الرهاب الاجتماعي عزلني عن المجتمع كله...فما العلاج؟
2013-12-11 23:13:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من الرهاب الاجتماعي, ضاع مني كل شيء بسبب هذا المرض, عزلني عن العالم بأكمله, وعن أقرب الناس لي, وضاع مستقبلي الدراسي, رغم أن مستواي جيد, لكن بعدها لم أطق الدراسة, ولا الخروج, وإذا خرجت تصيبني نوبة هلع وخوف وتعرق شديد وجفاف, حتى في الكلام أتكلم بشكل سريع, وكأن شخصا يطاردني, وأخطئ, وأحذف بعض الحروف -السكوت أفضل- حتى صرت لا أختلط بأهلي وإخواني, وأشعر بالخجل, وإذا صادفتهم مجرد التحية والسلام.
وأحاول أن أهرب من المكان حتى في المناسبات والأعراس أو غيرها أتحجج بالأعذار, وأشعر بالضيق الشديد بصدري, وبتنميل في جسدي, وأحس أني لا أشعر بجسدي نهائيا, وأتنفس بشكل سريع, وبعض الأحيان تتصلب يدي, ولا أستطيع النهوض حتى أهدأ.
المشكلة أني حاولت أن أتأقلم, وحاولت أن أصلي مع الجماعة, وفعلاً واظبت على الصلاة لفترة 5 أشهر وبعدها رجعت لي الحالة, وصرت أكره صلاة الجماعة, وأشعر بالخجل, وبالأخص صلاة الجمعة, يكون المسجد ممتلئا بالناس.
صرت منطويا بالغرفة لفترة طويلة ولا أخرج, مللت من كل شيء, حاولت لكن لا جدوى من محاولاتي, والمشكلة أن البعض يجرح ويزيدني سوء أكثر وأكثر, فتعبت, وصعب علي أن أذهب للمستشفى لوحدي, ولا أثق بشخص أفاتحه بالموضوع حتى يساعدني في هذه المشكلة التي أرهقتني بشكل كبير, وحرمتني من حقوقي.
يا دكتور: بحكم صعوبة ذهابي لطبيب نفسي فإني أريد تشخيصك, وأريد دواء لحالتي, علما أني أعاني من صعوبة البلع, فلا أريد حبوبا ولا كبسولات كبيرة, وإن كان هناك شراب فهو الأفضل, ولا أريد دواء يسبب السمنة.
ما رأيكم بالاكتفاء بعشبة جونز, ونحوها من الأعشاب, وبالمكملات الغذائية, نحو الفيتامينات, والمعادن, وزيت (أوميغا) 3, وأقراص الأحماض الأمينية الخمسة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الرهاب الاجتماعي له عدة جزئيات، وهنالك نوع من الرهاب الاجتماعي تكون الأفكار المسبقة المستحوذة هي التي تسيطر على الإنسان، لذا يفشل الإنسان تمامًا في التفاعل الاجتماعي، وأعتقد أنك من النوع الذي تتسلط عليه هذه الأفكار الاستباقية الافتراضية، لذا أغلقت الباب أمام نفسك تمامًا، وصعب عليك التفاعل الاجتماعي.
إذًا الخطوة الأولى في العلاج هي أن تُصحح مفاهيمك، الرهاب الاجتماعي ليس بهذه الشكلية، اسأل نفسك (لماذا أكون هكذا؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس؟ ما الذي يمنعني من التواصل الاجتماعي؟ ما الذي يمنعني من صلاة الجماعة؟ ما الذي يمنعني من ممارسة الرياضة الجماعية؟ ما الذي يمنعني من العمل؟) لا بد أن تطرح هذه الأسئلة على نفسك، والإجابة واضحة، وهي أنك فعلاً أصبت بالمخاوف، ولكن أعطيت هذه المخاوف فرصة كبيرة لتتمكن منك، ومن ثم دخلت في هذه الحلقة المفرغة التي بدأت بما نسميه بالخوف التوقعي الاستباقي.
فأنت محتاج لأن تصحح مفاهيمك، وهذه خطوة علاجية أساسية، بدونها لا أعتقد أننا يمكن أن نحل هذه المعضلة.
ثانيًا: صحح مفاهيمك أيضًا أن الآخرين بالطبع من حقهم أن يفتقدوك إذا لم تكن موجودًا في ساحات الحياة، إذا كنت منقطعًا، ولا أحد سوف ينتقدك أبدًا إذا خرجت واعتقدت أنه عندك مظاهر الخوف مثل التلعثم والرجفة، هذه مشاعر مبالغ فيها، ولا تحدث بالكيفية التي يتصورها صاحبها, إذًا أنت محتاج لدفع اجتماعي.
النقطة الثالثة هي: لا بد أن تبحث عن عمل، هذا علاج، هذا تطوير للمهارات وصهر للشخصية، ولا بد أن تلجأ إليه.
العلاج الآخر هو: تطبيق تمارين الاسترخاء بشكل مستمر، وكذلك ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية.
العمل ضروري كما ذكرت لك، يهمنا جدا هذا الأمر.
النقطة الأخيرة هي العلاج الدوائي، لا تنزعج إن كان الدواء حبوبًا أو كبسولات أو شرابا، المهم هو أن تتناول دواء مفيدًا وتستفيد منه وتلتزم بجرعته، وعقار (باروكستين) والذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) سيكون دواءً ممتازًا، وأعتقد أن الزيروكسات CR طويل الأمد سيكون هو الأفضل بالنسبة لك.
ابدأ في تناوله بجرعة 12.5 مليجراما، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً بعد الأكل لمدة أربعة أشهر، 12.5 مليجراما ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم 12.5 يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بالنسبة لموضوع السمنة: الزيروكسات في حوالي عشرين بالمائة من الناس قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، لذا يجب أن ننبه عليك بأن تمارس الرياضة، وأن تتحكم في نوعية الأغذية التي تتناولها.
بالنسبة لموضوع الاكتفاء بعشبة القلب والأحماض الأمينية والمكملات الغذائية الأخرى ونومك: أنا حقيقة لا أعتقد أنها مفيدة لعلاج الرهاب الاجتماعي، ربما تلطف من مزاج الإنسان قليلاً، وتقلل عنده القلق، لكن لا نستطيع أن نقول أنها مضادات حقيقية للرهاب الاجتماعي.
دعنا نستعمل الأدوية المثبتة علميًا، والتي أثبتت فائدتها بناء على الدليل العلمي المحترم.
نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.