز وجل لم يجعل رزقنا فيما حرَّم علينا.
ومن ثم فنحن ننصحك بأن تستعيني بكل من له قدرة على إقناع والديك بأن ارتكابك لما حرم الله تعالى من السفر بغير محرم، وتعريض نفسك للمخاطر والفتن ليس من جملة السبب الذي أمر الله بالأخذ به، فهم إما يوفرون لك الطريق الآمن ويجنبونك الوقوع في معصية الله تعالى بأن يسافر معك محرم، وأن تكوني آمنة على نفسك إذا سافرت، وإما أن يدعوك تدرسي ما تتمكنين من دراسته في البلد الذي أنت فيه، وسيجعل الله عز وجل لك فرجًا ومخرجًا، فإنه قد قال جل شأنه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويزرقه من حيث لا يحتسب}.
وكوني على ثقة تامة -أيتها البنت العزيزة- من أن الوقوع في معصية الله قد يجعله الله عز وجل سببًا للحرمان من الرزق وليس العكس، فقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه)، ولا يغتر كثير من الناس بما يحققونه من مصالح دنيوية بعد وقوعهم ومعاقرتهم لأنواع المعاصي، فإن هذا من استدراج الله تعالى لهم وإمهالهم، فعلى الإنسان العاقل أن يحذر من سخط الله، فإن سخط الله لا تقوم له السموات والأرض، فضلاً عن هذا الإنسان الضعيف.
كوني على ثقة تامة -أيتها البنت الكريمة- من أنك إن اتقيت الله تعالى ووقفت عند حدوده فإنه لن يضيعك، وفرص العمل بالمجالات الشرعية والعربية ونحوها من المجالات التي ستتمكنين من دراستها في البلد الذي أنت فيه، إن لم تقدري على السفر المضبوط بالضوابط الشرعية، كوني على ثقة من أن هذه المجالات لا يزال فيها فرص عمل كثيرة، ولن تعدمي -بإذن الله تعالى- فرصة تحققين منها حاجاتك الأساسية، والصبر والتعفف خير حتى يجعل الله عز وجل لك فرجًا ومخرجًا.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان.