أنا شاب لدي تعلق شديد بالنساء وحب التقرب إليهن، فكيف أتخلص من ذلك؟
2014-02-01 23:01:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا شاب لدي تعلق شديد بالنساء وحب التقرب إليهن، وأنا أخشى على نفسي الوقوع في الحرام، ولا أستطيع الزواج أو الصيام لأن عملي أغلبه (عمليا) وحركة، فلو صمت قد أسقط مغشيا علي، وقد جربت هذا من قبل والمشكلة أنني طالب صيدلاني، وعملي سوف يكون بالصيدلة، وأنا أعرف أنني محبب إلى النساء فأنا لو تكلمت إلي أي امرأة أرى نفسي أسترسل معها في الكلام، وأتمنى لو يطول لساعات وأحاول أن أضحك معهن.
فهل هناك علاج أو تمارين أو شيء يضعف هذه المشكلة؟ وأغلب ما لدي هي أنها مشكلة جنسية ونفسية أيضا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فأحب أن أذكرك بداية بقول الله تبارك وتعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} وقوله جل جلاله: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} وقوله سبحانه: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
هذه النصوص ذكرتها لك لأبيِّن لك أن كل التكاليف الشرعية التي كلفنا الله تبارك وتعالى بها في مقدور كل إنسان منا أن يفعلها، ولكن أحيانًا الواحد منا قد يظن بنفسه السوء، أو قد يختلق لنفسه أعذارًا يتصور أنه بها لن يستطيع أن ينفذ شرع الله تعالى، وفي ذلك تكذيب لكلام الله عز وجل، فما كلفنا الله تبارك وتعالى بغض البصر إلا لأنه يعلم أننا قادرون على غض البصر إذا كانت لدينا الإرادة والعزيمة وصدق الإيمان به سبحانه وتعالى وصدق الخوف منه.
ولذلك هذه الأعذار التي تذكرها كلها أعذار شرعًا من الممكن دفعها، تحتاج فقط إلى نوع من المجاهدة والحزم والعزم، وبذلك تتخلص منها نهائيًا، فأنت لست أول إنسان لديه هذه المشكلة، ولن تكون قطعًا آخر الناس، ولو أن كل واحد قال ما قلت أنت لأصبحت المشكلة أكبر من الشرع نفسه، ولكن لابد لها من حل، حلها فيك أنت أخي الكريم (أحمد) وإذا أردت حلاً آخر لا يُعجبك: اترك هذا التخصص تمامًا، وابحث عن مجال آخر تستطيع من خلاله أن تُنقذ نفسك من الحرام، وأن تُنقذ نفسك من عذاب الله تعالى.
أَمَا وأنت تُصر على أن تكون صيدلانيًّا – وهذا من حقك – فلا بد أن تعلم أن هذا العمل فيه ما فيه من الاختلاط ومن الإغراءات، وإذا كنت قادرًا على مواجهة هذه التحديات فتوكل على الله وواصل رحلتك في دراسة هذا التخصص، وغدًا – بإذن الله تعالى – سوف تكون ممارسًا لهذه المهنة.
أما إذا كنت تشعر فعلاً بأنك غير قادر على الصيام وغير قادر على الزواج وأنك غير قادر على غض البصر، إذًا لماذا ترمي نفسك في النار؟!
إن تصرفك هذا – يا ولدي – غير معقول، لأن الله تبارك وتعالى كما ذكرت لك يستحيل أن يُكلِّف الناس بشيء هم لا يستطيعون أن يلتزموا به، ولذلك أقول – بارك الله فيك -: إذا كنت مُصرًّا وإذا كانت لديك الرغبة الجادة على مواصلة هذا التخصص حتى تُصبح دكتورًا صيدلانيًّا ويقال عنك دكتور وصيدلاني، فاعلم أن هناك مخاطر، وأن نفسك ضعيفة، وأنك ستقع في الحرام.
إذًا إما أن تترك هذا التخصص – ولدي الكريم – وأن تبحث عن مجال آخر بعيدًا عن تلك الشبهات، وإما أن تعلم أن هذه الأعذار كلها أعذار واهية، وأنك تستطيع أن تدفعها لو أردت، وتخيل أن كل فتاة تقف أمامك هي أختك، هل تريد – بالله عليك – من رجل صيدلاني مثلك أن يتكلم مع أختك وأن يسترسل معها في الكلام وأن يقيم معها علاقة؟ أترضى ذلك لنفسك يا رجل؟ قطعًا أنا سأعلم يقينًا أنك ستقول (لا) والنبي – عليه الصلاة والسلام – وضع لك القاعدة (ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك) إذًا ضع في اعتبارك أن كل امرأة تتعامل معها إما أن تكون لك أُمًّا وإما أن تكون لك أُختًا وإما أن تكون لك زوجة أو بنتًا، وأنت لا تريد لأحد من هؤلاء أبدًا أن يتكلم معهنَّ أحد، أو أن يُسيء إليهنَّ.
