أعاني منذ صغري من الاكتئاب بسبب قسوة والدي حتى أدمنت الكحول.
2014-07-02 05:48:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شخص منذ صغري أعاني مع الاكتئاب بسبب قسوة الوالد -الله يحفظه- من ضرب على الوجه وغيره، عانيت كثيرا من قلة النوم وكثرة الضيق، واستمررت على هذا لمدة ثلاث سنين، لدرجة أني كنت أستخدم حبوبا منومة تصل إلى 6 حبات يوميا، وكنت أشرب الكحول بشراهة.
في يوم من الأيام وبعد عناء ذهبت للطبيب النفسي قبل 3 سنين، وأعطاني أدوية واستخدمتها، ولكنها جعلتني كالبليد، أصحبت آكل بشراهة، أصبحت بين أصحابي عديم الفائدة، ثم أوقفت الأدوية فعشت شاباً سعيدا لفترة، وبعد ذلك رزقني الله ببعثة خارجية للدراسة عن طريق وزارة التعليم العالي، وأنا الآن أدرس هندسة بأميركا، وكنت أعاني من كثرة النوم وكثرة الأكل، وأتشاءم من المستقبل، ولكن شجعت نفسي أن أخرج وأدرس.
ذهبت إلى الخارج وكنت أول أربعة أشهر جيدا جداً، ومن بعدها لم يروني في الجامعة لمدة ثمانية أشهر، كنت أشرب الكحول، حزينا طيلة يومي، ومن ثم حصل لي موقف مع شباب بأميركا ردعني كثيرا، وأصبحت أكثر عزلة، أشعر أن الناس يراقبون تصرفاتي وينتقدونني. والآن حالتي ليس بالجيدة، فأنا الآن موجود في المملكة، وقد قرأت في الانترنت عن الـ (بروزاك)، واستخدمت 20mg حبة واحدة كل يوم وصفتها لنفسي عن طريق البحث.
ما رأيكم بحالتي؟ وما أفضل الأدوية للرهاب والاكتئاب غير النمطي؟
شكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محب الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي أراه أنك محتاج أن تجلس جلسة صادقة مع نفسك، جلسة تدبر وتأمل وتفكر، وتجرد حياتك إيجابياتها وسلبياتها، تستفيد من خبراتك السابقة؛ لتعيش الآن الحياة بقوة، والمستقبل بأمل ورجاء، وقطعاً اتخذت القرار الحكيم فيما يخص تناول الكحوليات، والآن عليك بالدفع الإيجابي، عليك بتنظيم وقتك، وأن تكون متفائلاً، وأن تدير الوقت بصورة ممتازة وليس تنظيمه فقط، إنما إدارته بصورة صحيحة وجيدة، هذا الذي سوف يجعلك في حالة استقرار نفسي، ويجعلك توفق ما بين دراستك وراحتك والترفيه عن النفس مما هو مباح ومتاح وحلال.
أنت تحتاج لهيكلة حياتك على هذا النمط، وهيكلة الحياة وترتيبها على أسس إيجابية تتطلب المشاعر والأفكار الإيجابية أولاً، فاستنبط لنفسك هذا النوع من الفكر، ورتب حياتك على هذا الأساس، أنا أرى من الأفضل أن تذهب وتقابل الطبيب ما دمت في المملكة.
البروزاك دواء جيد وسهل استعماله، وسلامته مضمونة، لكن الأفضل أن تذهب وتقابل الطبيب، خاصة أنك ذكرت أنك بعد أن حدثت لك المشكلة أو الموقف مع شباب أمريكا أصبحت انطويا ومنعزلاً، وأصبح يأتيك الشعور بأن هؤلاء الشباب يراقبون تصرفاتك وينتقدونك، هذا العرض ربما يكون عرضاً مهماً، أرجو أن تذهب وتوضحه للطبيب النفسي، ومن ثم سوف يقوم الطبيب النفسي بإعطائك العلاج والدواء والإرشاد اللازم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يردك للحق ردًّا جميلاً، ونحب أن نؤكد لك أن للمعاصي شؤمها وآثارها، فكيف إذا كانت هذه المعاصي هي أم الخبائث وأم الكبائر؟ فعُدْ إلى صوابك، وكما قال الطبيب المختص: أنت بحاجة إلى وقفة للمحاسبة، ووقفة للمراجعة، ووقفة لتصحيح هذا المسير، واعلم أن الله غفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.
إن الإنسان لا يستطيع أن يتحمل الصدمات والأزمات والمواقف العصيبة إلا إذا عاد إلى الله واعتصم بإيمانه، عندها تتغير المفاهيم، عندها نردد: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).
فعجِّل بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وغيِّر الرفقة والمكان، وحاول أن تتخلص من آثار الماضي، وإذا ذكّرك الشيطان بالماضي فلا تقف طويلاً يائسًا محتارًا، فلا يُفيد البكاء على اللبن المسكوب، وفي المستقبل لا تحاول أن تعبر الجسر قبل الوصول إليه، فالمستقبل بيد الله، نحن علينا أن نبذل الأسباب، ولا مانع من أن نُخطط ونرتِّب، لكننا نرضى بقضاء الله وقدره، ونقبل بما يُقدِّره لنا الوهاب سبحانه وتعالى.
ونحن نرى أن علاجك سهل جدًّا، فأنت بحاجة إلى جرعة إيمان قبل وبعد جرعة الدواء، تثق فيها بالله تبارك وتعالى، وتعود إلى الصواب والخير، وتبتعد عن المنكرات والمعاصي، فإن لها شؤما وآثارا، وإذا كان جسدك سيسعد بالطعام، فإن روحك لا يمكن أن تسعد ولا يمكن أن تستريح إلا بجرعات من الإيمان، إلا بجرعات من الذكر والتلاوة والإنابة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، -والحمد لله- الآن الفرصة مواتية فأنت في شهر الصيام، هذا الشهر الفضيل، الذي تترك فيه طعامك وشرابك لله، فكيف يترك الإنسان طعامه وشرابه ثم ينهزم وراء السيجارة؟ أو ينهزم وراء مشروب أو ينهزم وراء عادة سيئة؟
إننا بحاجة فعلاً إلى أن نبعث هذه المعاني، ونتمنى أن تذهب إلى حرم الله، تجلس هناك، تفطر على زمزم، وتتسحر ومعك زمزم، وتصلي مع الإمام، وتتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن هذا علاجٌ تحتاجه الدنيا من أولها إلى آخرها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، مع ضرورة أن تتابع مع طبيب عنده دين وحرص.
ونسعد بتواصلك مع الموقع وبسماع أخبارك، فأمرك يهمُّنا، ونحن أحباب لك، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، ونشكر لك التواصل مع الموقع.