هل قول ما شاء الله يكفي لإبعاد الحسد؟
2014-05-12 01:39:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحب أن أشكركم على الموقع الرائع، وعلى سرعة تجاوبكم لاستشاراتنا دوما.
أستشيركم بموضوع الحسد ونيته، هل يكفي قول ما شاء الله أم لا؟ أنا فتاة دائما ما أردد على لساني ما شاء الله والحمد لله، ولا أريد أن أحسد أحدا، ولا أتمنى زوال نعمة غيري، ولكني في أوقات أشعر بالحسرة والقهر لشي أفتقده حينما يتكلم عنه شخص أمامي، وأشعر بالحزن وأقول ما شاء الله دوما، ولكن مع الشعور بالحزن.
هل يكفي قول ما شاء الله، حتى لا يقع الحسد أم لا تكفي، ويجب أن لا أتحسر وأنقهر من نعمة غيري التي أفتقدها؟
أتمنى أن تريحوا قلبي، فأنا والله لا أريد أن أحسد غيري، ولا أتمنى ذلك، ولكن من فقدي لشيء أحزن على نفسي، وأقول ما شاء الله، وبقلبيي أقول لم أنا لم أحصل عليه مثل فلانة؟! كمثال الزواج والنصيب الجميل.
أشكركم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ayat حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب فأهلاً وسهلاً ومرحبا بك، وكما يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعل عينك برداً وسلاماً على كل شيء تنظري إليه، كما نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين وأن يجعل لك من كل خير أوفر الحظ والنصيب.
بخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن كل ذي نعمة محسود، فالنعم عندما تتنزل على الناس فإنها تثير انتباه الآخرين، خاصة إذا كانت النعمة من جنس يتمناه الإنسان لنفسه، فالإنسان عندما يكون متواضع الجمال ويرى إنسانا أجمل منه فإنه يتمنى أن يتمتع بمثل هذا الجمال.
كذلك أيضاً عندما يكون يحمل مؤهلا متواضعا ويرى أن غيره يحمل رسالة أكبر فإنه يتمنى كذلك، وهذا الأمر مركز في نفس الإنسان، فما من أحد من الخلق إلا وهو يتمنى أن يكون أفضل من غيره.
لذلك الحسد موجود في قلب جميع العباد، إلا أنه متى يكون ممنوعا ومتى يكون جائزاً؟ يكون جائزاً إذا كان حافزاً للإنسان على التميز، وعلى عمل الخير، وعلى محاولة تغير واقعه للأفضل - ويسمى حسدا بمعنى الغبطة- لا بمعناه، بمعنى أن يعتبره حافزاً له على أن ما دام هذا الآن متميزا مثلاً في الدراسة فلماذا لا أجتهد أنا وآخذ بالأسباب حتى أكون أفضل منه؟
لو أننا حولنا هذا الشعور إلى شعور إيجابي يغير الحياة إلى الأفضل، سواء كان في أمر الدين أو الدنيا، فبذلك يكون الأمر حسداً بشرط أن لا نتمنى زوال نعمة الغير، فإذاً بهذه الطريقة -ابنتي الكريمة- لا تكون هناك مشكلة.
الأمر الثاني: أنني عندما أرى أن غيري أفضل مني أو قد منحه الله تبارك وتعالى شيئاً أفضل مما منحني، ولا أتمنى زوال النعمة ولا أفكر في ذلك، وإنما قد يقع في نفسي بعض الشيء من أن أتمنى أن أكون كذلك، ولكن أنا لا أريد له الشر ولا الضرر فهذا أيضاً ليس فيه شيء.
لذلك قولك ما شاء الله تبارك الله، أو ما شاء الله والحمد لله، كلمة الحمد لله في الغالب قد تكون مطلوبة في كل حين، ولكن هي ليست لها علاقة في هذا الموقف بالذات بدفع العين عن الآخر، وإنما يكفي ما شاء الله، كما قال الله تبارك وتعالى: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله).
أقول فقط ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ومن الممكن أن أقول اللهم اجعل عيني برداً وسلاماً على كل ما أنظر إليه، هذا دعاء اللهم اجعل عيني برداً وسلاماً على كل ما أنظر إليه.
اللهم لا تجعلني سبباً في إلحاق الضرر بأي عبد من عبادك.
ما سوى ذلك فليس عليك إن شاء الله تعالى من حرج، ما دمت لا تتمنين زوال نعمة الآخرين الذين تنظري إليهم، لأن العبرة هنا بتمني زوال النعمة هو الحسد المذموم قد يكون هناك تمنى زوال النعمة حتى تنتقل لي وهذه صورة من صور الحسد، وقد يكون تمنى زوال النعمة بصرف النظر أنها تأتيني أو تأتي غيري، وهذا من أشد أنواع الحسد كما ذكر أهل العلم.
لذلك ابنتي الكريمة الفاضلة أتمنى أن تعلمي أن كل شيء بقدر الله سبحانه وتعالى، وأن الذي قسم الأرزاق بين الخلائق إنما هو الله جل جلاله، وأن الله أعطاك ما تستحقينه، وأن الذي منعك منه الله تبارك وتعالى، لو كان فيه من خير لك لما حرمك الله تبارك وتعالى منه، لأن الله تبارك وتعالى قال: يعلم من خلق وهو الله اللطيف الخبير.
يقول جل وعلا: (أليس الله بكاف عبده)، فينبغي علينا أن نسلم لأمر الله تبارك وتعالى جل وعلا، وأن لا نشغل بالنا بما أعطاه الله للخلق، لأن الذي أعطاه الخلق لو كان يصلح لنا لأعطانا الله تبارك وتعالى إياه.
أيضا قد يكون هذا فيما يبدو لنا أنها نعم، ولكن قد تكون هناك أشياء عظيمة خافية عنا، فكم من أمراض تسترها الملابس، وكم من مصائب تسترها الجدران، فقد يكون هذا فيما يبدو لي سعيدا، ولكنه يحمل هماً لو وزع على أهل الأرض لوسعهم، ولذلك ينبغي علينا دائماً أن نحافظ فعلاً على هذا المعدل من الإيمان، أن نعلم أن هذا قدر الله، وأن الذي قسم الأرزاق هو الله، وأن الحسد فيه نوع من الاعتراض على قدر الله، ولا ينبغي منا ذلك.
وبالله التوفيق.