إذً لو وضعت في مخيلتك هذا الاعتبار، وتخيلت كل امرأة تكون بهذه المنزلة منك، أعتقد أنك سوف تنكف عن هذه المسائل.
ثانيًا: حدد إطار الكلام، اجعل كلامك في حدود المهنة فقط، وحاول أن تقاوم، وستنتصر. المسألة مسألة إرادة وعزيمة – ولدي أحمد – وصدقني أنت قادر على ذلك، نفسك تُحب الاسترسال مع النساء، ولكن هذا سيكلفك دينك، ويكلفك دنياك، وقد يُوقعك في مشاكل، ولا أعتقد أن هناك رجلاً حُرًّا أبيًّا يرضى لك أن تتكلم مع امرأته أو مع أخته أو ابنته، وقد يُسبب لك ذلك حرجًا قد تدفع حياتك ثمنًا له.
ولذلك أنت على خطر، إما أن تحزم أمرك فعلاً، وأن تُصر على أن تترك هذه السلبيات كلها بالكامل، وأن تعلم بأن هذا كله من عمل الشيطان ولا أساس له من الصحة، وأن تقاوم نفسك الأمَّارة بالسوء، وأن تقول (أنا قادر على ذلك) وأن تُعطي نفسك رسائل إيجابية بأنك قادر، لأن الله ما كلفك بشيء تعجز عنه، وإما أن تترك هذا المجال بارك الله فيك، ولا تستسلم، واعلم أن هناك من هو أشد منك في ذلك ورغم ذلك يقاوم وينتظر، المسألة مسألة إرادة وعزيمة، والشرع ليس لديه عصًا سحرية يُقدمها لك ولا لغيرك، وإنما الله كلفك ومكّنك وأعطاك قدرات تستطيع أن تنفذ بها مراده.
توكل على الله أخي أحمد، واعلم أن الله تبارك وتعالى إن علم فيك صدقًا فسوف يمدك بمدد من لدنه، وسوف يجعل لك على الخير أعوانًا كما قال سبحانه وتعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً} ويقول أيضًا: {والذين اهتدوا زادهم هُدىً وآتاهم تقواهم}. فاعلم أنك إن بدأت بجدية وصدق وهمة وعزيمة وإرادة قوية في حل هذه المشكلة، إما بترك هذا المجال وإما بترك هذه التصرفات السلبية مع البقاء في نفس التخصص، فإن الله تبارك وتعالى سوف يعينك على تنفيذ الذي يُرضيه سبحانه وتعالى ويحفظ عليك دينك ودنياك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا فيما يرويه عن رب العظمة والجلال: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني) فإذا ظننت بالله تبارك وتعالى خيرًا فثق وتأكد أن الله سيعطيك الخير كله، فأحسن الظن بالله تعالى، واستعن بالله، وخذ القرار المناسب، وحاول أن تثبت عليه، حتى وإن كان هناك بعض المجاهدة وبعض الصبر والتعب، إلا أن الثمرة ستكون الاستقرار والأمن والأمان في الدنيا ورضوان الله تعالى في الآخرة.
واعلم أن من ملأ عينه مما حرم الله ملأها الله تبارك وتعالى من جمر جهنم يوم القيامة، وأن من غض بصره عمَّا حرم الله رزقه الله حلاوة في قلبه يجدها إلى يوم يلقاه، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، واستعن بالله تعالى، وتضرع إليه أن يعينك على التخلص من هذه التصرفات المشينة وهذه الأعمال الغير مقبولة، لأنها محرمة شرعًا، وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك، وثق وتأكد أن الله تبارك وتعالى سيعطيك على قدر ما بذلت من جهد وإخلاص وصدق، فإذا قررت فعلاً أن تتوقف عن النظر إلى النساء وإذا قررت فعلاً ألا تتكلم مع أحد أي كلام بعيد عن طبيعة الموقف فقط، وألا تسترسل مطلقًا في أي كلمة، واجتهد في أن تُحجّم نفسك، فثق وتأكد من الله سوف يعينك، وسوف تتغير حالتك، وستُصبح أفضل مما أنت عليه بإذن الله تعالى.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، إنه جواد كريم.