من تعرض لحرمات الناس..هل يمكن أن يبتلى في حرماته؟
2024-02-03 23:36:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة وبركاته...
سؤالي بسيط جدًا لكن لم أجد له جوابًا مقنعًا.
أنا الحمد لله متدينة، وكنت قبل فترة دائمًا أتابع محاضرات لشيوخ معروفين، ولكن هناك شيء لم يقنعني، وكل الشيوخ تقريبًا يتفقون على هذا المثال، حتى بت أستهزئ بهم وبأسلوبهم، نعم أعلم حكم الاستهزاء بالشيوخ والعلماء، لكن من فضلكم أجيبوني، سأكتب المثال بنفس الصيغة التي دائماً أسمعها: إذا لعبت على بنت وأخذت صورها ونشرتها وهتكت عرضها؛ ستدور الأيام ويأتي من ينشر صور أختك أو ابنتك أو زوجتك.
يعني إذا أنا إنسانة عادية، وديني يقوم على الأركان الخمسة، وزوجي - أو أبي أو أخي - يعرف بنات، أو عنده صور بنات، أو ارتكب بعض الكبائر، فهل يجب أن أقع أنا في الخطيئة بسبب زوجي - أو أخي أو أبي - ببعض ما فعله؟ دائمًا كلما خطر في بالي صوت أحدهم يقول انتبه، فالذي تفعله حرام وسيعود على أهلك، وقتها أتذكر هاتين الآيتين: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [سورة الزمر:7]، {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رهين} [سورة الطور:21].
فلماذا لا يوجد من الشيوخ من يقول إن هذا المثال حرام، وإننا نقول ذلك فقط لنخيف به الشباب من الوقوع في المعاصي؟
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمةَ- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
وفي البداية نود أن ننبهك - أيتها البنت العزيزة – إلى أن ما ذكرته عن بعض الشيوخ أو الدعاة، من قولهم بأن الإنسان إذا وقع في هتك حرمات الناس، والاعتداء على أعراضهم؛ فسيعاقبه الله تعالى بمثل تلك السيئة، هذا الكلام لا ينبغي أبدًا أن يكون سببًا للسخرية من هؤلاء الشيوخ والدعاة إذا قالوه، لأنه كلام مُتداول، وقد رُويتْ فيه أحاديث ولكنها مكذوبة عن النبي (ﷺ) لم تصحّ، ونحن نوافقك الرأي بأن الإنسان لا يؤاخذ بذنب غيره، وهذه قضية محكمة في كتاب الله وفي أحاديث رسول الله (ﷺ)، فـ {لا تزر وازرة وزر أخرى}، ولكن لا يبعُد أن يعاقب الله تعالى الزاني أو المنتهك لحرمات الناس، لا يبعد أن يعاقبه الله تعالى بأن يُسلِّط الشيطان وهوى النفس على بعض حُرماته، فيُزيِّن المعصية لنفس فاعلها، فتأتي زوجته بالمعصية عن طواعية منها وحُبٍّ فيها فتبوء بالإثم، ولكن في حقيقة الأمر كان ذلك جُزءًا من العقاب لذلك الزاني.
فهذا ليس بعيدًا عقلاً ولا واقعًا، يمكن أن يحدث ذلك، وحينها إذا عُوقب الفاعل إنما يُعاقب بفعله لا بفعل غيره، ولكن هذه ليست قضية مضطردة، فقد تحصل وقد لا تحصل، ولكن على كل حال ليس في الأمر ما يدعو إلى السخرية والاستهزاء، ولا ينبغي للإنسان المسلم أن يهزأ بأخيه المسلم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11]
ويكفي - أيتها البنت الكريمة – بأن يرد الإنسان الشيء الذي لم يأتِ به الشرع، ولا تُؤيده آيات القرآن وأحاديث الرسول (ﷺ) يكفي أن يردَّه، ولا يُسلِّم له، ولا يعمل به، ولا يعتقد صحته، فهذا كافٍ، دون حاجة إلى مزيد على ذلك من السخرية بقائله – أو نحو ذلك – مع أن الكلام في جُملته يحتمل أن يكون صوابًا على التوجيه الذي وجّهناه.
نسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا، وأن يوفقك لكل خير.