بعد عقد القران اكتشفت بأنه يعاني من مرض نفسي.

2014-02-24 05:12:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم .. 

أنا فتاة في الـ 22 من عمري، خطبني شاب أكبر مني بـ 3 سنوات، لنا معرفة بأخوات أم هذا الشاب، ولا أعرف عنه شيئاً قبل الخطوبة، بعد الخطوبة جرى بيننا اتصالان، كان الأول سيئاً؛ لأنه كان معارضا لكل شيء: دراستي، واختلاطي بأهلي وصديقاتي، والثاني كان لا بأس به، فقد وافق على بعض الأساسيات التي رفضها.

بعد عقد القران لاحظت عليه تغيراً مفاجئاً في المزاج والتفكير، والتعامل والكلام معي، وكانت له حالتان: 
الأولى: شخص طيب ومتفهم وكريم، يقدرني وكثير الثناء علي، ومدرك لحركاته وأقواله.
الثاني: شخص عصبي ويثير المشاكل لأتفه الأسباب، وتفكيره متشائم، ويتوقع الأسوأ مني ومن كل شيء، ينكر كل ما فعل وكل ما قال، ويبحث عن مشكلة لأي سبب. 

كنت في كل مرة يتغير فيها تغيرا مفاجئا ألتمس له العذر، وأتوقع أنها ظروف في العمل أو مشاكل في بيت أهله، كان دائماً يصر على تحقيق ما تطلبه نفسه في اللحظة نفسها دون أي تأخير، وإلا قلب الدنيا وغضب، ولكن بعد أن زادت الحالة عن حدها، وضحت له ما لاحظته منه، ولكن لم يتكلم ولم يبرر لي ما يحصل معه.

مع العلم أنه مدخن، وينام يومين متواصلة، ولا ينام ليومين أو أكثر، ولا يتحمل وليس عنده أي صبر، وسريع الملل والضجر، وإحساسه دائما بأنه مظلوم، وتتقلب مشاعره بين الحب الشديد والكره الشديد في نفس اليوم، له تفكير غريب وتفسيره خاطئ للأمور. 

والآن بعد مرور 8 أشهر اعترف لي بأنه مريض نفسياً، وهذا المرض معه منذ سنتين ونصف، ولم يتبق على الزواج إلا شهر واحد، هو ظلمني وخدعني؛ لأنه لم يخبرني أول أيام الخطوبة بهذا المرض.

أرجو منكم المساعدة: هل هذا المرض يمكن أن يشفى منه أم لا؟ هل أكمل حياتي مع شخص مريض؟ هل حياتي في خطر معه؟ حيث قرأت أن هذا المرض يسمى الاكتئاب الوجداني ثنائي القطبية، أو انفصام في الشخصية، وأن المصابين بهذا المرض لا يدركون تصرفاتهم، ويمكن أن يؤذوا أنفسهم وأهليهم، أرجو مساعدتي.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ gogo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبدأُ بما انتهيت به في رسالتك وهو الحديث عن هذا الشاب: قد يكون مُصابًا بالاكتئاب الوجداني ثنائي القطبية أو مرض الفصام.

الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يكون مرضًا ظاهرًا للعيان، وهنالك درجات دنيا من هذا المرض، قد تظهر في شكل تقلب مزاجي واضح، لكن مهما كانت درجة الاضطراب الوجداني – أي مهما كانت درجته بسيطة – فهو يظهر للعيان، ولا يمكن إخفاؤه أبدًا، والإنسان يجد صعوبة كبيرة في أداء عمله والتواصل الاجتماعي إذا لم يقم بالعلاج، فصام الشخصية مرض واضح المعالم جدًّا، وأيضًا لا يمكن إخفاؤه.

هذا الشاب أنت ارتبطت به والظروف التي ربطتك به ظروف عادية طبيعية في مجتمعاتنا، أن يرشح أو ترشح شابة لشاب عن طريق الأهل، ومن ثم تتم الخطوات التالية وينتهي الأمر بالزواج، هذا هو الذي يحدث في كثير من أسرنا ومجتمعاتنا.

الذي أراه -أيتها الفاضلة الكريمة- هو: أن تعرفي تفاصيل أكثر حول حالة هذا الشاب، هو يعاني من تقلب جزئي في المزاج -كما ذكرت وتفضلت-، ربما يكون لديه بعض الاندفاعية والشعور القلقي المزاجي، وهذه ليست من الضرورة أبدًا أن تكون نوعًا من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وقطعًا هي ليست من الفصام، ربما تكون شخصيته أصلاً متقلبة المزاج – أي هذا جزء من بنائه النفسي – وهذه الحالات تعالج بصورة ممتازة جدًّا.

