حرماني من الاستمرار في التعليم انعكس على حياتي الزوجية بالتعاسة
2014-06-25 01:49:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أحب أن أشكركم هذا الموقع القيم، جعله الله في ميزان أعمالكم، وأشكر لكم سعة صدركم.
أنا سيدة بعمر 25 سنة، متزوجة وأم لطفلين، أحدهما عمره ثلاث سنوات والآخر سنة ونصف، وحالتي أنني لا أشعر بمتعة الحياة، وغير راضية عن أي شيء في حياتي، وغالبا مزاجي متقلب، فأنا حساسة جداً في تعاملي مع الناس، وحتى مع زوجي، فعندما ينتقدني أحد أشعر بحالة من الإحباط الشديد والحزن، وأتمنى أن أنام طيلة اليوم، حتى أخرج من هذه الحالة، وأحياناً أظل أبكي حتى أنني أشعر بالهزال، وتأتيني دوخة شديدة، وحرقة في رأسي، وأشعر بزغللة في عيني، فزوجي كثير النقد والتعليق علي أي شيء، ويقول لي: لا بد أن تعودي نفسك على ذلك، ولا تأخذي كل شيء بحساسية، ويقول لي: أنت نكدية وتزعلين من فراغ، وأنا أصبحت لا أثق في نفسي، ولا شيء يسعدني بالرغم من أنني قبل الزواج كنت دائماً متفوقة، ومن الأوائل في مراحلي التعليمية كلها، وكان عندي طموحات كثيرة جداً، وكنت أحب المذاكرة، وكنت أود أن أظل طيلة عمري أتعلم، ولكن عندما تزوجت بعد تخرجي مباشرة، قال زوجي: انسي الكلية، أنت انتقلت لمرحلة جديدة، اهتمي بزوجك وأولادك، وهذه أسمى رسالة.
كان تركيزي عاليا جداً، والآن أصبح تركيزي ضعيفاً جداً، وصرت كثيرة التشتت، وسريعة النسيان، وهذا يزعجني كثيراً، وأصبحت عصبية جداً على أولادي، وأصرخ بهما دائماً، حتى أنهما أصبحا عصبيين ومشاكسين، ولا أحتمل تصرفاتهما، وأجري وراءهما وأضربهما، وابني الكبير الكل يشتكي منه في الحضانة، لعنفه وحدة طباعه، وأتمنى أن أعبر عن غضبي بطريقة لائقة، حتى يكتسبا هذا السلوك، وأريد أن يثقا بنفسيهما.
كان أهل زوجي يحبونني كثيراً، ويمدحونني لزوجي، والآن أصبحت أشعر أنه لا أحد يحبني، لأنني أصبحت حادة الطبع، وأحيانا أنفجر فيهم غضباً، ولا أحب أن أختلط بهم، وعندما أجلس معهم، أخشى أن ينتقدني أحد أو يهزأ بي، لأنني لا أرد ولا أبين زعلي، وأنا في شغلي أيضا أحب أن أستمع فقط، ولا أتكلم وأحس أن الناس تتصيد أخطائي.
منذ فترة أصابني اكتئاب وقلق وتوتر، استمر معي شهوراً، ولكن زوجي رفض ذهابي لطبيب نفسي، إلا عندما أتتني آلام متنقلة في ظهري، ودوخة شديدة، فألحيت عليه أن أذهب لطبيب نفسي، وقال لي الطبيب: هذه أعراض نفسية، وكتب لي سيسيرين وكالميبام واميبريد، وتحسن مزاجي كثيراً، وصرت طبيعية جداً، وهادئة جداً، وبعد شهرين من العلاج، زوجي قال لي توقفي عن العلاج فتركته.
وآسفة للإطالة، وأرجو منكم الرد، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الواضح أنك تعانين من اكتئاب نفسي، فالأعراض هي أعراض الاكتئاب، واستجابتك لمضادات الاكتئاب كانت رائعة جداً، وسبب هذا الاكتئاب من وجهة نظري أنك تعيشين في صراع وتناقض مع نفسك، هذا الصراع والتناقض سببه أنه كانت لك تطلعات كبيرة حول التعليم، وحين قال لك زوجك أو قرر معك أن تنسي الكلية وتنتقلي لمرحلة جديدة وهي أن تهتمي بزوجك وأولادك وهذه أسمى رسالة، هذه الرسالة رسالة قوية، وبكل أسف أنت أخذت الجزء الأول منها فقط، وهو انسي الكلية، ولكن إذا تمعنت وتفحصت ما قاله لك زوجك الكريم، بل نصحك به وهو قبول المرحلة الجديدة والاهتمام بها، وهي مرحلة هامة جداً.
إذاً سبب اكتئابك هذا هو هذا التناقض، وعدم قدرتك على التكيف، عدم قدرتك على التواؤم، والأمر في غاية البساطة من وجهة نظري يجب أن تكون قناعاتك مطلقة، أنك يمكن أن تعيشي حياة سعيدة بمزيد من الاهتمام بزوجك وأولادك، والعنف الذي يظهر من ابنك في الروضة ربما يكون انعكاساً لعدم ارتياحه، أو أنك تسقطين غضبك عليه من خلال إبداء النرفزة والصراخ فيه، نقل الطفل هذا المسلك وبدأ يظهره في تعامله مع بقية الأطفال، هذا يجب أن يكون تنبيهاً كبيراً لك بأنه يجب أن تكوني هادئة، نعمة الزوج والأطفال يجب أن تقدر، أنت إنسانة صغيرة في السن وأمامك مستقبل باهر، حتى وإن فاتك التعليم النظامي، لماذا لا تلتحقين ببعض الكورسات وتحصلين على بعض الدبلومات من هنا وهناك، أو تذهبي لمراكز تحفيظ القرآن، هذا برنامج رائع جداً، وأعتقد أن زوجك الكريم لن يعترض عليه.
إذاً هذا هو علاجك، البحث نحو تواؤم وتكيف جديد يقوم على مبدأ الأفكار الإيجابية والمشاعر الإيجابية والأفعال الإيجابية، وفي ذات الوقت إن استمرارك على مضادات الاكتئاب لفترة أخرى لا بأس به أبداً، لكن يجب أن تدعمي الجوانب السلوكية التي تحدثنا عنها، حتى تمثل دعماً نفسياً أساسياً، وتمنع عنك الانتكاسات ويستمر التعافي -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.