أشعر برجفة وارتباك ملحوظ عندما أصب القهوة للضيوف
2014-02-10 05:03:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 22 عاما، أعاني من الارتباك الشديد والملحوظ أمام الضيوف، لا أستطيع صب القهوة للضيوف بسبب الرجفة، وأكون وقتها مضطربا وخائفا وقلقا بشدة، حتى أني أصبحت منعزلا لا أدخل على الضيوف إلا إذا وثقت من وجود شخص يصب القهوة بدلاً مني، وأشعر بالقلق منذ أن يأتيني خبر قدوم الضيوف، أستطيع مقابلتهم فقط في حالة وجود من يصب القهوة عني.
وأيضا لا أستطيع زيارة الأقارب أو الجيران وحدي؛ لأني أجد حرجا وخجلا شديدا يظهر علي، ولأني قبل الزيارة أشعر بخوف، وأقوم باختلاق الأعذار حتى لا أذهب، وعندما أزورهم وحدي أبدو خائفا وقلقا، لا أستطيع تبادل الحديث الودي، ولا أشعر بالارتياح حتى أخرج، أستطيع زيارتهم في حالة إذا آتي معي من يكبرني سنا ويتحدث معهم بدلي.
بالنسبة لهذا الأمر لا يحدث إلا مع الأقارب الذي يكون تعاملنا معهم بشكل رسمي، أما المقربون فلا أجد حرجا في ذلك، وأشعر بأن الأمر في الفترة الأخيرة بدأ يطول المقربين، الأمر أتعبني كثيرا وأريد أن أضع له حدا بمساعدة الله ثم مساعدتكم.
فأرجوكم أوجدوا لي الحل الكامل، وأني لا أعاني من الأمراض وأن الرجفة ليست وراثية.
إضافة إلى ذلك أجد نفسي بطيئا جدا في تكوين الصدقات، فمن دخولي الجامعة إلى الآن وأنا على وشك التخرج لم أكوّن إلا عددا قليلا من الصدقات، ولكنها صدقات قوية جدا وليست عابرة، هم من بادروا لمصادقتي وليس أنا.
أتمنى أن أجد حلاً دون زيارة العيادة النفسية، وجزاكم الله خير الجزاء على مساعدة الناس بدون مقابل في زمن أصبحت المادة أساسا في كل شيء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالذي يظهر لي أنك فقط تعاني مما يمكن أن نسميه بالرهاب الاجتماعي الظرفي، أي المرتبط بمواقف معينة، والخوف الاجتماعي قد يكون خوفًا شاملاً يمنع صاحبه حتى من الأكل في الأماكن العامة، وفي بعض الأحيان يكون ظرفيًّا وخفيفًا جدًّا كما في حالتك.
ومن الأشياء الملاحظة أن بعض الناس تشتد لديهم أعراض معينة ولا تظهر لديهم أعراض أخرى، مثلاً في حالتك الرجفة حين تصب القهوة أمام الضيوف، هي العرض الأساسي والجوهري لديك، وذلك بالرغم من أن الرجفة ليست من الأعراض الشائعة الحدوث في الرهاب الاجتماعي، تجد شخصًا آخر يأتيه شعور بخفة الرأس عند المواجهات، وشخص ثالث قد يكون لديه تسارع شديد في ضربات القلب، وهكذا.
إذن هنالك تفاوتات فيما يخص الأعراض، نوعيتها وشدتها، لكن في نهاية الأمر قد تجد الأعراض كلها متوفرة لدى الإنسان، فقط يكون الاختلاف في شدتها وحدتها كما ذكرنا.
أيها الفاضل الكريم: أولاً يجب أن تعالج نفسك فكريًّا، هذا نسميه بالتغيير المعرفي، وهو أن ترفض هذا العرض، وألا يكون لديك قلقًا توقعيًّا أن ما حدث لك بالأمس سوف يحدث لك اليوم، ليس من الضروري أبدًا إذا قابلت الضيوف في الماضي وحدثت لك رجفة عند صب القهوة ليس من الضروري أن تحصل لك في المستقبل، أبدًا.
الأمر الثاني الذي يجب أن تتذكره: أن هذا العرض – أي عرض الرعشة عندما تصب القهوة أو تقابل الناس – أنت تحس به، لا ننكر أنه موجود، لكنه مضخم ومجسّم لديك مما تتصوره بصورة مكبرة جدًّا دون الحقيقة بكثير وكثير، وأنا أؤكد لك ألا أحد يلحظه. إذن تصحيح المفاهيم مهم جدًّا.
الأمر الثالث والأهم قطعًا هو: ألا تتجنب، ألا تبتعد، أنا لاحظت في رسالتك أنك تتخذ الوسائل التجنبية لتفادي التعرض أو التعريض، لا، يجب أن تواجه، يجب أن تُكثر من مقابلة الضيوف، وحتى يمكن أن يكون هذا الأمر في الخيال، ثم تنزله إلى أرض الواقع، تصور أنك تصب القهوة للضيوف، تصور أنه طُلب منك أن تقدم الإكراميات للناس في حفل عام، وهكذا عش هذا النوع من الخيال، والتعرض في الخيال يُساعد بنسبة ثلاثين إلى أربعين بالمائة مقارنة بالتعرض في الواقع، وكلاهما قطعًا مهم ومفيد.
محاولة تجاهل وظائفك الجسدية عند المواجهات أيضًا مهم، لا تركز على جسدك أبدًا، إنما ركز على فكرك، وقل لنفسك: (إن إكرام الضيف هو أمر جميل، وهؤلاء الأشخاص أكبر مني سِنًّا، لابد أن أُبدي التقدير والاحترام) يعني ألا تقوم بصب القهوة آليًا فقط، إنما حضر نفسك فكريًا وذكّر نفسك بمآثر إكرام الضيف، هذا ينقلك نقلة إيجابية جدًّا.
النقاط الأخرى في العلاج: العلاج الدوائي، هنالك دواء ممتاز يعرف باسم (إندرال) يساعد بصورة قاطعة في التحكم في هذه الرجفة والتي هي أصلاً ناتجة من زيادة في إفراز مادة الأدرينالين التي تُفرز عند المواجهات.
الإندرال لا يستعمل في حالات الربو، فإذا كان كذلك فلا تستعمل الإندرال أبدًا.
جرعته هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً، تتناولها لمدة شهرين، ثم تجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
ويمكنك أيضًا أن تدعم الإندرال بدواء أساسي آخر هو الباروكستين أو الذي يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات)، أنت محتاج لهذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام فقط – أي نصف حبة – تتناولها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
عليك بالتواصل وتكوين الصداقات، صلاة الجماعة فرصة عظيمة لتتعرف على الصالحين من الشباب، وفي ذات الوقت تعالجك عن طريق ما نسميه التعريض أو التعرض مع تجنب الاستجابة السلبية وهي الهروب من الموقف.
أرجو أن تأخذ كل هذه الإرشادات كحزمة أو رزمة واحدة وتطبقها، حيث إنها تكمل بعضها البعض، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.