فإذًا لا تفكري أبدًا في الانفصال من هذا الشاب، إلا إذا كان هناك قرار واضح وقناعة كاملة بأنه يعاني من اضطراب نفسي أو عقلي أساسي، ولا أعتقد أنه يعاني من ذلك أبدًا.

يذهب إلى الطبيب، وإن كانت هنالك إمكانية أن تستمعي أنت أيضًا إلى رأي الطبيب حوله، وذلك بعد أن يعطيك الإذن بذلك، هنا تُملك الحقائق وتُعرف وسائل العلاج، والزوجة يجب أن تكون مساندة لزوجها، والعكس أيضًا صحيح.

فالذي أفضله هو أن تمتلكوا حقائق أنت وأسرتك، تمتلكوا حقائق أساسية من خلال الطبيب الذي سوف يفحص هذا الشاب، هذا هو الأفضل وهذا هو الأحسن، وفي حالة أنه لا يوافق على ذلك أو أن ذويه رفضوا، هنا تستطيعون أنتم كأسرة أن تتخذوا قرارًا، وأقصد بذلك: يجب أن تسترشدي برأي أسرتك وتصوراتهم وتقييمهم لهذا الشاب.

أنا أؤكد لك أن الطب النفسي الآن تقدم جدًّا، وهنالك علاجات بسيطة جدًّا قد يحتاجها الناس، خاصة في مثل حالة زوجك أو خطيبك، وبعد الإرشادات النفسية والسلوكية، وإن شاء الله تعالى تسير الحياة بصورة جميلة.

أريدك أيضًا في هذه المرحلة أن تنظري للأمور الإيجابية في زوجك هذا، ولا تركزي على السلبيات؛ لأنها سوف تجعل الصورة قاتمة جدًّا أمامك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا.

_______________________________________

انتهت إجابة د. محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية


نرحب بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأرجو أن تستفيدي من إجابة الطبيب المختص، فهو من كبار المختصين ومن الأساتذة والدكاترة المتميزين، نسأل الله أن يوفقه ويوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، ونتمنى أيضًا أن يكون هناك أيضًا محاولات منك حتى تتفهمي أكثر وتتزودي بمعلومات أكثر.

وكنا نحب أن نعرف رأي الأسرة، ومواظبة هذا الرجل على الصلاة، وبعض الأمور التي ينبغي أن يعرفها المحارم بالنسبة لك، والذين تعرفتم أيضًا عن طريقهم على هذا الشاب، ينبغي أن تأخذوا منهم مزيدًا من المعلومات؛ لأنك كلما أعطيت معلومات متكاملة فإن الإجابات منا ومن الأطباء المختصين ستكون كاملة، ونستطيع أن نتخذ القرار الصحيح.

والقرار الصحيح دائمًا ينبغي أن ننظر فيه إلى كافة الزوايا، جزء منها قطعًا في إجابة الطبيب المختص، ولكن الأجزاء الأخرى، يعني: إلى أي مدى الفرص متاحة؟ كم عمرك أنت الآن؟ وهل الفرص أمامك متاحة؟ رأي أفراد الأسرة في هذا الزواج؟ الميل الذي تجديه في نفسك؟ هل تشعرين بأنك تحبينه لكنك خائفة؟ أم تشعرين أن هناك نفورا؟ هل عندما يكون إيجابيا عطاؤه كبير وكريم؟ ما هي الطريقة التي اعترف بها؟ هل هو متشبث بك؟ هل عرفك بحقيقة المرض؛ لأن هذا يدل على الصدق؟

المهم هناك عدد من المسائل التي لا بد أن ننظر إليها من كافة الزوايا، ونحن على قناعة، ونؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يبني حياته الزوجية على أسس واضحة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ولا مانع من إشراك أسرتك خاصة الرجال في التعرف عليه، ومعرفة أحواله؛ لأن العلاقة ليست بين رجل وامرأة، ولكن بين أسرتين وبين قبيلتين، وقد تكون بين مدينتين، ولذلك لا بد من النظر إلى كافة الزوايا حتى لا نتخذ قرارًا نندم عليه، سواء كان بالاستمرار أو بإيقاف العلاقة.

ريثما يصل إلى العافية، أو يحسم أمره مع المرض إذا وُجد، أو كان المرض من النوع الذي يصعب التعايش معه، عند ذلك سيسهل عليك اتخاذ القرار الذي يُبنى على الحيثيات وعلى النظر في كافة الزوايا، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net